عدن السجينة
في عدن اليوم مواطن فقد قدرته على التحمل , واعصاب تالفة , شعور بالظلم والقهر , وفقدان أبسط سبل الحياة الكريمة .
وفيها أيضا سلطة محلية فاشلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى , كل ما تستطيع عمله هو ان تجمع حولها مجموعة أعيان , وتبرر لهم فشلها , وتأخذهم معها كمدافعين عن حق عدن المسلوب أمام السلطة المركزية .
والحقيقة أن عدن تعيش وضع كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى , وهي سجينة لواقع هم سجانوه , الناس فيها طفشت من فشل السلطات بكل مسمياتها , والمشاريع بكل عناوينها , كفرت بكل القيادات ,وهي تدمر تطلعات الشعب والأمة في دولة محترمة , تحترم حق الناس بالحياة والكرامة .
عدن السباقة , التي عرفت الكهرباء 1924م , أول منطقة في الجزيرة العربية تضيء شوارعها بالكهرباء , اليوم تقبع بظلام دامس , ويفقد الناس فيها لشربة ماء نقية , وهذا وحده كافي لفشل سلطة محلية قبل البحث في دور السلطة المركزية .
السلطة المركزية في بلدي تعيش ازمة حرب , وتدخلات أجنبية , فاقدة القدرة على لملمة شتات بلد تقاسمته المليشيات , وقوى العنف والمصالح , بل تفتقد للقرار السيادي , والإرادة الوطنية , نتيجة طبيعية لتجاذب مشاريع غير وطنية , بدعم خارجي , واجندات ومطامع , تستهدف الوطن وسيادته .
وهناك سلطات محلية تحاول أن تحافظ على كيانها , تلملم شتاتها , تضبط إيقاع الحياة في مناطق سيطرتها , ترسخ كيان دولة في حدودها الدنيا , تقوم بتحصيل إيراداتها , و تسخرها في تنمية المحافظة , وتوفير الخدمات العامة , وتحسين مستوى حياة المواطن معيشيا , تخفف من معاناة السلطة المركزية . وهناك سلطات فاشلة لم تقدم للمواطن غير المآسي والآلام , غير الظلم والقهر , وهي جزء من المشكلة العامة للبلد , تسيطر عليها جماعات لا تهتم بالمواطن , بقدر اهتمامها لتثبيت سلطتها على حساب ذلك المواطن , تضع المواطن سجينا في قفص اتهام عليه أن يقدم الطاعة لها , ويطلب منها الغفران , والعمل وفق اجنداتها , او يتهم ويخون , في سياسة فرق تسد , تقسم المجتمع لمجموعة من المنتفعين والمنافقين , ينهبون لقمة عيش المواطن البسيط , يذلونه أشد إذلال , جوع ومجاعة , لا كرامة ولا حرية ولا مساواة ولا مواطنة .
مع الأسف الشديد أن مدينة عدن , الرائدة والتي يعول عليها الناس في أن تكون حاضنة للمشروع الوطني والإنساني , ومصدر التنمية السياسية والاقتصادية , تقع تحت النوع الثاني من السلطات الفاشلة , التي ترفع شعارات , وتهدد وتتوعد , وهي تستثمر سيطرتها على عدن لمشروعها الخاص , وترفض الاعتراف بالسلطة المركزية , أو الاتفاقات والمعاهدات التي تسعى لتثبيت سلطة الدولة المركزية , وتعجز في تقديم مثال دولة .
تصنع الأزمات , وتحقن المجتمع بالكراهية والعنصرية , وعندما يزداد الوضع احتقانا و تأزما , تعود تحشد أعيان ذلك المجتمع ليدافع عنها , أمام سلطة مركزية , لا تعترف بها , وتعيق حركتها , في مفارقة تعكس حجم الأزمة , و الضحية عدن . هل يستسلم المواطن لمثل تلك السلطة , التي تسلبه إيراداته , وتستخدمها في اقتصاد حربها مع السلطة المركزية , وتحرمه من ابسط وسائل الحياة , وتريد منه ان يساندها في معركتها التي تستهدفه , وتستهدف ترسيخ دولة , ليبقى بلا دولة , ولا عدالة , ولا حرية , ولا مواطنة , لا خدمات ولا معيشة , ولا يحق لك ان تسأل أين تذهب إيرادات عدن ؟ لماذا تعطل مقوماتها ومرتكزاتها الاقتصادية ؟ .
احذر أيها المواطن من الاستخدام القذر , لغضبك وطموحك , في مشروع مؤشراته واضحة , يرسخ لواقع اكثر سوءا , تفقد عدن فيه ريادتها , والمدنية والحضرية , لتتحول لمجرد قرية ريفية , تكتظ بالنعرات والعصبية والكراهية والعنصرية , وكل مساوئ ما تعيشه عدن اليوم .