الجمعة 2024/04/19 الساعة 12:51 PM

هذا ما سيحدث إذا توقفت السعودية عن دعم شرعية اليمن

الثلاثاء, 30 يونيو, 2020

بدون مقدمات سندخل في موضوع اليوم وهو ما الذي سيحدث إذا ضاقت السعودية بتقهقر الشرعية التي تدعمها في اليمن، وعدم تحقيق المملكة لأي انتصارات، والدوامات التي تغزل بالمملكة الواحدة بعد الأخرى تدوخها وتغرمها وتسيئ لسمعتها.

**
أولا: وصمة الهزيمة
**

سيسجل العالم وكتاب التاريخ الذي لا يجامل ولا يباع ولا يشترى بأن السعودية تلقت الهزيمة في أول حملة عسكرية خارج أراضيها قامت بها في حياتها.

وربما تكون الحملة العسكرية الوحيدة والأخيرة في حياتها.

**
ثانيا: وصول طائرات وسفن إيران إلى مطار صنعاء وموانئ الحديدة والمخاء وعدن والمكلا
**

ستصل مطار صنعاء ثاني يوم انسحاب السعودية، الطائرات وبداخلها الفستق والفالوذج الإيراني وخبراء الحرس الثوري الإيراني، وشيعة جنوب لبنان، وعلويون من سوريا، وحشد شعبي من العراق، وزينباويون من باكستان، وفاطميون من أفغانستان.

سيضعهم الحوثيون كلهم في منصة الشرف في أعظم احتفال شيعي في التاريخ وبأبرع رقصات الخناجر و "البَرَعْ" والطبول والمزامير والزوامل الحماسية والألعاب النارية التي ستطير إلى أعالي السماء ليلة بعد ليلة وسط قراح الملايين من طلقات الرصاص ومدافع مضادات الطيران وكل ما يخطر على البال من وسائل الاحتفال من أيام بيرسيبوليس الإخميدية والإمبراطور داريوس العظيم الذي بنى ورصف الطرقات من الهند وعبر إيران ووسط آسيا حتى الأناضول وصولا إلى أثينا اليونانية.

سترتسم ابتسامة عميقة على وجوه ملالي إيران في منصة احتفالات والعروض في ميدان السبعين في صنعاء وهم يرون أن مجد فارس الإمبراطوري ينبعث على أيديهم.

سيسجل التاريخ استيلاء الجعفرية الإثني عشرة على ألفين من الكيلومترات من الشواطئ والجزر المطلة على البحر الأحمر والمحيط الهندي، ولن يتخلوا عنها وربما إلى الأبد.

وسيتم تغيير وجه وعمق اليمن إلى 40 مليون إنسان يلطمون وجوههم ويبكون في في ذكرى عاشوراء ومقتل الحسين في كربلاء، ثم ينكَبُّون باقي السنة على صناعة طائرات المسيرات المفخخة والصواريخ المجنحة ويدربون مئات الألوف من الجيوش والقوات الخاصة استعدادا ليوم أكبر تتغنى به وتبشر به- منذ زمن- حسينيات قم في إيران وملازم الحوثي في صعدة من وسط مرَّان.

ستصبح اليمن التي سيغسلون مخها ويعبثون بهويتها قلعة حربية بها نسخ كاملة من كل مصانع إيران الحربية وسيصبح المخزون البشري الهائل من الجوعى، جيوشا جرارة من الملاحيس والمداليز يقذف بهم الحوثيون إلى حيث تقرر وتشاء طهران.

وستكتمل محاصرة المدينة المنورة ومكة المكرمة ومنشآت أرامكو وحقول النفط السعودية من الأربع الجهات.

وستصل بواخر وسفن إيران موانئ اليمن في الشمال والجنوب محملة بالنفط المجاني الذي لا يشتريه أحد الذي سيعتمد عليه كل سكان اليمن بينما يبيعون بترول وغاز مارب وحضرموت الأعلى جودة للحصول على الأموال بالعملات الصعبة.

إيران والحركة الحوثية، سيسيطرون على ما تبقى من شمال اليمن وكل الجنوب في غمضة عين وبدون طلقة رصاص واحدة.

وإذا تدخلت الإمارات "إسبرطة الجديدة" فسيتم كتمها برذاذ عطسة حرس ثوري أمام ميناء الفجيرة أو تحت برج خليفة في دبي.

سيرتكز الحوثيون على "العصبية" الهاشمية المهووسة بأحقية الحكم، وعلى ميراث الإمامة في التلاعب بالقبائل وتسخيرها، وسيعود مشائخ القبائل لتقبيل الركب والمسك بلجام بغل "السيد" مقابل إطلاق أيديهم على استغلال "الرَّعية" والمدنيين في اليمن.

وسيحكم الحوثيون قبضتهم على اليمنيين بعودة نظام "الرهائن" و "الخطاط" والعقاب الجماعي والخطف والإخفاء القسري وتفجير البيوت مع استجلاب كل فنون الإمبراطورية الفارسية القديمة وأساليب الحرس الثوري الجديدة من ابتكارات الباسيج واللجان الشعبية و "المشرفين".

ولن تنتفض اليمن ضد هذا الكتم والكبت وضد هذا التغيير الشامل للهوية ولا حتى بعد 100 عام، هذا إذا قامت لها أي قائمة من جديد.

**
ثالثا: البدء بضرب السعودية تحت الحزام
**

الإيرانيون، أبرع من يحيكون السجاد.
نسج السجادة، يسبقه جز فروة الكباش، ثم يقوم آخرون بغزلها لتتحول إلى خيوط صوف، وآخرون يخلطون الألوان والأصباغ، ثم يتخيل الحائك الفنان منظر السجادة عندما تكتمل بعد سنوات قبل أن يبدأ العمل.

هذا هو ما عمله صناع السجاد الإيرانيين في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وهو نفسه ما سيعملونه مع السعودية حتى يتزعمها في النهاية سكان الأحساء الشيعة، وتترأس قم على مكة والمدينة المنور ومعها رئاسة العالم الإسلامي، وتلتهم طهران أرامكو أعظم شركات العالم النفطية.

ستنسج إيران خيوطها حول المملكة العربية السعودية بنفس إتقان وبراعة العنكبوت وصانع السجاد الإيراني.

ولن ندخل في مكارحات ومجادلات اليمنيين خاصة والعرب عامة عن المقاومة الشعبية، وحركات چيڤارا التحررية وحروب العصابات، واستدعاء النخوة القبلية، والأمجاد العربية، والدوافع الدينية والمذهبية وكل هذا الزعيق الأجوف الذي لا ينتهي، والذي هو أصلا خطاب قد سبقهم إليه شيعة إيران ولونوه وصبغوه بأنين وحنين كربلائي، وحقنوه بحقد ألف سنة، ثم صدروه للحوثيين وحسن نصر الله وكل الشيعة بكفاءة عالية.

القانون الدولي وضمانات أمريكا وأوروبا بالحماية، لن تنفع السعودية بشيئ أمام نسيج إسقاط المملكة التي ستَنْكب عليه إيران لمدة العشرين السنة التي ستلي سقوط اليمن.

ستكيل إيران والحركة الحوثية اللطمات والركلات الصغيرة لجسم المملكة ليلا نهارا بلا كلل ولا ملل، وبدون أن تحس السعودية. وإذا شعرت باللكمات والتخريب فإنه لن يمكنها أن تصيح منها لأنها صغيرة ولا يوجد هناك ما يستدعي الصراخ منها وستقول لها أمريكا أن تتغاضى لأننا لا نريد خلق مشاكل كبرى بسبب أشياء صغرى، وربما حتى يتغاضى الجميع عن ضربات إيرانية كبرى كما قد سبق وأن تغاضوا ونسوا ضربات إيران لمنشآت أرامكو في خريص والبقيق.

**
رابعا: هل تريد السعودية الخروج من مستنقع اليمن؟
**

نعم، السعودية تتمنى إنهاء الحرب في اليمن.

وقد حاولت السعودية مع الحوثيين، وحاولت عن طريق العمانيين، وحاولت عن طريق البريطانيين، وحاولت عن طريق الأمم المتحدة أن تخرج من مستنقع اليمن.

ولكن باءت كل محاولات السعودية للخروج من اليمن بالفشل.

**
خامسا: هل تريد إيران إنهاء حرب اليمن؟
**
لا، إيران لا تريد إنهاء حرب اليمن ولا خروج السعودية منها.

إيران، ترى في المملكة ضحيتها التالية بعد الدول العربية الأربع التي قد التهمتها.

إيران، قد نسجت خطتها على أن يقوم الحوثيون بنهش المملكة السعودية بِعَضَّات ولكمات وقرصات وبقصات وإهانات وفقدان لماء الوجه وغرامات مالية ضخمة وإحباطات لا تنتهي من هزائم قوى الشرعية اليمنية التي تدعمها.

الثمن الضئيل الذي تدفعه إيران بتسليح الحوثيين وتزويدهم بالنفط وخبراء الصواريخ والمسيرات لا يهمها مقابل المجد والفخر الذي تنتشي به كل يوم مع كل ضربة حوثية ومقابل التشفي بآلام السعودية ونزف أموالها وإضعافها تمهيدا للحظة كبرى ينتظرونها لتتحقق بعد عشرين أو ثلاثين سنة.

**
سادسا: ما سبب فشل السعودية في اليمن؟
**

السعودية، تريد أن تنتصر في اليمن ولكن في نفس الوقت لا تريد أن يكون الرئيس هادي رئيسا قويا لليمن.

أمريكا وبريطانيا، تصرفتا بنفس الطريقة مع شارل ديجول عندما "استضافوه" في لندن، ولكن الأمريكيون والبريطانيون جهزوا جيوشا هائلة من أبنائهم وحرروا فرنسا بتضحيات هائلة.

ومع هذا عاد ديجول، وعادت معه الوطنية الفرنسية الممتزجة بامتعاض شديد من الذين حرروهم وضحوا يأبنائهم من أجلهم.

والسعوديون، يريدون أن ينتصروا بدون أن يذهبوا بجيوش هائلة إلى اليمن وبدون أن يضحوا بأي من أبنائهم وفي نفس الوقت ينزلون من قدر رئيس اليمن ومن الوطنية اليمنية، ويسمحون للإمارات بمنع طائرته من الهبوط في مطار عدن، ويغضون عن تشكيل حراس للجمهورية في المخاء بقيادة طارق صالح الذي سبق أن انقلب على الرئيس هادي مع عمه الرئيس السابق ومع الحوثي في صنعاء، ويتعاملون من انقلاب المجلس الانتقالي في عدن الذي أنشأته تموله وتسلحه الإمارات، وتفرجت على أتباع الإمارات وهم يستولون على جزيرة سقطرى.

كل هؤلاء الذين تولدهم وتربيهم وتسلحهم دولة الإمارات، لا يعترفون برئاسة هادي ولا بالشرعية وحتى ولا باليمن، وهم إهانات مستمرة للوطنية اليمنية.

كيف يمكن للسعودية أن تنتصر وهي لا تجهز جيوشا من أبناء شعبها، وفي نفس الوقت تسمح بجرح الكرامة اليمنية وهدم الوطنية اليمنية.

وفي نفس الوقت يبهذلون ويهينون الشرعية اليمنية التي هي في ضيافتهم.

كيف يمكن أن تنتصر الشرعية اليمنية برئاسة هادي بينما لا يسمح له التحالف الذي يدعم شرعيته من القيادة؟

كيف يمكن للرئاسة اليمنية أن تقود اليمن، وهم يضعونها في موضع الإستهزاء من مؤيديها وأصحابها قبل أعداءها وأعداء اليمن.

**
سابعا: اليمنيون وحدهم، هم من سينقذ اليمن والسعودية
**

اليمن تحتاج السعودية، والسعودية تحتاج اليمن.

نحن لا نريد أن يحارب إخواننا في السعودية بدلا منا لإنقاذ اليمن.

نحن نحتاج السعودية كالآتي:

1- مساعدة الرئيس هادي ليكون قائدا فعليا لليمن.

الظروف، أوجدت هادي رئيسا لنا.

تعاملوا مع أي رئيس شرعي لليمن معاملة الند والإحترام، حتى لو كان من الجن.

2- عدم تشجيع أو تمويل أو تسليح أي مكون مناوئ أو منكر للشرعية اليمنية.

3- تجهيز جيش وطني يمني.

جيش بعيد عن القبلية والمناطقية والحزبية والفئوية.

ولا يجب التعامل مباشرة مع القبائل ومشائخها إلا من خلال الجيش الوطني الذي يجب أن يكون فعلا يمنيا من كل اليمن ولكل اليمن.

4- قيادة عمليات حربية مشتركة من السعودية واليمن- حصريا وفقط- وهي التي تقوم بإشعال الجبهات حيثما تخطط على انفراد بحسب الظروف أو في كل الجبهات لإنهاك العدو أو عند اللحظة الكبرى والمعركة النهائية.

بهذا وحده، ستنجو اليمن وستنجو معها السعودية.