كيف حصل الحوثيون على أسلحة حديثة رغم الحصار على اليمن؟
خلال السنوات الماضية وحتى اليوم، يشن الحوثيون هجمات عسكرية جوية بطائرات مسيَّرة وصواريخ باليستية وحرارية داخل اليمن وعلى المملكة العربية السعودية، في وقتٍ يقول تحالفها العسكري إنه دمر معظم أسلحة الحوثيين.
تنفي الحكومة اليمنية، كما التحالف العربي، إمكانية تصنيع الحوثيين للصواريخ الباليستية والطائرات المسيَّرة التي يستخدمونها، ويتهمان إيران بتهريب الأسلحة إليهم، وهو أمر لا يمكن حدوثه مع سيطرة التحالف على المنافذ الجوية والبحرية والبرية لليمن، بما يشير إلى وجود أطراف تساعد في إيصال تلك الأسلحة للحوثيين.
ولعل التقارير الأممية التي تتحدث عن وصول أسلحة حديثة إلى الحوثيين، تعيد لفت الأنظار إلى الاتهامات السابقة للإمارات ولميليشيا "الانتقالي" الموالية لها، بتهريب أسلحة بينها طائرات مسيَّرة، إلى الحوثيين خلال العامين الأخيرين، بما يؤكد مدى التقارب بين الطرفين.
- أسلحة جديدة للحوثيين في 2019
أفاد تقرير جديد أعدته لجنة الخبراء الأمميِّين بأن المتمردين الحوثيين حصلوا في عام 2019 على أسلحة جديدة، يتميز بعضها بخصائص مشابهة لتلك المُنتَجة في إيران.
والتقرير الذي أُرسل إلى مجلس الأمن الدولي، ونشرته وكالة "فرانس برس" في 1 فبراير 2020، قال إنه ثمرة تحقيق استمر سنة، أجراه خبراء الأمم المتحدة المكلفون مراقبة حظر السلاح المفروض على اليمن منذ 2015.
وقال التقرير الذي من المفترض أن يُنشر قريباً: إنه "بالإضافة إلى أنظمة الأسلحة المعروفة والتي كانت بحوزتهم حتى الآن، بات (الحوثيون) يستخدمون نوعاً جديداً من الطائرات بلا طيار من طراز دلتا، ونموذجاً جديداً من صواريخ كروز البرية".
وبحسب المحققين، فقد ظهر اتجاهان على مدار العام الماضي قد يُشكلان انتهاكاً للحظر، ويتمثل الاتجاه الأول في نقل قطع غيار متوافرة تجارياً في بلدان صناعية مثل محركات طائرات بلا طيار، والتي يتم تسليمها إلى الحوثيين من خلال مجموعة وسطاء. أما الاتجاه الثاني فيتمثل في استمرار تسليم الحوثيين رشاشات وقنابل وصواريخ مضادة للدبابات ومنظومات من صواريخ كروز أكثر تطوراً.
وأشار الخبراء إلى أن "بعض هذه الأسلحة لديه خصائص تقنية مشابهة لأسلحة مصنوعة بإيران"، في حين لم يستطيعوا إثبات أن الحكومة الإيرانية هي التي سلمت هذه الأسلحة إلى الحوثيين.
- مسؤولية التحالف والأمم المتحدة
يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني كمال السلامي، أن تقرير فريق الخبراء الأخير "يضاف إلى سلسلة التقارير الأممية التي تشير جميعها إلى ضلوع إيران في تهريب الأسلحة إلى الحوثيين".
ويشير السلامي في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن الجديد في التقرير الأخير "تأكيده أن الحوثيين حصلوا على سلاح نوعي خلال عام 2019، رغم الحظر المفروض"، لافتاً إلى أن ذلك "يضع مصداقية الأمم المتحدة على المحك، إذ يُفترض أن آلية التفتيش المتبعة تحول دون وصول الأسلحة".
وأضاف: "يبدو أن هناك من يسهّل مرور الأسلحة إلى الحوثيين من منافذ معروفة، وربما تحت غطاء إنساني وإغاثي، فضلاً عن وجود شك في دور بعض أطراف التحالف".
وأوضح أن التقرير السابق للجنة الخبراء الأممية "أشار إلى شركاتٍ مقرها في دبي، تسهم في نقل مساعدات نفطية وعسكرية إلى الحوثيين، على شكل قطع غيار".
وتابع: "الطائرات المزوَّدة بتقنية أكثر دقة، وصواريخ كروز، مؤشر على تطور العلاقة بين إيران والحوثي، ووصولها إلى مستوى متقدم من الدعم العسكري، في مقابل تواطؤ بعض أطراف التحالف، وعجز أممي عن وقف هذا الخرق الواضح للقرارات الدولية".
- من يمول الحوثيين؟
في أغسطس الماضي، نشر دبلوماسي سعودي وثيقة خطيرة تكشف تورط دولة الإمارات العربية المتحدة، الحليف الأقوى للسعودية، في دعم المليشيات الحوثية لاستهداف المملكة.
ونشر الدبلوماسي السعودي السابق سلطان الطيار، في تغريدة على "تويتر"، جزءاً من تقرير مجلس الأمن، الذي أشار إلى اعتراض قوات الشرعية في مأرب شحنة طائرات قادمة من دبي، تم شراء مكوناتها من خلال الإمارات (ذكرت اللجنة اسم البنك ورقم الحساب)، ثم تركِّبها شركة إيرانية وترسلها إلى اليمن من خلال دبي، كما يتحدث التقرير.
وأكد محمد المسوري محامي الرئيس اليمني السابق، أن الإمارات هي التي "تهرب الطائرات المسيَّرة إلى الحوثيين".
وأضاف المسوري في تغريدة نشرها على "تويتر" حينها: "هذا ليس قولي وإنما تقرير فريق الخبراء الدوليين، أَبَعد هذا تقولون لنا إن الإمارات جاءت لدعم إعادة الشرعية؟! كيف تريدون منا أن نوجه البوصلة نحو تحرير صنعاء والإمارات تقاتلنا من الأمام وتطعننا من الخلف؟!".
- "الانتقالي" وعلاقته بالحوثيين
وفي أكتوبر الماضي، أظهرت وثيقةٌ إعطاء القيادي في "الانتقالي الجنوبي"، ومدير أمن عدن الموقوف عن العمل اللواء شلال شايع، ترخيصاً لمرور ناقلة محملة بوقود طائرات لمليشيات الحوثي.
ويظهر في الوثيقة التي حُررت بتاريخ 3 أكتوبر، اسم تصريح مرور لناقلة محملة بوقود طائرات بحجة أنها تابعة للأمم المتحدة.
وسبق أن كشف الخبير العسكري والمحلل الاستراتيجي السعودي سليمان العقيلي وجود خيوط اتصال بين الحوثيين والمجلس الانتقالي برعاية إيرانية.
وكشف العقيلي في حوار متلفز على فضائية "سهيل" اليمنية، في أبريل من العام الماضي، عن وجود خط إمداد لتهريب الأسلحة إلى الحوثيين من جنوبي اليمن "وتحديداً يتم إنزالها بحراً قبالة ميناء (بير علي) في محافظة شبوة الجنوبية، ثم يتم شحنها براً الى صنعاء عبر محافظة البيضاء وسط اليمن والواقعة تحت سيطرة الحوثيين".
- أسلحة أمريكية بيد الحوثيين
وفي نوفمبر من العام الماضي، أعلنت واشنطن اعتزامها إرسال محققين إلى كلٍّ من السعودية وحليفتها في حرب اليمن الإمارات، من أجل التحقيق في كيفية وصول أسلحة أمريكية إلى المقاتلين الحوثيين في اليمن.
وجاءت هذه التحركات، بعدما كشفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، في فبراير 2019، عن عربات مدرعة أمريكية الصنع تُعرف بـ«MRAPs» بيعت للسعودية والإمارات وتم نقلها إلى جماعات، من ضمنها جماعة الحوثيين.
وقالت واشنطن: إن ذلك يعد "خرقاً للاتفاقيات المبرمة مع واشنطن"، وقد استخدمت هذه المجموعات الأسلحة ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، والتي تدعمها أمريكا.
وقالت المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، إليزابيث وارن: إنها "منزعجة من قلة التعاون الواضح في هذه العملية من جانب السعودية والإمارات، وهو ما يدعو إلى التساؤل عما إذا كان بيع الأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى لهاتين الحكومتين يصب في مصلحة أمريكا".
- صراع الإمارات مع "الشرعية"!
أما الناشط والباحث السياسي اليمني فهد سلطان فيرى أن تحوُّل الحوثيين من مربع الدفاع إلى الهجوم بعد خمس سنوات من الحرب "لم يأتِ من فراغ؛ بل له أسباب موضوعية"، مشيراً إلى أن "هناك أطرافاً إقليمية ودولية ومحلية مستفيدة من استمرار الصراع في اليمن، خاصة مع تشابك المصالح وطول أمد الحرب".
وأضاف: "تفكُّك عرى التحالف من عشر دول إلى دولتين فقط خلال أقل من عامين، ثم تباين الأجندات باليمن بين الدولتين في الخفاء، على الأقل بعيداً عن الإعلام، خلقا جواً مرتبكاً، وهذا الجو استفاد منه الحوثيون وجاء على حساب الشرعية".
وأشار سلطان في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن دخول الإمارات في صراع مفتوح مع الشرعية "دفعها إلى التعامل مع الحوثيين مباشرة، وظهرت آثار ذلك جلية، خاصة في الحرب الأخيرة في نهم، ومن المرجح أنها سهلت وصول الأسلحة إليهم".
وتابع: "تدفق السلاح والمخدرات أعطى الحوثيين قدرة على المناورة إلى جانب الأموال الطائلة التي يكسبونها كل يوم، وهو ما نشط عمليات التهريب وتدفق السلاح، خاصةً أن الإمارات تسيطر على أجزاء واسعة من السواحل اليمنية".