الهند توجه البوصلة إلى سقطرى اليمنية بالتعاون مع الاحتلال الإماراتي (تقرير قناة المهرية )
يمثل أرخبيل جزر سقطرى الذي يقع في نقطة التقاء المحيط الهندي مع بحر العرب وباب المندب، نقطة استراتيجية بحرية شديدة الأهمية، جعلته في مرمى الأطماع الإماراتية التي لا تتوان في ترسيخ أقدامها في الأراضي اليمنية ليساعدها على توسيع نفوذها في المنطقة، لخدمة المستعمر الغربي، وهذه المرة في خدمة المستعمر القادم من الشرق "الهند" ليساعدها في البقاء طويلا في الأرض اليمنية.
وفق مقال نشره الكاتب" جاجاتي باتنايك" في صحيفة "فرست بوست" وترجمه موقع" المهرية نت" أفاد أن وضع جزيرة سقطرى الحالي، يشكل نموذجا لتحقيق نفوذ الهند في المحيط الهندي، ولكبح جماح نفوذ الصين المتنامي، ولتوسيع نطاق تجارتها عبر التعاون مع الإمارات العربية المتحدة.
ويرى الكاتب" جاجاتي" إن موقع جزيرة سقطرى في المحيط الهندي قد عزز موقعها التجاري الرابط بين دول شبه الجزيرة العربية وبلدان شمال أفريقيا مع بلدان جنوب وجنوب شرق آسيا، وعلى الرغم من أن سقطرى أرض يمنية، إلا أن أهميتها الجيواستراتيجية اجتذبت كلاً من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ولتجذب معهم هذه المرة الهند.
وقال: استغلت دولة الإمارات العربية المتحدة هذه الأزمة اليمنية كفرصة ورسخت مصالحها الجيو اقتصادية والجيواستراتيجية في جزيرة سقطرى وأثبتت وجودها الفعلي هناك، بعد الانقلاب على الحكومة من قبل المتمردين التابعين للإمارات.
وأشار إلى إن الميناء والمطار الذي تم بناؤه في حديبو بأموال إماراتية يجعل من الجزيرة معقلاً لأبو ظبي، ويمكن للأهمية الحيوية لهذه الجزيرة أن تغير قواعد اللعبة بشكل كبير في التدريبات الاقتصادية والعسكرية والتصدير والاستيراد، لذلك، ولتسجيل أهميتها الجيواستراتيجية والجيو اقتصادية في المنطقة، قامت الإمارات ببناء قاعدة عسكرية في سقطرى، وقد زاد هذا من عدم الراحة في العلاقة بين أبوظبي والرياض، ورغم أن هذا ليس واضحا، إلا أن الاستياء الضمني موجود رغم ذلك.
ونوه الكاتب، إلى أن الإمارات تستخدم قوات المتمردين الجنوبيين في اليمن للسيطرة على الجنوب اليمني، كما طورت علاقاتها مع دول شرق أفريقيا لتسريع مصالحها في المنطقة لمجابهة القوى الإقليمية ذات الثقل الأخرى في المنطقة، والآن تريد تمكين الهند في جزيرة سقطرى عبر الشراكة الاقتصادية والتنسيق لمواجهة الحلف الروسي الصيني الإيراني .
*الهند والإمارات في مواجهة الصين
ويرى الكاتب أن لجوء الهند إلى وضع سقطرى اليمنية لتوسيع نفوذها، بالتعاون مع الإمارات، هو ضمن خطة الممر الاقتصادي الهندي الطموح بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، على الرغم من أنه في طور الإعداد، لذلك سوف يكتسب زخماً هائلاً بسبب التعاون الهندي الإماراتي المزدهر.
ولوضع حد للمنافس الصيني، ولخطة الصين في "طريق الحرير" بمنطقة البحر الأحمر وشرق أفريقيا، وفي حالة التعاون بين الهند والإمارات العربية المتحدة في جزيرة سقطرى، يمكن للهند أن تمارس الرقابة على تطلعات الصين في جوادار وهي جزء من ممرها الاقتصادي الطموح بين الصين وباكستان، لممارسة سلطتها على الجزء الغربي من المحيط الهندي ومياهه البحرية.
*مصالح استعمارية
تكشف الأحداث المتتالية وتطورات المشهد المتلاحقة يوماً تلو الآخر أن الأجندة الإماراتية الاستعمارية في اليمن مستمرة، والأطماع الهندية الإماراتية في سقطرى اليمنية، لم تكن البداية لتدشين مرحلة جديدة من العلاقات الطبيعية بين البلدين، بل تتويج لسنوات طويلة من التنسيق والتناغم المشترك في عدد من المجالات الاقتصادية.
ويعد اليمن أحد أبرز ساحات هذا التناغم بين الإمارات الطامحة والهند الصاعدة إلى سلم الاقتصادات الأقوى في العالم، لا سيما جزيرة سقطرى، ذات الأهمية الإستراتيجية الكبيرة، التي أصبحت “كلمة السر” في تنامي العلاقات الهندية الإماراتية خلال الآونة الأخيرة، في ظل ما يثار بشأن ربط الهند بطريق تجاري يربطها مع الشرق الأوسط وأوروبا, فجزيرة سقطرى تتصل بالبحر الأحمر والبحر العربي والمحيط الهندي وهذا يجعل منها ملتقي للتجارة والملاحة بين قارات العالم.
الأكاديمي اليمني سعد راجح يفيد بأن الهند ترى في اتصالها بجزيرة سقطرى اليمنية، تاريخيا، أقدم بكثير وأعمق، حيث كان للهند القديمة آثار تجارية وثقافية كبيرة في العديد من الأماكن الاستراتيجية في منطقة المحيط الهندي ومنها سقطرى اليمنية.
وفي حديثه لموقع المهرية يتابع راجح، "تحتاج الهند إلى توجيه مسار بنية التجارة عبر البحرية، نظرا لروابطها البحرية القديمة، لذلك وجدت الإمارات من تقوم لها بالعمل في الأراضي اليمنية، وخاصةً في جزيرة سقطرى، ومن جهة تريد تشرك الإمارات القوى العالمية في سقطرى، لتمكنها من البقاء في سقطرى لفترة طويلة، فقد مهدت الإمارات لإسرائيل في الجزيرة، والآن تسحب الهند".
ويتابع": الإمارات دولة وظيفية تقوم بخدمة اسيادها المستعمرين، لذلك لا غرابه من افساح المجال للهند في جزيرة سقطرى، لأنها تريد ترسم صورة للقوى الاستعمارية أنها الجندي والوحيد القادر في الشرق الأوسط على القيام لعب دور الشرطي الأمين على مصالح النظام العالمي الاستعماري".
لماذا الهرولة؟
هرولة أبوظبي لخدمة “الهند” في البحث عن موطئ قدم لها في هذا الموقع الإستراتيجي رغم المعارضة الشديدة لهذا التوجه من جانب الحليف السعودي، يضع العديد من التساؤلات عن دوافع تلك الهرولة وما يمكن أن تحمله من تداعيات مستقبلية على الخريطة الجيوسياسية للمنطقة ككل.
يمثل محور حوض البحر الأحمر لا سيما المنطقة الإستراتيجية المطلة على مضيق باب المندب وبحر العرب مكانة بارزة لدى المنظومة الاقتصادية الهندية الصاعدة، وكثيرا ما أبدت اهتمامها بتلك المنطقة الحيوية التي حاولت الصين جاهدة على مدار السنوات الماضية اختراقها.
فسقطرى جزيرة ذات موقع جغرافي جزري مفتوح ولهذا النمط من المواقع مزايا اقتصادية وعسكرية وسياسية لذلك جاء اهتمام الهند بجزيرة سقطرى بوصفها تقع في نهاية الهلال الداخلي من جهة الشرق أي قلب جزيرة العالم بين القارات الثلاث القديمة، وبحسب هذا يكون موقعها الجغرافي ذا أهمية إستراتيجية كبيرة بسبب تحكمه في الطرق المائية التي تربط بين تلك القارات, والتحكم بالمحيط الهندي.
ومع إحكام الإمارات سيطرتها الكاملة على جزيرة سقطرى اليمنية، وجدت دلهي أن الفرصة باتت سانحة أمامها لإحياء حلم الوجود في هذا المكان الإستراتيجي، ومن ثم بدأت التحركات مع الإمارات للوصول إلى جزيرة سقطرى، لضمان لتسهيل خطة الممر التجاري إلى أوروبا، وقطع الطريق أمام الغريم والعدو التقليدي "الصين" في تحقيق حلم ممر الحرير" وفق ما قاله الباحث مصطفى الكبسي.
ويتابع حديثه الكبسي لموقع المهرية نت: تريد الإمارات تكون اللاعب الأول في الشرق الأوسط، ولا تريد خسارة السابق مع السعودية، في تقديم الخدمات للغرب أو الشرق، لذلك منذ الوهلة الأولى لمشاركة الإمارات في قوات التحالف باليمن كانت سقطرى الهدف الأبرز من وراء تلك المشاركة، وهي نقطة الخلاف التي أدت إلى تباين وجهات النظر بين أبوظبي والرياض".
وأردف الكبسي: اتضح بأن كل التحركات الإماراتية في الممرات المائية والجزر البحرية اليمنية تصب في النهاية في خدمة اسياد الإمارات من إسرائيل إلى الهند إلى أمريكا، والان تقدم أبوظبي هدية على طبق من ذهب لدلهي، لتحقيق حلم الوجود في سقطرى، بما يسمح لها بالتحكم الكامل والمراقبة التفصيلية لكل الأنشطة في هذا الممر المائي الحيوي الذي يربط الشرق مع الغرب".
وتسعى الإمارات لطمأنة الأمريكان من خلال التأكيد مراراً وتكرارا على الالتزام بالتوجهات العامة للسياسات الأمريكية في الشرق الأوسط والمتعلقة بمناهضة النفوذ الصيني الروسي الإيراني، وذلك من خلال إشراك الحليف الإسرائيلي في مناطق النفوذ المختلفة في المنطقة لخدمة هذا الغرض، وكذلك الهند الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة في الشرق لمواجهة الخطر القادم من الصين.
والتنسيق الإماراتي الإسرائيلي الهندي الحاليّ في سقطرى، في حال استمر على هذا المنوال وبالكيفية والوتيرة المحددة، فإنه سيكون له تداعيات جيوسياسية كبيرة في منطقة آسيا والشرق الأوسط، إذ من المحتمل أن يساهم في الإسراع بظهور “المثلث الهندي الإماراتي الإسرائيلي".
ويكشف استقدام الإمارات الهند إلى جزيرة سقطرى، أطماع الإمارات في الجزر اليمنية، هي القبلة التي ترسم سياساتها الخارجية في المنطقة، حتى لو كان ذلك على حساب التوازن السياسي والأمني الإقليمي، ضاربة بالمرتكزات الوطنية والقومية عرض الحائط، لتبقى “الغاية تبرر الوسيلة” هي الاستراتيجية الأكثر حضورا في توجهات أبوظبي.