توكل كرمان: هناك فراغ في السلطة ويجب وضع معادلة جديدة لمواجهة العبث باليمن
[ توكل كرمان ]
قالت الناشطة اليمينة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، أن هناك فراغ في السلطة، ويجب وضع معادلة جديدة لمواجهة "العبث باليمن"، والذي قالت إنه يطال حاضرهم ومستقبلهم أولا قبل أي شيء.
وأضافت كرمان، في كلمتها خلال افتتاح المؤتمر الدولي "اليمن بعد الحرب"، والذي انعقد، السبت، بمدينة إسطنبول التركية، إنه "من المؤسف أن تتعامل الشرعية اليمنية مع كل الانتكاسات وكأن هذا الأمر لا يعنيها، وليس من ضمن مسؤولياتها واختصاصاتها.
وشدّدت على أن "الشرعية تحوّلت إلى أداة تشرعن للمحتل الخارجي احتلال البلاد، والشرعية ليست شيك على بياض، وهي ليست أشخاص مرتهنون للمحتل والوصاية الخارجية، هي استحقاقات وواجبات ومهام، وبهذا المعنى، فإن الذين سيرفضون كلا الاحتلالين ويتمردون عليهما معا، ويعملون على استعادة الجمهورية، وتمكين المشروع الاتحادي هم وحدهم الشرعية، وهم وحدهم الشرعيون".
واعتبرت أن "الحرب منذ بدايتها كانت مشروع القوى المعادية للدولة اليمنية بداية من انقلاب مليشيا الحوثي وحتى تدخل التحالف السعودي الإماراتي، مضيفتا، إن السلام الذي يريده اليمنيون هو سلام مستدام وليس سلاما زائفا يلبي حاجة ومصالح أطراف خارجية وانقلابية".
"إعلان قيادة ميدانية"
واستطردت قائلة: "هناك فراغ في السلطة؛ فالقرارات التي يكتبها السفير السعودي وتذيل بتوقيع هادي ورئيس حكومته لا تمثلنا ولا شرعية أو مشروعية لها"، مضيفة: "هادي في أحسن حالاته عاجز ومعتقل، ما يجعله غير صاحب صفة، وتجعل قراراته غير ملزمة لليمنيين طالما وهو عاجز مقيد الحرية لا يستطيع أن يقول لا للسفير السعودي، فضلا عمن هو أكبر شأنا".
وأكملت: "إذا استمرت حالة الاستلاب السياسي، فإنه سيكون على عاتق قوى الداخل الميدانية والمحافظين والقادة العسكريين والمقاومة الشعبية إعلان قيادة ميدانية داخلية تضطلع بمهمة تحرير اليمن من الميليشيا ومن الوصاية والاحتلال الخارجي، وتعبر عن مصالح البلاد، وعن سيادتها واستقلالها، وإذا حدث ذلك، فإنه سرعان ما سيلتف حولها شعبنا ويعترف بها العالم ويحترمها ويتعامل معها".
ورأت كرمان، التي اختارتها مجلة "التايم" الأمريكية، الخميس، ضمن أكثر 100 امرأة تأثيرا خلال المائة عام الأخيرة، أن القيادة الميدانية الداخلية التي تدعو إلى تشكيلها عليها "ألا تطيع أي توجيهات تأتيها من الرياض، حتى وإن ذيلت بتوقيعات هادي ورئيس حكومته، وأن ترهن طاعتها لهم بتحررهما الكامل، واستقلال قرارهما عن السعودية وتحالفها".
وقالت: "إلى أن يحدث ذلك فهم وحدهم الشرعية، وما يصدر عنهم وحده يحمل طابع المشروعية، إذ أن الشرعية مهام واستحقاقات ولا يختزلها أشخاص مقيدون في الرياض ومرتهنون لما تريده الرياض ولا يصدر عنهم بالمحصلة إلا كل ما يهدم المشروعية اليمنية ويقوضها ويحول دون تحقيقها كمهام وغايات واستحقاقات".
"تحرير القرار الوطني"
وأكدت كرمان أن "تحرير صنعاء يبدأ بتحرير القرار الوطني، وإن إسقاط انقلاب الحوثي مرهون بالتحرر من الهيمنة والاحتلال السعودي والإماراتي للبلاد. في الحقيقة لن يكون بمقدورنا استعادة دولتنا، فضلا عن جمهوريتنا ونحن مرتهنون بصورة تامة للسعودية والإمارات".
وزادت بقولها: "السعودية تنتهي الحرب بالنسبة لها إذا عكست إدارتها للحرب اليمنية في اتفاقيات جزئية تبارك احتلالها ووصايتها على يمن تسوده اللادولة، لضمان عدم تأثير الوضع في اليمن على أمنها، وانتفاء أي تهديدات تأتيها من اليمن، ناهيك عن مصالحها في نهب ثروات اليمن والسيطرة على موقع اليمن الجيوستراتيجي بالغ الأهمية، ولا تهتم إذا بقي اليمن مُقسما وتعمه الفوضى، وفي حالة تمزق واحترابات داخلية صغيرة".
واستطردت قائلة: "والحرب تنتهي بالنسبة الإمارات إذا نجحت مساعيها لتثبيت الميليشيات التي تضمن مصالحها الاقتصادية أيضا، والتي شكلتها في مناطق نفوذ متفرقة كمكونات ضمن اتفاقيات جزئية"، مشدّدة على أن "الحرب لا تنتهي بصفقات بين أمراء ميليشيات الحرب الداخليين ودول الوصاية الخارجية الحريصة على مصالحها".
وأضافت: "الحرب تنتهي بعودة اليمن لا بتمزيقها، وبعودة دولة الجمهورية اليمنية صاحبة السلطة الكاملة والشاملة على كل الأرض اليمنية من صعده إلى المهرة، ومن صنعاء إلى سيئون، ومن سقطرى إلى عدن وباب المندب، وكل شبر على الأرض اليمنية"، مؤكدة أن "المرجعيات الثلاث ليست أوراقا يمكن تجاوزها وتلفيق اتفاقيات سلام مزيفة خارجها. أنها محددات لإنهاء الانقلابات وعودة الدولة".
وأكملت: "لقد شوّه التحالف (السعودي) المعركة مع الانقلابيين، ولست أذيع سرا، عندما أقول بأن الميليشيات والقوى التي أنشأها التحالف تكن لبعضها البعض عداءً يفوق ذلك الذي تكنه للحوثي، مفضلة أن يبقى الحوثي حاكما على صنعاء على أن تحررها منه قوات الجيش الوطني التي جرى ويجري تنميطها بأنها قوات الإصلاح".
واستطردت كرمان قائلة: "تذكروا أن صنعاء تم إسقاطها، ومباركة إسقاطها، من قبل قوى كثيرة تزعم اليوم إنها تحارب الحوثي بحجة إسقاط الإصلاح".
واستدركت بقولها: "لست هنا لأشيد بحزب الإصلاح، فهو الآخر ومنذ بدايات حرب التحالف، مُختطف القرار، ومجرد أداة بيد السعودية مثله مثل (المجلس) الانتقالي، وقوات النخبة، وقوات طارق، وغيرها من الميليشيات الكثيرة والصغيرة التي يضبط إيقاعها المحتل ويحركها متى أراد، وكيف أراد، وحيث أراد".
وذكرت كرمان أن "الحوثي لا يبدو أنه يختلف عن تلك الجماعات المرتهنة للسعودية والإمارات، فهو يؤدي دوره في هذه الحرب التي تستهدف اليمن كدولة تسعى لتحجز مكانها ضمن الدول الديمقراطية في المنطقة"، منوهة إلى أن "الحوثي أوقف حربه الخارجية ضد السعودية والإمارات، بالتزامن مع قيامه باجتياحات داخلية جديدة على جبهات شبه متوقفة".
وتابعت: "هذا لا يشي بوجود اتفاق وتوافق مع المحتل الخارجي الذي سبق له وأن توافق معه على اجتياح صنعاء فحسب، بل يقدم أدلة قاطعة بأن دعواته للمصالحة والاصطفاف الوطني ليست سوى أكاذيب ودعوات غير صادقة، وهدفها كسب الوقت ولذر الرماد على العيون".
وأردفت: "نتيجة لذلك، تعيش اليمن حروبا على أكثر من صعيد، وأزمات إنسانية متصاعدة، دعت العديد من المؤسسات والمنظمات الدولية تصف ما يحدث بالكارثة التي تتعاظم يوما بعد يوم".
"تجاهل الانتهاكات المستمرة"
وأضافت: "رغم وضوح الأطراف التي ساهمت في تعقيد الأزمة اليمنية، فإن البعض يسعى للتعتيم على حقيقة ما يحدث، اعتقادا منه أن إخفاء هوية القاتل والمنتهك أمرا ممكنا، وهو الأمر الذي يبدو بعيد المنال. لذا يجب إعطاء الموضوع اليمني الاهتمام والتفاعل اللازمين، فمن الصعب استمرار حالة التجاهل غير المفهومة تجاه الانتهاكات المستمرة ضد الدولة اليمنية والمواطنين اليمنيين الذين باتوا رهائن عند قوى وجماعات تتصرف خارج حدود القانون وخارج الاعتبار الإنساني".
وقالت: "في خضم هذه الحرب المدمرة التي تجرف الحياة في بلدنا، هناك إصرار على تعويم الأخطاء وتبرئة المتسببين فيما وصلنا إليه. الذين بيدهم القرار السياسي والقوة هم من يجب أن يلاموا على تردي الأوضاع، وليس ناشط هنا، وكاتبة هناك".
وتابعت: "هذه ليست دعوة لليأس وليست إعلان هزيمة شعبنا أمام المحتل الداخلي والخارجي، فما يحققانه من انتصارات ليست سوى انتصارات زائفة، ذلك أن معركة اليمنيين الكبرى من أجل استعادة الجمهورية وتحرير البلاد من الاحتلال والوصاية لم تبدأ بعد، لكنها ستبدأ لا محالة وستذهب إلى منتهاها، إنها معركة الأجيال اليمنية التي سنخوضها جميعا كل من موقعه".
"شرط السلام المستدام"
وأضافت: "هناك شرط واحد لتحقيق سلام مستدام في اليمن، وما عداه استسلام لأجندة القوة الغاشمة، وخضوع لما تريده ميليشيات الحوثي، وما يمليه المحتل الخارجي، ويمكننا أن نلخص هذا الشرط باستئناف العملية السياسية من حيث توقفت، وتتضمن هذه العملية سحب للسلاح من كافة الميليشيات والجهات لتغدو الدولة اليمنية وحدها صاحبة الحق الحصري في امتلاك السلاح واستخدامه، ويمضي الجميع لاستكمال الاستفتاء على الدستور واجراء الانتخابات المختلفة بناء عليه".
وأردفت: "هناك تفاصيل كثيرة يمكن بحثها تحت هذا الشرط الذي يعتبر جوهر الشرعية ويختزل كل المرجعيات المسنودة بعشرات القرارات الدولية. إن أي مساعي للسلام بعيدا عن ذلك لا تخرج عن كونها جهود لإخضاع اليمنيين للأمر الواقع الذي تمليه القوة الغاشمة للانقلاب الحوثي وللمحتل السعودي والإماراتي على السواء، ومن يفعل ذلك لا يسدي لشعبنا سلاما ولا يصنع له معروفا، هو فقط يصنع بذور صراعات لن تتوقف وحروب لا تنتهي".
واختتمت كرمان بقولها: "اليوم ونحن ندخل العام الخامس من حرب بلا أفق، ورغم ذلك، أني على ثقة من عظمة شعبنا وكبرياءه الذي لن يقبل بالعبودية للإمامة الحوثية ولن يقبل بتمزيق بلدنا، ولن نقبل بالوصاية الخارجية وأطماعها"، مشدّدة على أن "اليمن عصية على الإمامة، وعصية على التقسيم، ولن ترضخ لوصاية السعودية والإمارات".