الخميس 2024/04/25 الساعة 10:53 PM

ليندركينغ، آخر المهتمين بالشأن اليمني

الجمعة, 21 مايو, 2021




بعد ستة أعوام وأكثر من الحرب الدائرة في الساحة اليمنية إثر انقلاب نفذه الحوثيون بالشراكة مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، تبدو اليمن شأناً أمريكياً ينازعه نفوذ إيراني في مجريات الحرب لم تستطع واشنطن تطويعه حتى الآن ولن تستطيع دون تغيرات حقيقية في الوقائع الميدانية العسكرية التي تتحكم بها السعودية وهي الحليفة المفترضة لواشنطن.

أطل المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيموثي ليندركينغ بتصريحات كشف فيها عن أن بلاده تتجه لفرض عقوبات على قياديين عسكريين حوثيين اثنين هما: محمد عبد الكريم الغماري الذي ينتحل منصب رئيس هيئة الأركان ويوسف المداني، الذي ينتحل صفة قائد المنطقة العسكرية الخامس، بصفتهما المسؤولين الرئيسيين عن الهجوم العسكري الذي تنفذه ميلشيا الحوثي الانقلابية على مأرب.

كأن إدارة بايدن تتجه إلى إعادة فرض العقوبات على الميلشيا الحوثية الطائفية، بالتقسيط بعد أن كانت إدارة ترامب السابقة قد فرضتها دفعة واحدة في أفضل قرار اتخذته تلك الإدارة في شأن يخص منظمة أجنبية إرهابية كجماعة الحوثي.

إن أكثر ما لفت نظري في تصريحات المبعوث الأمريكي ثقته بأن الهجمات الحوثية على مأرب لا طائل منها، وهذا في الحقيقة يستند إلى الحقائق الجديدة التي ترسخت في تلك المحافظة، مع التغير في طبيعة التكتيك العسكري للجيش الوطني والمقاومة هناك، الذي بات يرتكز على الإمكانيات الذاتية وعلى إرادة المدافعين عن مأرب بصورة رئيسية، مع تدخل مهم للطيران السعودي يبدو أن الرياض تتفادى من خلاله نهاية غير لائقة لتدخلها العسكري في اليمن، لكنها في المقابل تُبقي على سلوكٍ مدمر لها في جنوب البلاد.

يفترض المبعوث الأمريكي أن السلام سيتحقق إذا قبل الحوثيون بالمبادرة السعودية، وهذا في الحقيقة غير مرض لأولئك الذين يرون السلام مقترناً بنهاية التأثير العسكري والأمني المركزي لهذه الميلشيا الطائفية المدعومة من إيران والتي دعمت بسخاء منذ 2013 لتقوض ربيع اليمن وتنهي النظام الانتقالي الذي أنتجته ثورة الحادي من فبراير/ شباط 2011.

إدارة الرئيس بايدن تواجه اختباراً غير متوقعاً فالثقل الذي رمته في غمار الأزمة اليمنية كان ينبني على نية لتطويع الموقف السعودي أكثر من أي شيء آخر، بعد أن نجح اليسار الديمقراطي في إظهار الحرب على أنها استخدام مفرط للقوة من جانب السعودية ضد الشعب اليمني.

وجميعنا يعلم أن تصوراً كهذا يضر الشعب اليمني أكثر مما يفيده، لأن هذا الشعب يواجه عدواً داخلياً بشعاً يقتل دون هوادة ويرغب في تحقيقه أهدافه السياسية على أشلاء اليمنيين، فيما تبدو الحرب السعودية أقل ضرراً من الناحية العسكرية، فالأهداف منضبطة والأهداف منتقاة وهامش الخطأ لا يبدو كبيراً.

لكن في المقابل تتجلى الكارثة الحقيقية في السلوك السعودي الإماراتي، تجاه اليمن، التي تتمثل اليوم في تآكل السلطة الشرعية والتمكين الممنهج للمشاريع السياسية المعادية لليمن ووحدته ونظامه الديمقراطي التعددي واقتضام الأراضي اليمنية، وفي عدم رغبة السعودية في القضاء على الحوثيين والانفصاليين، وفي العودة إلى المسار السياسي الذي سيعيد اليمنيين إلى أهداف بناء دولتهم الديمقراطية الموحدة والقوية.

لقد نجحت السعودية في التقليل من الاندفاع الأمريكي السيئ نحوها، ليتحول المبعوث الأمريكي إلى منافح عن الموقف السعودي، مع الإبقاء على نية الولايات المتحدة في فتح كامل للموانئ والمطارات اليمنية، لكن ذلك يبقى مشروطاً بقبول الحوثيين بالمبادرة وإلا سيتحول إلى مكافأة للقتلة والمجرمين، وهو ما لا يمكن تفاديه في ظل غياب الإرادة السياسية التي يفترض أن تعبر عنها السلطة الشرعية ومن خلفها الشعب اليمني المخذول.

إنه لمن المؤسف أن تستمر هذه السلطة في حالة التيه الذي دخلت فيها منذ سنوات، إلى حد لم يعد أحد يكترث بشأن وجودها، إذ أن أكثر الأشياء التي قد تلفت النظر إليه، تلك الأنباء التي تتحدث من وقت لآخر عن رغبة الرئيس في العودة إلى اليمن وهي الرغبة التي توقف عن إبدائها بعد أن سمع الجواب ذاته من السلطات السعودية بأن الظروف الأمنية غير مناسبة.

المزيد من ياسين التميمي