السبت 2024/04/20 الساعة 05:17 AM

عن "ضياء الحق" الكبير في مواجهة "ظلام الباطل" !

السبت, 23 أكتوبر, 2021



ليست تعز وحدها المدينة لرجل مثل "ضياء الحق السامعي" بل كل اليمن. 

لم يعش "ضياء" عمرا طويلا بمقياس السنوات والزمن، لكنه عاش أعمارا طويلة بمقياس الفعل والأثر والذكر الحسن! 

خطيب أول جمعة في ثورة فبراير في عموم البلاد، يوم أن كانت الأعداد تحصى وتحصر، وأدوات النظام تلاحق وتستعر، قبل أن يصلي كل الناس بعدها خلف "ضياء الحق"! 

مضى في "إعداد" الشباب الحر الثائر، المثقف المثابر، بشتى الوسائل..
لا أتذكر أنني التقيت شابا من مديريته خصوصا المتفوقين منهم والمميزين، دون أن يكون قد مر من مدرسة ضياء، الذي كان بيته ولا زال سكنا للطلاب، وضيافة للمسافرين، ومجلسا مفتوحا للجميع، بما في ذلك من يختلفون معه. 

أنشأ معهدا مجانيا للدورات العلمية والإعداد والتأهيل واللغات لخريجي الثانوية، ثم أكاديمية مصغرة..
أسال ماء وجهه باحثا عن تمويل، وكان يمشي بحذاء قديم يكاد يتمزق، ويستدين لأجل "عزومة غداء" في منزله لطلاب وصلوا لتوهم باحثين عن شخص يدعى " ضياء الحق الاهدل  

في كل فعالية مهما كان نوعها تجد ضياء، في كل مناسبة اجتماعية تحضرها تجد ضياء، في كل عرس، عزاء، حفل تخرج.. 
وعند كل صلاة تجد ضياء في كل مسجد يكون بالقرب منه حين الأذان. 

تقف واجما، تتساءل: كم نسخا لدى هذا الضياء، ليفعل كل هذا؟! 

بإمكانك أن تختلف مع الجميع، سوا ضياء 
يحاول معك، يأتيك من هنا وهناك، يقنعك حتما، بابتسامة عريضة لا تدع لك فرصة في عدم الإرتياح لهذا الرجل. 

أتذكر في ساحة الحرية، يوم كانت تحدث مشكلة بين الشباب من كل الانتماءات وتستعصي على الجميع، حينها يسلم الأمر لضياء، البسيط الذي حين يمر في الشارع وحيدا، لا يحمل إلا "مشدته" على كتفه، لا تصدق أدواره بين الكبار! 

يوم أن خرج الفأر الحوثي من كهفه، حتى وصل مشارف تعز بعد انقلابه على الدولة وسيطرته على عاصمتها، وقف الجبل "ضياء" على أطراف مدينته، يومها كان من أوائل من نظموا المسيرات الإحتجاجية التي واجهت الحوثيين أمام معسكر الأمن المركزي في جولة القصر، حتى جوبهت بالرصاص وسقط ضحايا. 

كانت تلك أولى شرارات المقاومة في البلاد..
 حينها أعلن الرجل الكبير "حمود المخلافي" تشكيل المقاومة الشعبية، التي لم يتأخر "الضياء" في حمل المسؤولية فيها، كعادة الرجال الكبار، فكان ممن أسسوا "مجلس تنسيق المقاومة" وهو المجلس الذي كان نواة لانتفاضة اليمنيين ومقاومتهم للسعار الحوثي الإيراني، وانتفاضة السلالة اللعينة! 

وفي عمق أوجاع الأسرى والمختطفين وحفلات التعذيب في سجون الحوثيين ومعاناة أهاليهم التي تشيب لهولها الولدان، كانت المهمة ثقيلة وعظيمة، لذا لم يكن لها إلا ضياء..

أتم عدة صفقات تبادل، كان يستقبل الكبير والصغير، يبكي مع أم ذاك المختطف، ويساعد شقيق هذا، ويخفف عن أولئك..
كانت آخر تلك الصفقات قبل أيام فقط، والتي تم بموجبها إخراج 130 من المختطفين في سجون المليشيا الحوثية، بعضهم قضى أكثر من 6 سنوات من الأسر والإختطاف، ذاق خلالها شتى صنوف العذاب. 

واليوم يأتي عذاب آخر، لأولئك المختطفين الذين استقبلهم ضياء نفسه والغبار يملأ وجهه في "الأقروض" ، مدخل المدينة الوعر كوعورة قلب الجبان المحاصر لتعز وأهلها 
يأتي عذاب آخر لهم، ولنا، للطلاب المتفوقين، للرجال المقاومين، لرفاق الثورة والحرية والجمهورية والشرف والكرامة.. 

"اغتيال ضياء الحق السامعي القيادي في مقاومة تعز قبل قليل" 

أليس هذا الخبر عذابا مرا، ووجعا لا يطاق؟!

المزيد من طارق البنا