النعامي ضحية أيضاً
ضحية واقع تكرست فيه ثقافة الموت والمقابر الأنيقة المكللة بالورد والآيات و جثث الأطفال .
في اللحظة التي قتل فيها بناته أظنه كان محتشداً بكل مشاعر الأبوة و الحب والحرص والحنو والخوف .
هي لحظة قاسية تلك التي يضعك فيها تهديد المؤجر بمواجهة مصير مرعب ومجهول لثلاث بنات زغب الحواصل لاماء ولاشجر . هكذا تفضي الحروب المترهلة وغير المحسومة في نهايتها إلى اللا شئ .
أظنه كان في ذروة الحنو الأبوي والطيابة وهو يقدم على دس زهراته الصغيرات في ماء بارد ، في لحظة عائمة لايمكن عندها التفريق بين الدم والشاي الأحمر .
وهناك حدث ما حدث .
فما ظنناه نحن جريمة قتل وعملية إغراق بتوحش ، كان النعامي على يقين من أنه يقوم بالواجب تجاه بناته ، كان يمد إليهن طوق نجاة من الحياة ، ولم يكن الطوق سوى الماء نفسه .
هكذا قرر النعامي أن يفعل شيئاً من أجل بناته ، أن ينقذهن من عراء الشوارع وتهديدات المؤجرين وأن يظللن دوماً بجواره وتحت حمايته .
كل ما فعله النعامي هو أنه مدَّ يديه من بين الماء واجتذبهن واحدة تلو الأخرى إلى جواره في برزخ كان هو قد سبقهم إليه .
كان ميتاً تماماً وهو يقوم بعملية إنقاذ ، سيؤلمه كثيراً أننا اعتبرناها جريمة إغراق ، بوحشية .
*من صفحة الكاتب على الفيس بوك..