السبت 2024/11/23 الساعة 01:46 AM

بين الدبلوماسية الناعمة والخشنة.. أين يتجه التصعيد الأميركي الصيني؟

الخميس, 23 يوليو, 2020 - 09:37 مساءً
بين الدبلوماسية الناعمة والخشنة.. أين يتجه التصعيد الأميركي الصيني؟
المهرة خبور -  الجزيرة نت

أخذت مظاهر التوتر في علاقات الولايات المتحدة بالصين منحى جديدا يرتبط بالأدوات الدبلوماسية سواء في صورتها الناعمة الهادئة أو تلك العقابية الخشنة.

ولم يتوقف التصعيد الإعلامي والسياسي أو العسكري بن الدولتين خلال الأسابيع الأخيرة، والتي كان من أوضح مظاهرها هجوم منسق من قيادات إدارة الرئيس دونالد ترامب على الصين.

تزامن ذلك مع إرسال المزيد من القطع البحرية العسكرية الأميركية لبحر الصين الجنوبي، قبل أن تعلن واشنطن عدم شرعية ما تقوم به الصين من تمدد وتوسع في مناطق بحرية محل نزاع مع جيرانها الإقليميين.


- إغلاق بعثات دبلوماسية

ولم يستبعد ترامب إقدام بلاده على إغلاق المزيد من البعثات الدبلوماسية الصينية في الولايات المتحدة. وكانت واشنطن قد صعدت من درجة التوتر بإعلان وزارة الخارجية الأميركية إغلاقها القنصلية الصينية في هيوستن، أكبر مدن ولاية تكساس وخامس أكبر مدينة أميركية يهدف "حماية الملكية الثقافية الأميركية ومعلومات الأميركيين الخاصة".

وربطت تقارير صحفية بين إغلاق القنصلية وتوجيه وزارة العدل الأميركية أمس تهما بالتجسس لقراصنة إنترنت تقول إنهم على صلة بالاستخبارات الصينية سعوا لسرقة أسرار تجارب جارية بخصوص لقاح ومصل فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في عدد من المعامل الأميركية.

وذكر بيان لوزارة الخارجية أن "اتفاقية فيينا تنص على احترام دبلوماسيي الدول قوانين ونظم البلد المضيف، ومن واجبهم عدم التدخل في الشؤون الداخلية لذلك البلد".

كما أشارت تقارير إخبارية إلى لجوء باحثة صينية -ادعت انها طالبة- للانضمام لبرنامج بحثي متطور في جامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا، على الرغم من كونها باحثة تعمل لحساب الجيش الصيني في مجال الأبحاث الطبية.

وتم التحقيق معها حول قيامها بأعمال تجسس تحت غطاء إجراء أبحاث علمية، وتعتقد السلطات الأميركية أن الحكومة الصينية توفر "مأوى آمنا" لعملائها في الولايات المتحدة، وتحاول منع مقاضاتهم أمام المحاكم.

وكانت واشنطن استحدثت منذ مايو/أيار السابق قواعد جديدة تقيد منح تأشيرات دراسية لطلبة الدراسات العليا الصينيين الذين تعتقد أن لهم صلات بالمؤسسة العسكرية الصينية.


- رسالة حازمة للأميركيين

في الوقت ذاته، أصبح الإعلام ساحة مواجهة صينية أميركية، بادرت واشنطن بمعاملة وسائل إعلام رسمية صينية معاملة السفارات الأجنبية وخفضت عدد الصحفيين المسموح لهم بالعمل داخل الولايات المتحدة إلى 100 صحفي من 160 صحفيا. وردا على ذلك طردت الصين حوالي عشرة من صحفيي وسائل إعلام أميركية.

وظهر السفير الصيني لدى واشنطن تسوي تيان كاي على شاشة "سي إن إن" قبل أيام ليؤكد أنه "على أميركا أن تتخذ خيارا أساسيا حول ما إذا كان يمكن أن تعيش بسلام مع الصين الحديثة والقوية والمزدهرة"، ومثلت تلك العبارة خلاصة حديث السفير مع فريدي زكريا المذيع اللامع بـ"سي إن إن"، ورأى الكثير من الخبراء أن الرسالة الصينية غير دبلوماسية في جوهرها.

ورداً على سؤال حول مزاعم البعض في الغرب بأن الصين في عهد الرئيس شي جين بينغ أصبحت أكثر قمعا وأكثر رغبة في التوسع، رد تسوي بالقول "على الناس أن يدركوا تماما حقائق عالم اليوم"، وأضاف السفير "إننا بالتأكيد لنا حق مشروع في بناء بلادنا لتصبح دولة حديثة وقوية ومزدهرة مثل دول أخرى في العالم".

وأضاف "اعتقد ان المسألة الاساسية للولايات المتحدة بسيطة جدا"، وهي "هل ترغب في الولايات المتحدة مستعدة او مستعدة للعيش مع دولة اخرى ذات ثقافة مختلفة جدا ونظام سياسي واقتصادي مختلف تماما.. في سلام من أجل تعاون في الكثير من التحديات العالمية التي تواجهنا جميعا".


- دبلوماسية ناعمة

وتمتلك الصين السفارة الأكبر في الولايات المتحدة. وقبل عدة أعوام دشنت سفارة جديدة لها في قلب واشنطن لتصبح أكبر سفارة في العاصمة الأميركية.

وقال مصدر دبلوماسي للجزيرة نت "لقد أحضرت الصين كل مواد البناء، حتى الرمال والإسمنت، من الصين كما أن كل عمال ومهندسي البناء قدموا من الصين لغرض بناء السفارة"، وذلك خشيتة أن يتم تسريب وتركيب أجهزة تنصت لو تركت عملية البناء لشركة غير صينية.

وتعكس ضخامة السفارة قوى الصين الصاعدة، إذ لم تعد السفارة الروسية الأكبر في العاصمة الأميركية ولا الأكثر أهمية.

وتحاول الصين نشر نفوذها ايضا في العاصمة الأميركية عبر أدوات دبلوماسية ناعمة وهادئة، وبين تلك الأدوات صحيفة "تشينا ديلي" التي تعد بمثابة المتحدث الرسمي باسم الحزب الشيوعي الصيني في الولايات المتحدة.

وتنتشر الصحيفة باللغة الإنجليزية أماكن بيع الصحف في معظم المدن الأميركية، وعقدت لصحيفة عدة شراكات تدفع بمقتضاها مئات الآلاف من الدولارات مع صحف "واشنطن بوست" و"وول ستريت جورنال" و"نيويورك تايمز" مقابل توزيعها مجانا مرة أو مرتين في الشهر مع تلك الصحف. كما تنتشر صناديق بيعها في الكثير من ميادين وشوارع العاصمة واشنطن.

وتوزع صحيفة "تشينا ديلي" مجانا على مكاتب أعضاء الكونغرس الـ 535 وتترك عشرات النسخ في مكتب كل عضو للتوزيع على مساعديه ومستشاريه.

وحسب حسب مراقبين، يقرأ الأميركيون على صفحات هذه الصحيفة "بروبوغاندا" دعائية ذات صبغة سياسية عن التقدم التكنولوجي وحقوق الصين الشرعية في هونغ كونغ وتايوان، ولا تتحدث الصحيفة عن مشكلة أزمة مسلمي اليوغور في أقصى غرب الصين، بل ترى أن الإقليم متجانس مع بقية الصين ولا يعرف أي مشاكل خاصة به.


- توعد بالمزيد

وكان مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي قد قام بتوجيه اتهامات غير مسبوقة للصين في صورة علنية خلال كلمة له أمام معهد هادسون بواشنطن في السابع من الشهر الجاري.

وعرض راي صورة قاتمة لتدخل الصين من خلال عملائها في حملة واسعة من التجسس الاقتصادي وسرقة معلومات وبيانات وأبحاث شركات أميركية، إضافة إلى القيام بأنشطة سياسية غير قانونية، واستخدام أساليب الرشوة والابتزاز للتأثير على رجال أعمال أميركيين لتحيق أهداف سياسية صينية.

وقال راي "بلغنا الحد الذي أصبح فيه مكتب التحقيقات الفدرالي يفتح كل 10 ساعات قضية جديدة لمكافحة التجسس تتعلق بالصين. فمن بين ما يقرب من 5000 حالة مكافحة تجسس يجري العمل عليها حاليا في أنحاء البلاد، هناك ما يقرب من نصفها يتعلق بالصين".

وفي ضوء ما سبق لا يتوقع الكثير من الخبراء أن تتيع الصين وأميركا خطوات تهدئة، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية التي أصبح العداء ومواجه الصين أحد اهم قضايا السياسة الخارجية الانتخابية.


اقراء ايضاً