" تقرير " غموض وسرية ونواة أزمة بين البرلمان والحكومة على خلفية صفقة الاتصالات بين الإمارات و اليمن
نشر الموقع بوست تقريرا مفصلا حول توقيع حكومة معين صفقة مشبوهه بيع شركة اتصالات لدولة الامارات وقد أثارت موافقة الحكومة اليمنية على مشروع اتفاقية إنشاء شركة اتصالات يمنية امارتية مشتركة لتقديم خدمات اتصالات الهاتف النقال والانترنت في اليمن، موجة غضب واسعة داخل السلطة التشريعية المخولة بالمصادقة عليها، فضلا عن تشكيك ناشطين وسياسيين من نوايا الإمارات حول تطوير الاتصالات التي لاتزال تحت سيطرة جماعة الحوثيين.
وبدأت وزارة الاتصالات منذ اشهر إجراءات بيع 70 بالمئة من أصول شركة "عدن نت" الحكومية لشركة تقنية إماراتية خاصة "technology nx"، وهي شركة ليس لها أي مشاريع سابقة في مجال تشغيل شركات الهاتف المحمول، وتتخذ من أبوظبي مقرا لها منذ تأسيسها قبل سبع سنوات.
وكان مجلس الوزراء اليمني منح في ديسمبر 2022، قرار بالترخیص والموافقة على مسودة مذكرة تفاھم بین اليمن والامارات، لإقامة مشروع استثماري مشترك في قطاع الاتصالات، دون اتخاذ الإجراءات القانونية، قبل إصدار قرار مجلس الوزراء، بدون إعلان مزایدة عامة، لإنشاء شركة اتصالات خاصة جدیدة في البلاد، وفقاً لقانون المناقصات والمزایدات والمخازن الحكومیة.
صفقة مخالفة للقوانين
ويقول خبير الاتصالات محمد المحيميد إن الجدل يتركز في قانونية وشرعية استحواذ شركة NX الاماراتية على 70٪ من مقدرات عدن نت، حيث أن هذه الصفقة تمت بمخالفة للدستور والقوانين اليمنية وبدون مناقصة وموافقة مجلس النواب، مضيفا أن مراسيم التوقيع كانت بشكل سري بعيدا عن إعلان أو نشر الاتفاقية.
ويضيف "المحيميد" لـ "الموقع بوست" أن هذه الاتفاقية اجحاف بحق الجانب اليمني، في حين لن تدفع الشركة رسوم الترخيص ولا الضرائب لسنوات قادمة، محذرا من عواقب التوقيع عليها لانها ستكون قطعا في غير الصالح العام والسبب يعود إلى أن الشركة الإماراتية لم يسبق لها الاستثمار في قطاع الاتصالات من قبل، متهمها ضمنيا أن تكون وسيلة للتجسس وإثراء نافذين فاسدين مرروا هذه الصفقة.
ويشير إلى أن بنود الاتفاقية لاتزال مجهولة حتى أن رئيس مجلس الوزراء اكتفى بقراءة بعض بنودها على الوزراء دون توزيع نسخا منها عليهم، لافتا إلى أن هذا مؤشر على أن هناك "ما يخشى منه الذين أبرموا هذه الصفقة أن يخرج للعلن وللرأي العام".
وعلى الرغم من تشكيل هيئة رئاسة البرلمان لجنة لتقصي الحقائق في أبريل الماضي، بشأن تهم فساد ضد مسؤولين في الحكومة تضمنت الاتفاقية مع الجانب الإماراتي بخصوص الاتصالات، ذهبت الحكومة في الموافقة على الاتفاقية دون انتظار تقرير اللجنة البرلمانية.
توجيهات حكومية بتصحيح الاختلالات
وفي 26 أغسطس الماضي، وجهت هيئة رئاسة مجلس النواب، في اجتماع برئاسة رئيس المجلس سلطان البركاني، الحكومة بتصحيح الاختلالات التي تضمنها التقرير، وتنفيذ التوصيات الواردة في التقرير، وموافاة المجلس بما سيتم اتخاذه من إجراءات خلال أسبوعين من تاريخه
وشددت هيئة البرلمان على الالتزام بالدستور والقوانين النافذة فيما يتعلق بتوقيع أي اتفاقيات وعدم التفريط بالسيادة أو الموارد المالية، بما في ذلك محاسبة الوزراء الذين يذهبون إلى مقرات الشركات وبلدانها بطريقة غير لائقة، ولا يتفق مع أداء الحكومات ولا مع مكانة الجمهورية اليمنية.
وأكدت هيئة رئاسة النواب في اجتماعها الأسبوع الماضي، قيام الحكومة بخرق الدستور والاستهتار بالقوانين وممارسة المخالفات علنًا والاضرار بالمصالح الوطنية، ودعت الحكومة على سرعة تصحيح اخطائها وإيقاف التدهور والاختلالات القائمة اقتصادياً ومالياً ونقدياً وإدارياً.
ودعا الاجتماع الحكومة الشرعية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستعادة وتشغيل الكابل البحري (AAE1)، وفتح تحقيق شامل حول ملابسة تشفير وتعطيل الكابل البحري، وأيلولته لسيطرة الحوثيين، بالإضافة إلى محاسبة المتسببين في تعطيل لمصالح الناس، واضرارً بعمليات الاتصالات والمعلومات.
قرار سياسي
وقلل خبير الاتصالات المحيميد من جدوى هذه الاتفاقية على فصل الاتصالات والانترنت في المناطق المحررة عن سيطرة الحوثيين في صنعاء، بفعل وجود جميع الشركات مع الحوثيين عدا سبأفون عدن، لكن الشركة الإماراتية ستكون متواجدة في المناطق المحررة بجانب الشركات التي يسيطر ويتحكم بها الحوثي.
ويؤكد أن تحرير الاتصالات والانترنت من الحوثيين يحتاج في الدرجة الاولى قرار سياسي من الحكومة الشرعية الذي يغيب منذ بداية الحرب، قبل الذهاب تحرير القطاع فنيا وماليا وإداريا.
واتهم تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس النواب الحكومة بعدم تسليمها نسخة من الاتفاقية، وعدم نشرها عبر وسائل الاعلام، مشيرا إلى أن الاتفاق يوفر الاستيلاء على ممتلكات الدولة وحقوقها ويجردها من ملكيتها وحقوقها السيادية والقانونية والمالية كعدن نت والبنى التحتية والموارد الضريبية والجمركية وحقوق الترخيص والترددات وتيليمن والبوابة الدولية.
الإمارات دولة أمنية
ويعد نشاط شركة غير وطنية في قطاع الاتصالات اليمنية مثير للقلق، على اعتبار أن الإمارات دولة أمنية تستخدم كل شيء للحصول على المعلومة واستخدامها كأداة لتنفيذ مخططاتها، وفق المحلل السياسي عدنان هاشم.
ويضيف "هاشم" لـ"الموقع بوست" أن قوانين الخصوصية والحماية في الإمارات سيئة وتخول الحكومة لاستباحة كل شيء بحجة الأمن، مشيرا إلى أن الاتصالات يفترض أن تخضع لإدارة وقوانين وطنية.
ويؤكد أن حدوث هذه الصفقة بالطريقة التي حدثت يثير الكثير من الشكوك حول مهمة الحكومة المعترف بها دوليا.
عدم التزام حكومي
وبموجب التقرير فان الأجهزة الحكومية التي جرى تقصي الحقائق بشأنها لم تلتزم بأبسط القواعد القانونية في ممارستها لواجباتها، وخالفت الدستور والقانون، بما في ذلك تعطيل قانون المناقصات والمزايدات وعدم تشكيل اللجنة العليا للمناقصات وهيئة مكافحة الفساد.
وفي 2018، تأسست عدن نت الحكومية بتكلفة 100 مليون دولار، في مسعى لكسر احتكار جماعة الحوثيين التي تسيطر على منظومة الاتصالات اليمنية منذ احتلالها صنعاء أواخر العام 2014، التي ظلت متعثرة ولم تتجاوز مدينة عدن، قبل أن تتوسع شكليا في محافظات حضرموت ولحج وأبين.
الأصوات النشاز
ووصفت وزارة الاتصالات الحملة الواسعة لليمنيين الرافضين لهذه الاتفاقية بـ"الاصوات النشاز"، متهمة الحملة "تعمل لصالح أطراف لا تريد للوطن أن يتعافى، ويزعجها أن ترى الحكومة تنجز أي مشروع سوى في قطاع الاتصالات او غيره".
وأضافت الوزارة في بيان نشرته بحسابها على الفيس بوك منسوب لمصدر مسؤول بالوزارة في 13 يوليو الماضي، أن وزارة الاتصالات تسعى لاستقطاب العديد من المستثمرين الجادين من أبناء اليمن، وكذا الشركات الخارجية، مؤكدة أن المفاوضات بشأن تأسيس شركة اتصالات مع المستثمرين في دولة الإمارات بدأت منذ أكثر من عام.
وأكدت أن فريق فني وقانوني متمكن اختير بعناية للمفاوضات مع الشركة الإماراتية، مبددة بذلك الاتهامات ببيع شركة عدن نت للشركة الإماراتية، قائلة "جرى مناقشة مختلف الخيارات ومن ذلك الشراكة، وليس البيع، بحيث يتم تطوير وتوسعة مشروع عدن، وفقاً لقانون الاستثمار اليمني والقوانين النافذة في الجمهورية اليمنية".