الجمعة 2024/05/03 الساعة 10:40 PM

عُمان تصنع السلام لليمن

الاربعاء, 18 يناير, 2023

 

لربما يبدو العنوان تفاؤلي ويستبق الحدث، لكنه مبرر إذا ما نظرنا للدور العماني في صناعة السلام اليمني، ليس في مراحله الأخيرة؛ بل وطوال سنوات الحرب. لقد ظلت عمان تراكم تفاهماتها مع الأطراف اليمنية بيقين كبير، يقين بقدرتها على حلحلة الأمور وإيمانها بأنها الدولة الوحيدة القادرة على تحقيق اختراق نوعي للأزمة اليمنية المتشابكة وقد طال زمن انسدادها. 

التسريبات التي تتوالى من نتائج المشاورات العمانية في صنعاء وفي عمان، تصب جميعها في صالح التأكيد أن السلام بات وشيكًا. لربما لا يكن الأمر سلاما كاملا منذ البداية؛ لكن العقبة المركزية توشك أن ترتخي وما بعدها سيكون أقل استعصاءً. هذا الانجاز المرتقب هو حلم اليمنيين، والفضيلة الكبرى التي لن ينساها الشعب اليمني لهذه الدولة التي لم تدخر جهدا إلا وبذلته لتخليص الشعب من مأساته الكبرى. 


ولعل ما هو ثابت طوال سنوات الحرب، أن ما تصنعه عمان لليمن، أكثر مما تقوله. تنجز فضائلها بصمت وتمضي. ففي الوقت الذي علقت فيه دول كثيرة داخل المأساة اليمنية، جاءت عمان لتحرير الجميع من مأزقهم. هنا تكتشف نزاهة الدولة ويعرف اليمنيون أصدقاءهم من خصومهم. 

لقد صارت عمان وتحركاتها المكوكية بين مسقط وصنعاء، هي مصدر الأمل الوحيد للشعب اليمني. الشعب المحاط بأنباء كلها سوداوية وانعدام لأي ضوء في الأفق. يجد من نوافذ السلطنة مصدر تفاؤله الوحيد بغد تخرس فيه أصوات المدافع، وتنفتح فيها دروب للعيش دونما خوف ولا قلق من تجدد أخبار الموت بين أبناء البلد الواحد. 


يدرك اليمنيون مدى تعقد قضيتهم، لكنهم يؤملون أن تكون نشاطات عمان المكثفة نحو السلام أكثر براعة من خيوط الحرب المتداخلة، إذ كلما تعقدت قضايا المنطقة ووصل المتصارعون لآفاق مسدودة، يلوذون بعمان، هذا هو أمل اليمنيين بها. ولقد صارت عمان بمثابة الملتقي المركزي لقوى العالم. مساحة بيضاء تسهم في تبريد منطقة ملتهبة من المحيط للخليج. هنا تكمن عبقرية الوساطة العمانية، وهذا ما لن ينساه اليمنيون لهذه الدولة طوال حياتهم. 


الخلاصة : حاولت أطراف كثيرة هز ثقة اليمنين بعمان، لكن كل تلك الحملات المغرضة سقطت واحتفظت عمان بموقعها كبوصلة ترشد الجميع نحو طرق السلام وتعيدهم للصواب. هكذا تصنع الدولة الراسخة تتمسك بثباتها وسط العواصف وتنجح في صناعة المعجزة. 
ثقوا بعمان وانتظروا منها مخرجًا، شريطة أن تلتفوا حولها بصدق، هي قادرة على مساعدتكم، شريطة أن تكونوا قادرين على مساعدة أنفسكم. لا مصلحة كبيرة لعمان في اليمن، لكن لليمنيين مصالح كثيرة فيها. إنها تبذر الخير وتمضي وعليكم أن تتعاملوا مع وصاياها بجدية وسترون النتيجة. المجد لصنّاع السلام في كوكب تشتعل النيران فيه بكل مكان، يكثر النافخون في النار ويقل حملة غصون الزيتون، وفي مقدمة الفريق الأخير تقف عمان، تصنع المعجزة وتحوز المجد معـا. 


*رئيس مركز هنا عدن للدراسات الاستراتيجية

المزيد من أنيس منصور