معهد إسرائيلي: تباين أجندات السعودية والإمارات في اليمن سيعطل الجهود في مواجهة إيران
[ يعتقد المعهد الإسرائيلي أن انسحاب الإمارات عسكريا من اليمن سيجعل الحرب على الحوثيين مهمة صعبة بالنسبة للسعودية ]
حذر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي من الأهداف المتباينة بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في حرب اليمن.
وقال المعهد في تقرير له نشره على موقعه الإلكتروني وترجمه "الموقع بوست، إن الرياض وأبو ظبي اللتين تقودان تحالفا عسكريا في اليمن منذ 26 مارس/آذار 2015 منقسمتان حول طبيعة الدولة اليمنية وإصلاحها المحتمل.
وأفاد التقرير بأن السعودية مصممة على إعادة اليمن إلى هيكلها الحكومي الموحد قبل الحرب وإعادة الحكومة الشرعية التي تم طردها من صنعاء في مارس 2015، فيما المصالح الإستراتيجية والاقتصادية لدولة الإمارات تخدمها من خلال تأمين وتشجيع تطلعات المنطقة الجنوبية لدولة مستقلة.
وقال إن "القوى الانفصالية الجنوبية التي تطالب باستقلال جنوب اليمن والتي تتمتع بدعم من الإمارات، عززت قبضتها على عدن التي تعتبر العاصمة البديلة للحكومة المركزية اليمنية منذ خسارتها صنعاء". ولفت إلى أن هذا التطور يأتي بعد إعلان أبوظبي عن عزمها تخفيض عدد قواتها في اليمن ويعد علامة أخرى على أن السعودية والإمارات منقسمتان حول طبيعة الدولة اليمنية وإصلاحها المحتمل.
وأضاف: "الانسحاب العسكري لدولة الإمارات سيجعل من الصعب على السعوديين القتال ضد الحوثيين، حيث إن الجزء الأكبر من القتال البري كان من قبل دولة الإمارات ومرتزقة من الصومال وكولومبيا والقوات المحلية".
وأردف معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: "يجب أن تشعر الولايات المتحدة وإسرائيل بالقلق حيال نتائج النزاع في اليمن خاصة إذا شجع انسحاب الإمارات الحوثيين"، مشيرا إلى أنه قد تكون النتيجة وضعاً يسيطر فيه الحوثيون، بتعاونهم المتزايد مع إيران، على شمال اليمن ويواصلون ضرب أهداف إستراتيجية في السعودية ويهددون حركة المرور في البحر الأحمر.
وأشار إلى أن الهجمات المستمرة على المملكة وانقطاع التجارة العالمية والاحتكاك المتزايد في محور الرياض وأبوظبي ستعطل جهود إسرائيل والولايات المتحدة، لأنها تسعى إلى بناء جبهة أكثر قوة وموحدة لمواجهة الأنشطة الخبيثة من إيران ووكلائها، حسب التقرير.
وتطرق معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في تقريره إلى الأحداث الأخيرة في جنوب اليمن وسيطرة القوات الانفصالية -التي تطالب باستقلال جنوب اليمن وتتمتع بدعم من دولة الإمارات- على القصر الرئاسي والمنشآت العسكرية في مدينة عدن، مما أدى إلى تعزيز سيطرتها على المدينة الساحلية الجنوبية الإستراتيجية والتي كانت العاصمة البديلة للحكومة المركزية اليمنية منذ أن فقدت صنعاء.
ولفت التقرير إلى أن هذا التطور جاء في أعقاب إعلان دولة الإمارات عن عزمها تخفيض عدد قواتها في اليمن مع استمرار التوترات في الخليج بين إيران والولايات المتحدة.
وأضاف المعهد: على الرغم من أن الرياض وأبوظبي تحاولان بث "العمل كالمعتاد" في علاقاتهما وحتى الإعلان عن تشكيل لجنة ثنائية لإدارة "وقف إطلاق النار" في اليمن، فإن الحقيقة هي أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة منقسمتان حول الطبيعة وإصلاح محتمل للدولة اليمنية، لافتا إلى أن هذا الاختلاف يمكن أن يضع زعيمي التحالف العربي في اليمن على طرفي النزاع المتعارضين ويختبران العلاقة بينهما.
وعن أجندات الإمارات الخارجة عن أهداف التحالف المعلنة التي جاء من أجلها وهي -دعم الشرعية وإنهاء الانقلاب الحوثي- تحدث المعهد عن دعم الإمارات العربية المتحدة للانفصاليين في نهاية المطاف بتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أصبح القوة الرئيسية لاستقلال الجنوب. إلى جانب المجلس وقف المقاتلون من الحزام الأمني الذي أنشأته الإمارات كقوة عسكرية للدفاع عن حدود المحافظات الجنوبية ضد هجمات الحوثيين.
وقال التقرير: "لا تخدم دولة جنوبية مستقلة المصالح السعودية ولا مصالح حكومة هادي، خاصةً عندما تظل معظم المناطق الشمالية السابقة تحت سيطرة الحوثيين الذين تعتبرهم السعودية امتداداً لإيران في اليمن، وبالتالي فهي غير قادرة على قبول حكمهم في أي جزء من اليمن. من جانبها ترى دولة الإمارات مصلحة في إنشاء دولة جنوبية كوسيلة لزيادة نفوذ الإمارات على المناطق الساحلية في اليمن من أجل تخفيف حدة المنافسة الاقتصادية لموانئها في دبي وأبوظبي وكذلك توسيع أنشطتها في الدول الأفريقية القريبة.
وأشار معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي إلى أن قيام دولة مستقلة في جنوب اليمن قد يمكّن دول الخليج الأصغر من تكوين علاقات ووضع سياسات خارج سياق الصراع الإيراني السعودي.
كما أشار التقرير إلى أن الخلافات بين السعودية والإمارات والقوات التي تدعمها في اليمن تعكس المصالح المتباينة للبلاد، لافتا إلى أن المملكة مهتمة في المقام الأول بالتهديد الذي يمثله الحوثيون المتمركزون في شمال اليمن، لأنهم قريبون جغرافياً من المملكة ولديهم عداء شديد للمملكة كما يتضح من الهجمات الحوثية المستمرة على أهداف إستراتيجية مدنية وعسكرية في السعودية.
وذكر التقرير أنه في هذه المرحلة لا يزال هناك عدد من الأسئلة، سيكون من المهم أن نرى كيف تؤثر التطورات الأخيرة في الحملة في اليمن على العلاقات بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي العهد الإماراتي محمد بن زايد حيث يعتبر تعاونهم السياسي والعسكري في اليمن شهادة على العلاقات القوية بين البلدين.
وتساءل معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: هل يعني إعلان سحب الإمارات للقوات العسكرية من اليمن التسبب في تدهور العلاقات بين البلدين، أم أن آثارها تقتصر على المسرح اليمني؟
وقال إن الإنسحاب من اليمن يدل على رغبة دولة الإمارات في أن تنأى بنفسها عن حملة اليمن التي تقودها السعودية وذلك بسبب النقد المكثف الذي كسبته في الكونغرس الأمريكي والسعي لتخفيض خسائرها في النزاع الطويل من أجل تركيز الانتباه على تهديد آخر وهو إيران أو ربما لاسترضاء هذا الأخير.
وتوقع المعهد أن الانسحاب العسكري لدولة الإمارات سيجعل من الصعب على السعوديين القتال ضد الحوثيين وسيؤدي فقدان شريكها الأكثر كفاءة إلى تعقيد الوضع بالنسبة للمملكة وقد يجبرها على البحث عن حل تفاوضي مع الحوثيين. ومن المحتمل أن يشجع الحوثيون على التفكك الفعلي للتحالف ضدهم وكذلك من الأضرار التي لحقت صورة المملكة العربية السعودية نتيجة لحملتها العسكرية التي اعتبرت عاملا رئيسيا ساهم في الكارثة الإنسانية في اليمن.
--------------------------------------
* معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي يقدم تحليل السياسات والتوصيات لصانعي القرار والقادة العامين والمجتمع الإستراتيجي على حد سواء في إسرائيل والخارج. كجزء من مهمتها فهي ملتزمة بتشجيع طرق جديدة للتفكير وتوسيع الخطوط التقليدية لتحليل المنشآت.