قيامة (الكسارة)
في الكسارة تدور مواجهات شرسة لم تحدث في تاريخ الحروب البتة، وثبات الرجال فيها لم يلقه الحوثي منذ حروب صعدة؛ معركة ذات مواجهات صفرية؛ وصمود الأبطال فيها أشبه بالمعجزة، إذ أن الكهنوت استخدم في معركتها المفصلية مختـلف أنـواع الأسلحة الثقيلة؛ منها : (دبابات؛ ومدرعات، وقاذفات صواريخ؛ ومدفعية)؛ أسلحة لم تدخل خط المواجهة منـذ اندلاع الحرب الجائرة على المحافظـات اليمنـية، وفـوق ذلك فقد دفع بقطعانه على شكـل أنسـاق وحشـود هائـلة؛ إضافة إلى أن المشـرف على سـير عملياتها هو الجنرال الإيراني الإرهابي (حسن إيرلو؛ الحاكم العسكري لصنعاء المحتلة)؛ خطط لها وأدارها منذ البـداية أملا في تحقيق أي اختراق يطوي قلعة الجمهورية، ورغم تلك الامكانات التي لا مقارنة بينها وبين امكانات الجـيش الوطني والمقـاومة الشعبية؛ إلا أن خسائر المعتدين فاقت التوقعات المتصورة؛ وأصابتهم بارتبـاك زلـزل الأرض تحت أقدام المجاميع المليشاوية؛ ونظـرا لما تمثله هذه الجبهة من (قيـمـة) عسكرية؛ فقد أعطتها قيادة الجيش أولوية في الحضـور الميـداني على طول خطـوط التماس الملتهبة؛ وأدارت الملحمة بتنسيق محكم وكفاءة عالية حتى اللحظة،إنها القيامة التي أحالت عرينها إلى صراط ممدود علـى متن الجحيم مَن اعتـلاه ابتلعته ولا كـرامة، هنـاك تحت كل صخرة ماردٌ يُصْلِي العابرين على أشـلاء الضحايا بلا هوادة ؛ وفي كل منعطـف يربـض ألـف قـائـد عملاق لمجالدة جائحة الموت رغم احتشاد الليل لإطفاء آمال شعبٍ ضحى لبزوغ فجرها بألف هامة، إنها القيامة التي أضحت إعصارا صاخبا يعصـف بعنصـرية السـلالة وينسف أعـداء الحرية والحياة السوية، إنها الكسارة التي ترسو عليها ينابيع طُهر تدفّقت من كل البلاد لغسل القذارات المصنوعة على عين السوءة الفارسية، في الكسارة قامات شامخة يحسّون الرؤوس الملتوية ويصنعون من الـ لا شيء معجـزات مبهرة وهم متعلقون بخيوط الرفعة متمسّـكون بأصالة الانتماء للهوية، يصوغون تاريخ العلا والعز بالدماء الزكية ويروون أرض الجنتين من الجباه المشرئـبَّة؛ بهم يُنتزع الحق من أشداق الأفاعي ويأبى الله إلا أن يتم نوره؛ وفيهم نشدو مباهين بقول الشاعر اليماني (صقر القحفة) :
هنـا مـأرب الأحــرار هـذا سـدّها
المعطاء؛ هذا العطر منها والعبَقْ
هنـا قبـلة الثـوار يوجـد ثـائـرٌ
من كـل شـبرٍ من ربـاها لا يُشـَقْ
هنا مهبـط الأقيـال هذا شاطئ
الشرفاء، هذا الحبر فيها والورقْ
بـيــدٍ.. تــقـــاتـل مـن أرادوا ذلّـهـا
ويـدٌ على رفّ الكتاب تريـد حقّ
يا كل من وثَبَتْ على جثثِ الدُمى
رجلاه، ثم مضـى بعـزمٍ وانطـلَقْ
هذي عصا شعلان خذها لا تخف
واضرب بها فمصير فرعون الغرق
اضربْ.. فديتُ يديكَ وارفع رايةً
نُسجـت على ترتـيل غافر والفلق
اضـــربْ .. فـخلـفـكَ أمـةً مقهـورةً
خرجت من الظلمات تحلم بالشفق
كن صخـرةً إن حــاول الحوثي أن
يأكل حذاءك غُصّ منها واختنَقْ
وإذا أتــتــك جــيـوشـهــم جــرّارةً
قفْ شامخا كجبال كوْفِل والبَلَقْ.