صحيفة أمريكية تكشف عن مفاوضات سرية إماراتية إيرانية منذ قرابة العام
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن مفاوضات سرية أجرتها الإمارات في العام الماضي مع إيران، دون إبلاغ الولايات المتحدة بذلك.
وذكرت الصحيفة، في تقرير نشرته أمس الأول نقلا عن مسؤولين في الولايات المتحدة وإيران ودول في الشرق الأوسط، أن المفاوضات التي شارك فيها مسؤولون إيرانيون كبار جرت أواخر سبتمبر الماضي في أبوظبي، في مسعى من الإمارات إلى التوصل لاتفاق سلام منفصل مع الجمهورية الإسلامية وتفادي جولة العنف التي كان من شأنها تقويض جهودها المستمرة على مدى سنين لتقديم نفسها كبؤرة استقرار في المنطقة المضطربة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المفاوضات جرت على خلفية بروز تساؤلات لدى بعض حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة بشأن مدى التزام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحمايتهم، في ظل طريقة تعامل واشنطن مع سلسلة الهجمات المنسوبة إلى إيران، بما في ذلك استهداف ناقلات تجارية في خليج عمان وقصف معملين لشركة "أرامكو" السعودية في سبتمبر.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين وغربيين استنتاجهم، أن الإمارات أطلقت هذه المفاوضات بعد أن خلصت إلى أنها لا تثق بشكل كبير بنهج واشنطن تجاه إيران وبإمكانها بنفسها الاضطلاع بدور فريد في تخفيف التوترات الإقليمية.
وذكرت الصحيفة أن السعودية بدورها بادرت في الوقت نفسه إلى دراسة إمكانية تحقيق "اختراق دبلوماسي" مع إيران بوساطة عراقية وباكستانية.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن دبلوماسيين إيرانيين وعناصر في الحرس الثوري قولهم، إن قائد "فيلق القدس" الجنرال قاسم سليماني، (الذي قتلته الولايات المتحدة أوائل يناير الماضي في بغداد) لعب "دورا وراء الكواليس" في تنظيم مشاورات مع كلا الدولتين الخليجيتين.
ولفتت الصحيفة إلى أن المفاوضات الإماراتية-الإيرانية التي علمت عنها إدارة ترامب من تقارير استخباراتية فقط أثارت قلقا بالغا داخل البيت الأبيض، حيث اجتمع أعضاء مجلس الأمن القومي بغية مناقشة عواقب هذا التطور الذي عكس هشاشة الجبهة التي عمل ترامب بدأب منذ أكثر من عامين على إنشائها ضد إيران.
وذكرت الصحيفة، نقلا عن مسؤول استخباراتي في الشرق الأوسط، أن رئيس "الموساد" الإسرائيلي، يوسي كوهين، أكد لوزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أثناء زيارة الأخير في أكتوبر الماضي إلى مقر الجهاز الاستخباراتي قرب تل أبيب، أن إيران نجحت في تحقيق هدفها الرئيسي، أي فك التحالف الموجه ضدها.
يشار إلى أن وفداً عسكرياً إماراتياً رفيعاً وصل إلى طهران في 30 يوليو 2019 لعقد الاجتماع المشترك السادس لخفر السواحل بين البلدين في "إطار التوافقات" حسب وصف بيان الخارجية الإيرانية، وهو ما اعتبره مراقبون حينها أن ذلك تأكيد على تقارب متسارع في العلاقات بين طهران وأبوظبي عقب السحب الجزئي لقوات الاخيرة من اليمن.
وفي منتصف يوليو من ذات العام، لمّح وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف في مقابلة تليفزيونية إلى أن شيئاً ما يتحرك خلف الكواليس بين طهران وأبوظبي، قائلاً: "إن هناك مؤشرات على أن الإمارات بصدد اتخاذ سياسات جديدة في المنطقة، وهذا يصب في مصلحة حكومتها".
وآنذاك كشف المستشار السابق في وزارة الدفاع الإيرانية، أمير موسوي، أنّ مسؤولين إماراتيين زاروا طهران، وأنّ زياراتهم لا تزال متواصلة، قائلاً إنّ "المباحثات بين الطرفين جارية، وثمة مؤشرات حول احتمال حدوث تقارب ما".
وأشار موسوي إلى "وجود فرصة كي تعيد الإمارات النظر في سلوكها"، مؤكداً أنّ اللقاءات والمباحثات بين طهران وأبوظبي مستمرة، متوقعاً التوصل إلى "التوقيع على اتفاقية عدم الاعتداء بين دول المنطقة في حال اتبعت الإمارات سلوكاً مناسباً".
وقال المستشار السابق في وزارة الدفاع الإيرانية "لدي علم بأن الزيارات مستمرة وربما تحقق نتائج"، مؤكداً أنّ أبوظبي "حصلت على تطمينات من طهران بأنها لا تسعى إلى الانتقام منها".
واعتبر موسوي أن الانسحاب الإماراتي من اليمن "خطوة واحدة"، داعياً أبوظبي إلى اتخاذ خطوات أخرى تجاه إيران.
وتتهم الإمارات بلعب أدوار متناقضة في حرب اليمن، ففي الوقت الذي تعلن أنها تدخلت لدعم ومساندة الحكومة الشرعية، مارست على الأرض سياسات خدمت الحوثيين وإيران من خلفهم وهو اتجاه سائد في أوساط اليمنيين المناصرين للشرعية.
وأظهرت الإمارات علاقتها بطهران على طرفي نقيض طيلة فترة الحرب، بينما أحتفظ الطرفان في الواقع بعلاقات دبلوماسية واقتصادية، وحافظت الإمارات على صفة الشريك التجاري الأكبر لإيران، وتحدثت تقارير لجنة الخبراء الخاصة باليمن، عن مشاركة شركات وبنوك إماراتية في إيصال مساعدات نفطية إيرانية للحوثيين والالتفاف على العقوبات الدولية.
وجاء التقارب الإماراتي الإيراني قبيل إعلان أبو ظبي سحب معظم قواتها من اليمن، وتوقف عملياتها العسكرية وتفرغها لضرب الحكومة اليمنية "الشرعية" المعترف بها دولياً فضلاً عن وقوفها وراء أحداث أغسطس 2019 في العاصمة المؤقتة عدن عبر قوات "الانتقالي الجنوبي" الموالية لها.