تتحكم بحياتنا.. هل أصبحت الخوارزمية مرادفا للاحتيال؟
[ تتحكم بحياتنا.. هل أصبحت الخوارزمية مرادفا للاحتيال؟ ]
قامت مجلة "وايرد" المتخصصة بالشؤون التقنية خلال هذا الأسبوع بدراسة كل من الخوارزميات والذكاء الاصطناعي، وكيف سيؤدي مستقبلنا القائم على الرموز إلى تغيير العالم.
والخوارزمية هي مجموعة من الخطوات الرياضية والمنطقية المتسلسلة اللازمة لحل مشكلة ما، وسميت نسبة إلى العالم أبو جعفر محمد بن موسى الخوارزمي الذي ابتكرها في القرن التاسع الميلادي.
ونشرت المجلة الأميركية مقالة للكاتب مات رينولدز يتحدث فيها عن الشعور حين تكون "أسيرا" للخوارزميات، ويرى أن صانعي المحتوى على يوتيوب هم أقدر الناس معرفة بهذا الشعور.
ويعد فهم "خوارزمية يوتيوب" وإتقانها فنا غامضا أدى إلى ظهور عدد لا يحصى من الشائعات والمدونات، وصناعة مصغرة من المسوقين والمحتالين الذين يزعمون أنهم يدركون تماما ما يجب فعله لوضع مقطع فيديو على قائمة توصيات الموقع.
وإلى جانب كونها تمثّل طريقا مختصرا نحو الشهرة على شبكة الإنترنت، تشكل خوارزمية يوتيوب تهديدا بالنسبة لمنشئيها. ففي مايو/أيار 2018، وجّه مستخدمو يوتيوب انتقادات لأحد التعديلات التجريبية في النظام الخوارزمي، مشيرين إلى أنه يصعّب عملية عثور الأشخاص على مقاطع الفيديو الخاصة بهم.
وقبل ذلك بأعوام، أي في مارس/ آذار 2012، عندما بدأ يوتيوب بتحديد وقت المشاهدة بدلا من عدد المشاهدات نفسها، اضطر مستخدمو الموقع إلى التفاعل مع هذا التحديث من خلال سحب مقاطع الفيديو الخاصة بهم، والتكيف مع إرادة نظام عجزوا عن التأثير عليه أو حتى فهمه.
انقلاب خوارزمي
قبل عام 2012، لم تكن "خوارزمية" كلمة "سيئة" بالقدر الذي هي عليه اليوم. ويؤكد مؤلف مصطلح "فقاعة المرشح" (filter bubble) إيلاي باريسر أن الخوارزميات تعمل على بناء عالم مريح للغاية بالنسبة لنا على شبكة الإنترنت، يغنينا عن مواجهة عالم مختلف.
وأفاد الكاتب بأنه راوده منذ ذلك الحين شعور بأن الخوارزميات ستتجاوز احتياجاتنا ورغباتنا، وستساعد الجميع على العثور على مزيد من الأصدقاء، وعلاج المزيد من الأمراض، وشراء الأشياء بواسطة طرق أسرع وبتكلفة أقل.
وتسلّلت الخوارزميات على مدى العقود القليلة الماضية إلى كل من المحاكم والمستشفيات والسيارات وحياة الأفراد، ولا سيما في ظل قدرتها على اتخاذ قرارات موضوعية وشاملة من شأنها القضاء على مواطن الضعف البشرية؛ ومن هذا المنطلق، كانت الخوارزميات بالفعل قادرة على تغيير العالم.
وأوردت عالمة الرياضيات هانا فرايو في كتابها بعنوان "مرحبا أيها العالم": "لقد اطلعوا على ما نحبّ وما نكره -تقصد الخوارزميات- إنهم يُملون علينا ما يجب مشاهدته، وما الذي يجب أن نقرأ والأشخاص الذين ينبغي أن نواعدهم، إنهم يتمتعون بالقدرة الخفية على تغيير القواعد بشكل تدريجي وبارع بشأن ما يعنيه أن يكون المرء إنسانا".
ونبّه الكاتب إلى أن الأفراد حاليا يشعرون بشيء من الضيق بسبب قيام الخوارزميات بإعادة تشكيلنا جميعا. وعلى ضوء المعلومات المضللة التي تنشر عبر شبكة الإنترنت، أو الإزعاج الذي تسببه روبوتات مواقع التواصل الاجتماعي، أو عمليات استقصاء المواطنين المشبوهة التي تعتمدها الحكومات باستخدام الخوارزميات؛ فمن المؤكد أن الخوارزميات بعيدة كل البعد عن أن تصبح "الدواء الشافي" الذي اعتقدنا أنها ستقدّمه إلى البشرية.
وأضاف الكاتب أنه خلال هذا الأسبوع ستتعمق مجلة وايرد أكثر في التأثير الذي تحدثه الخوارزميات على البشر والعالم الذي يعيشون فيه.
وستكشف المجلة عن النتائج المحققة من سماح المرء للخوارزميات باتخاذ جميع قرارات حياته نيابة عنه، فضلا عن كيفية تكريس رؤية عمالقة التكنولوجيا القائمة على الخوارزمية للتحيزات والأحكام المسبقة خارج شبكة الإنترنت.
الجزيرة