أبرز المحطات التاريخية للشيخ الحريزي في مواجهة أعداء الوطن ..الشيخ "علي الحريزي" تاريخ نضالي مشرف ومعركة كفاح وطني(الجزء الأول)
محافظة المهرة شرقي اليمن ، ظلت بمنأى عن عدوى الصراع العسكري والسياسي الذي تشهده اليمن منذ2011 ، واستطاعت المحافظة بفضل رجالها وأبنائها الحفاظ على تماسك بنيتها الإجتماعية ، ومؤسسات الدولة ، وبقيت ملاذ للهاربين من ويلات الحرب والدمار في مختلف المناطق اليمنية ، حتى قررت السعودية ، التدخل في الشؤون الداخلية للمهرة وعسكرة المدينة والسيطرة على منافذها البرية والبحرية والجوية بهدف تمرير مشاريع واجندات مشبوهة ، وهو ما تصدى له أبناء المهرة ومشائخها على رأسهم الشيخ "علي الحريزي" ...
من هو الشيخ الحريزي ؟
المشروع السعودي تصادم بموجة شعبية عارمة قادها الشيخ "علي سالم الحريزي المهري" من مواليد 1957 في ريف حوف بمحافظة المهرة ، الذي يُعد أحد أبرز الشخصيات الاجتماعية في محافظة المهرة ، ويحظى بتأييد واسع قبلياً وشعبياً .. الحريزي الذي بدأ دراسته الابتدايئة بمنطقة جادب في مديرية حوف وأكمل مرحلة الإعدادية في مدرسة ليبيا بمدينة الغيظة عاصمة المحافظة ، التحق بالكلية العسكرية في نوفمبر 1976م وتخرج في مايو1978م برتبة ملازم ثاني ، وشارك في دورة قادة وأركان عام 1978م ، تمكن من كسب خبرات قيادية ووطنية واسعة تمكنه من صناعة فارق حقيقي ضد كل من يحاول المساس بالوطن .
تاريخ سياسي وعسكري معتق
اكتسب الحريزي مهاراته القيادية والسياسية في سن مبكر ، وخاض العديد من التجارب العسكرية والاجتماعية ، وصعد سلم الرُتب العسكرية ، وفضل النأي بنفسه في أحداث يانير 86 الدموية وانتقل على إثرها إلى العاصمة صنعاء ، ليبداء مرحلة جديدة من النضال الوطني ، حيث تم تعينه قائدا لحرس الحدود في محافظة المهرة برتبة عقيد عقب الوحدة 1990م ، قبل ان يتم ترقيته إلى رتبة عميد في 2009 ، وتعينه إلى جانب مهامه العسكرية وكيلا لمحافظة المهرة لشؤون الصحراء .. بالاضافة إلى أن الشيخ علي الحريزي من أبرز المؤسسين لمكون المجلس العام لأبناء محافظتي المهرة وسقطرى .
تاريخ من النضال الوطني
قدم الحريزي الكثير للمهرة وأبنائها طيلة مسيرته الحافلة بالإنجازات والعطاء ، وظل الرجل الذي ينظر إليه بكبرياء المهرة وشموخ أبنائها الشرفاء يناضل في سبيل تنمية المحافظة وتوفير كافة الخدمات الأساسية وتعزيز البنى التحتية فيها ، حتى زحفت عليها جحافل الجيش السعودي دون تنسيق أو مبررات للسلطة المحلية فيها والتي كان الشيخ الحريزي أحد أبرز قيادتها .. فقرر التحرك للحفاظ على ما تبقى من السيادة الوطنية والكرامة اليمنية في محافظة السلام "المهرة" ..
قرار تاريخي شجاع
انطلاقا من مكانته الاجتماعية وواجبه الوطني والمسؤولية الملقاة على عاتقه ، وبناء على خبراته الفطرية والمكتسبة ، اتخذ الحريزي موقفه التاريخي ، وقرر في نوفمبر 2017م ومن معه من رجال الوطن في المهرة ، الانحياز للصف الوطني ومقاومة الأجندات والمشاريع الهدامة التي حملتها القوات السعودية الى المهرة البعيدة كل البعد عن مسرح العمليات القتالية ، واعلن صراحة رفضه لعسكرة المحافظة وتحويلها إلى بؤرة صراع اقليمي يدفع أبناء المهرة وحدهم الثمن ..
قرار الحريزي المواجهة الصريحة ، كلفه الكثير على الصعيد الشخصي ، خسر بموجبه منصب وكيل المحافظة ومنصب قائد حرس الحدود بالمهرة ، وتعرض لمحاولات اغتيال ، وسخرت الأموال الطائلة لمحاربته ومن معه ، وسلطت عليه الأقلام المجأورة والقنوات المتلفزة والخلايا الإعلامية مدفوعة الأجر بهدف تشويه صورته لدى الرأي العام ومحاولة إقصاء دوره الريادي المقاوم عن الساحة المهرية ، بسبب موقفه الشجاع ..
حنكة وكاريزما قيادية
خبرة الحريزي العسكرية والقيادية والاجتماعية مكنته من كسب ثقة أبناء المهرة ، وأكسبته المعرفة الكافية لنتائج جر المهرة الى مستنقع الصراع المسلح ، وهو ما يحاول تجنبه بشتى الطرق والوسائل المشروعة ، وظلت التحركات الشعبية التي يقودها على مدى ما يقارب ثلاث سنوات تتمتع بالسلمية رغم محاولات السعودية وأدواتها الكثيرة لتفجير الحرب الأهلية في المهرة ..
موقف وطني ثابت رغم الفوضى
وسط كل تلك الفوضى التي خلقها التواجد السعودي وادواتها في المهرة ، ظل الشيخ الحريزي محتفظاً بموقفه الثابت تجاه القضية الوطنية ، ولم يعلن الانشقاق وحمل السلاح في وجه الدولة وأبناء جلدته كما فعل الآخرين لتحقيق أهداف ومكاسب شخصية ..
وبقى الحريزي ثابتا على مبادئه الوطنية ومطالبه
المشروعة ، بغية أن تحافظ المهرة على سيادتها غير منتقصة ولا مجتزئة في إطار الدولة اليمنية الاتحادية وفقا لمخرجات الحوار الوطني الشامل تحت سلطة الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دوليا.
إصرار وصلابة الحريزي ومن معه من المشائخ والأعيان والشخصيات البارزة ، نجح في إجبار القوات السعودية التوقيع على إتفاق يقضي بتسخير مطار الغيظة للأعمال الانسانية فقط ، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للمهرة وأبنائها ، باعتبار ذلك حق سيادي متصل حصريا بالحكومة اليمنية والسلطات المحلية بالمحافظة ..
غدر سعودي
وقبل أن تكتمل فرحة أبناء المهرة بما حققوه من إنجاز وطني ، نكثت السعودية بوعودها وانقلبت على الاتفاق المبرم بينهما ، وحولت مطار الغيظة إلى ثكنة حربية وقاعدة عسكرية تنطلق منها العمليات العسكرية والأمنية الاستخباراتية ، لانتهاك السيادة الوطنية في المحافظة التي كانت تنعم بالاستقرار النسبي ، نأية بنفسها عن الصراع العسكري بكافة أشكاله ..
ثورة وطنية لا مصلحة شخصية
التحركات السعودية واستخدامها القوة الخشنة لمحاولة فرض أمر واقع جديد ، أمر رفضه الشيخ الحريزي ومن معه الشخصيات المهرية ، وأعلن التصعيد والاعتصام السلمي المفتوح رفضا للتواجد السعودي في المهرة ، داعيا أبناء المهرة ورجالها للوقوف صفا واحدا للحفاظ على المكتسبات والسيادة الوطنية ، والأمن والاستقرار والتنمية في محافظة المهرة ، وهو ما استجاب له المهريين وشكلوا حصنا منيع تتحطم عليه الأجندات والمشاريع الهدامة ..
نجاح واسع رغم الإقالة
اللحمة الوطنية التي تمكن من حشدها الشيخ الحريزي ، لم ترق للنظام السعودي ، الذي استخدم الضغوط السياسية على القيادة العليا للوطن ، ما أفضى إلى إقالة الحريزي من منصب قائد حرس الحدود في فبراير 2018م ، ثم إقالته من منصب وكيل محافظة المهرة في يوليو 2018م ، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين والشخصيات المؤيدة للحريزي ، وهو ما ساهم بتعزيز موقف الأخير شعبيا ودوليا ، الأمر الذي مكنه من تحقيق نجاحات كبيرة ومتواصلة ..
أدى قرار إقالة الحريزي الى تفرغه الكامل لقيادة الإحتجاجات المناهضة للسعودية ، وحقق نجاحات حاسمة من خلال تصدره المشهد العام ، ما ساهم برفع وتيرة التصعيد الشعبي ضد التواجد السعودي في المهرة ، الأمر الذي انعكس على تخبط صانعي القرار بالسعودية وأدواتها في الداخل ، التي حاولت تمهيد الطريق أمام قوات الجيش السعودي للسيطرة على مناطق إستراتيجية ودوائر حساسة ، وسط تصاعد الرفض الشعبي والجماهيري المساند للحريزي ، وهو ما انعكس على نجاح المحتجين في تحجيم الدور السعودي وافشال مساعيه في المهرة .
نجاح الحريزي وفشل السعودية
فشلت السعودية في مواجهة جموع المحتجين ، وخاصة بعد ان عملت على إقالة الشيخ الحريزي ، والذي مثل انتكاسة حقيقية للتواجد السعودي في المهرة ، وحجر عثرة أمام مطامع السعودية بالمنافذ البحرية على الشريط الساحلي لبحر العربي ، الأمر الذي أجبر الأخيرة الدفع بشخصيات ركيكة وغير مؤثرة مثل المحافظ السابق للمهرة راجح باكريت ، الذي عبث بالمال العام واختلس المليارات ، واضحى عبئا ثقيلا على المهرة والمهريين ..
كما أن الفشل السعودي الذي تجسد في شخصية راجح باكريت ، وما رافق توليه لسلطة محافظ المهرة من عمليات فساد وعبث بالمال العام ، والمتاجرة بمعاناة أبناء المهرة ، وتشكيل مليشيات مسلحة خارج إطار الدولة ومحاولاته جر المحافظة إلى اتون صراع دموي ، و تلاشي القرار المحلي للسلطة المحلية بفعل رضوخ واستسلام باكريت الذي تلاحقه تهم الفساد في مختلف الجوانب ، ساهم في تصعيد الموقف الشعبي المساند للحريزي وتوسع رقعة الاحتجاجات في المحافظة ..
وساهم نجاح الاحتجاجات التي يقودها الحريزي في المهرة وتوسع نطاقها ، في لفت انظار وسائل الإعلام المحلية والدولية التي عملت على نقل مطالب المحتجين وكشف مخططات وأهداف ومطامع السعودية وأدواتها وعملائها في المهرة ، الأمر الذي جعل المملكة في مأزق كبير أمام الرأى العام المحلي والدولي ، خصوصا بعد أن سُلطت الأضواء على التحركات الشعبية والاحتجاجات التي تضمنت وقفات أمام عدد من المعسكرات السعودية والمنافذ البرية للمهرة ، والتعامل السعودي الفج مع مطالب المعتصمين ...
رجال الوطن وعباد الريال
كشفت وثائق الفساد التي مارسها المتنفذين المدعومين سعوديا مثل راجح باكريت ، حجم الاستهداف السعودي الممنهج والأهداف الخفية التي كان يُحضر لها لمحافظة المهرة ، وهو ما انعكس على المزاج العام للشارع المهري الذي سارع لدعم الاحتجاجات السلمية والاعتصام المتواصل الذي كان له الأثر الأكبر في افشال المخطط التدميري السعودي وكشف وقائع الفساد المالي والإداري التي انتهجها عملاء السعودية في محافظة المهرة ..
مقابل ذلك ، واصلت الخلايا الاعلامية شن هجومها ضد المعتصمين والشيخ الحريزي شخصيا ، إلى أن اصدرت نيابة الأمول العامة ورئاسة الوزراء قرار بوقف الرجل الأول للسعودية راجح باكريت عن مهام التصرف بالإيرادات العامة ، وفتح تحقيق بوقائع عمليات الفساد التي ارتكبها ، وهو الأمر الذي أعده مراقبون انتصار اخر للقضية الوطنية على حساب الفاسدين والعملاء ، وأدوات السعودية في المهرة ، وهو ما انعكس على توسع شعبية الحريزي وتعزيز موقفه الوطني المناهض للتدخلات الأجنبية في المحافظة ..
هذا وساهم وجود الشيخ علي الحريزي في صدارة الشخصيات التي تقود الاحتجاجات المناوئة للسعودية إلى تطويق التمدد السعودي في المهرة ، باستثناء بعض الخطوات التي تنفذ بخجل شديد ، كما ساهم بسقوط الدعايات التي بثتها وسائل إعلام العملاء حول الحريزي ومن معه من المحتجين ..