سيدي الرئيس هل لازلت على قيد الحياة ؟!
سيدي الرئيس أنت المتبقي لنا من شكل وفكرة الدولة , وآخر ما أنتجه لنا صندوق الانتخاب الديمقراطي , أي أنك ما تبقى من شرعية دستورية , صمتك معيبا بحقها , وضعفك هو ضعف قيادة المنظومة , وضعف المنظومة يضعف القاعدة , ويدمر أركانها ويفكك أوصالها , قراراتك ما لم تسند دعائم الدولة وتلك الشرعية , تتحول لكارثة حتى تصل لجريمة , يحاكمك التاريخ عليها , ويضعك الشعب موضع الشبهات , فهل تدرك مآلات الضعف من القوة في اتخاذ القرار , وأهمية التفاعل مع الأحداث , والتخاطب المستمر مع الجماهير , إيصال الرسائل الإيجابية , لتصنع حراكا إيجابيا يخدم القضية والمشروع السياسي والثورة والجمهورية والديمقراطية , ما لم تدرك فهي الكارثة , والكارثة الأعظم أن أدركت وأهملت.
عن أي مصير نتحدث , لسلطة مهاجرة , ومستمتعة بالهجرة , هكذا هو شعور الناس , لأنها لم تسمع منك ما يثبت عكس ذلك , ولم تجب على السؤال الذي يردده الأطفال قبل الكبار , أين الرئيس ؟ ولماذا لا يعود لأرض الوطن ؟ وماهي الموانع والأسباب والدواعي ؟ , .....وكثير من الأسئلة التي لم يجد لها الناس إجابات صريحة و واضحة .
سيدي الرئيس , هناك سؤال محوري كبير يتطلب الإجابة عليه , ما الذي يحدث في الوطن ؟ هل قررتم تمزيقه لكانتونات ضعيفة وهشة ؟ ليسهل ابتلاع ما يمكن ابتلاعه , وتدمير ما يمكن تدميره , وتسليم ما تبقى لعصابات ومليشيات متناحرة , تتكفل في عملية العبث والتدمير الذاتي .
سيدي الرئيس , لم تتخلق تلك الطفيليات التي تعبث بحياة الناس في المناطق المحررة , دون قرارات كانت المفتاح لهذا التخلق , دون تهاون في صناعة الحواضن ,والأسباب والمسببات , دون إضعاف واضح لفكرة الدولة , وإصلاح مؤسساتها , وتدعيم أعمدتها , وضبط إيقاع الحياة العامة , بنظم وقوانين الشرعية التي تمثلونها , فترك الحابل بالنابل , وتخلقت فيروسات العنف , وفتحت منافذ تغذيتها أمام أعينكم , حتى صارت ندا لكم , تنازعك السلطة , واليوم صرتم الحلقة الأضعف , وصرنا ضحايا هذا الضعف , وضحايا فيروسات العنف وعبثها .
سيدي الرئيس , هل لازلت تعيش ؟, ومستمتع بمضجعك في المهجر ؟, وهل تصلك أخبارنا ؟, هل تعلم أن الجيش الوطني الذي يقاتل لاستعادة شرعيتك بدون مرتبات , وأن عددا مهولا من الموظفين المدنيين والعسكريين ورجال الأمن بدون رواتب , وما يصرف من رواتب بمعدل مائة دولار للفرد لا تكفي باحتياجات الحياة البسيطة لأسرة لتعيش أسبوع واحد دون أن تجوع و تتضور جوعا .
هل تعلم أن الريال اليمني في المناطق المحررة , وصل لحدود ألف ريال , والأسعار في ازدياد مستمر , والجوع يهدد سكان المدن والأرياف , والمجاعة صارت واقعا , وإن عدن صارت قرية , تفتقد للكهرباء وشربة ماء , وأمن وأمان , وسكانها يتركونها مهاجرين , باحثين عن حياة أفضل , ومصير أجمل من مصيرها التعيس , باعوا ممتلكاتهم ومساكنهم , وذهبوا باحثين عن أرض تحميهم وتستوعبهم , وتوفر لهم شيء من الكرامة الآدمية والإنسانية , يؤمنهم من خوف ويطعمهم من جوع , وتوفر لهم أبسط سبل الحياة الآدمية.
سيدي الرئيس , كلهم يتنصلون عن المسئولية , ويرمونها لعرضك , أنت الرئيس , وأنت الشرعية ,وأنت الدولة , وهم يسوقون انفسهم حركات ثورية , امتطت الثورة لتعطل مسار التحول الثوري , والمستقبل المنشود .
ففشلوا في أن يكونوا البديل الثوري , القادر على تغيير حقيقي على الأرض , فاشلون و جاثمين على صدور الناس بالعنف والبندقية , ويصنعون من تلك البندقية برلمانا لهم , ومؤسساتهم وسطوتهم على الناس , وتكميم أفواههم , وتقييد حريتهم , بالبندقية يسطون على المؤسسة , وينصبون عليها مناصر , لتتحول لوكر من المناصرين الغير مؤهلين , وتدمر ويخسر موظفيها رواتبهم ولقمة عيشهم ,وهكذا دمرت مؤسسات وتركت خراب تسكنها الفئران والغربان.
أخيرا سيدي الرئيس , كنت أفضل أن تزورنا ولو للحظات , لترى وضع اللاجئين , والخيم يلتحفون السماء ويفترشون العراء , لترى الفقر والتشرد والتسول , لترى حالة الجرحى و وضع أسر الشهداء ,وتقول لنا ما يحدث في ميون وسقطرى , وتطمئن الإنسان الذي يعتريه الخوف والجوع في وطن أنت ولي أمره ومحاسب أمام الله قبل الدستور والقوانين الوضعية.
المقال منقول من المهرية نت