حضرموت .. تحشيد عسكري متسارع يؤثير المخاوف من تكرار سيناريو الفاشر
تتجه الأوضاع في محافظة حضرموت نحو منعطف بالغ الخطورة، مع تسارع عمليات التحشيد العسكري التي تنفذها تشكيلات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي والمدعومة إماراتياً، وسط مخاوف متصاعدة من تكرار سيناريوهات دامية مشابهة لأحداث الفاشر في السودان.
وتشير مصادر ميدانية وحقوقية إلى وصول قوات إضافية من الضالع وأبين وعدن، بتوجيهات أبو ظبي في إطار محاولة فرض مشروع سياسي يحمل اسم "الجنوب العربي" التابع لدولة الامارات، وهو مشروع يرفضه أبناء حضرموت بشكل واسع ويعتبرونه تهديداً مباشراً لهويتهم واستقرار محافظتهم.
وأكد ناشطون أن التحركات الأخيرة تحمل بصمة خطط عسكرية خارجية مجرّبة، محذرين من أن "حضرموت اليوم تقف على خطوط تماس حساسة تتعلق بالسيادة والهوية وتركيب المشهد اليمني بأكمله".
وأشاروا إلى وصول شخصية تُعرف بـ"أبو علي الحضرمي"، الذي أمضى سنوات طويلة في لبنان بدعم إماراتي، وتم تعيينه لقيادة وحدات ضمن قوات الدعم الأمني، في خطوة اعتبرها مراقبون مقدمة لتوسيع النفوذ العسكري الإماراتي في الشرق اليمني.
وأوضح حقوقيون أن السيناريو ذاته تكرر في عدن وأبين وشبوة وسقطرى، حيث تم الدفع بقوات مستقدمة من خارج المحافظات لفرض وقائع سياسية بالقوة، معتبرين أن حضرموت "أمام المخطط ذاته، لكن على رقعة جغرافية أكبر وأخطر".
وفي السياق، يرى محللون أن التصريحات الأخيرة لعيدروس الزبيدي خلال لقائه في المكلا — وما صاحبها من لهجة تهديد ورفع إصبع في وجه الحاضرين — كانت الشرارة التي فاقمت حالة الاحتقان ومهّدت لعمليات التحشيد الحالية.
وتقول مصادر محلية إن قبائل حضرموت أعلنت رفضاً قاطعاً لأي مشاريع تبعية، مؤكدة أنها "لن تسمح بفرض أمر واقع أمني أو سياسي بدعم خارجي"، وأن التحشيد الأخير "لا يمثل مجرد تحرك عسكري، بل إعلان مواجهة مفتوحة".
ولفتت المصادر إلى أن مجلس القيادة الرئاسي يظهر تفاعلاً "باهتاً ومحدوداً" مع التطورات الخطيرة في حضرموت، وهو ما يثير اتهامات بوجود تواطؤ أو تجاهل مقصود، بينما ترتفع احتمالات الانزلاق إلى مواجهة واسعة قد تتسبب بنزوح جماعي وكارثة إنسانية.
ويجمع مراقبون على أن حضرموت تقف أمام لحظة تاريخية فارقة، إما بتثبيت قرارها السيادي الرافض للتدخلات الخارجية، أو مواجهة مرحلة صراع طويلة ستؤثر على كامل المحافظات الشرقية.
وأكد شهود ونشطاء أن "الشعب الحضرمي، بوعيه وعمقه التاريخي، لن يسمح بتكرار نماذج القمع التي شهدتها محافظات جنوبية أخرى"، مطالبين المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته إزاء التدخلات الإماراتية في اليمن.
ويشير محللون إلى أن الأزمة لم تعد سياسية فحسب، بل باتت مرتبطة بمصير محافظة كاملة وبهوية شعب، مؤكدين أن محاولات فرض واقع جديد بالقوة في حضرموت ستصطدم بإرث اجتماعي وتاريخي لا يمكن تجاوزه.