العلم يكشف سرا جديدا عن الدوران الفائق للب الأرض
[ نواة الأرض تتكون من لب داخلي صلب من الحديد والنيكل، يحيط به لب خارجي من الصهارة السائلة ]
لطالما كانت الحركات الخفية لنواة الأرض لغزا غامضا حيّر العلماء، ولا سيما أنه لا يمكن دراستها عن قرب أو الحصول على عينات منها لإجراء التجارب المخبرية عليها. وتتكون نواة الأرض من لب داخلي صلب من الحديد والنيكل، يحيط به لب خارجي من الصهارة السائلة تفصله عن طبقة الوشاح.
- دوران نواة الأرض
يطرح ترتيب طبقات الأرض بهذه الطريقة كثيرا من الأسئلة، ولعل أهمها ما يتعلق بأمور الدوران الفائق للنواة الداخلية.
فكيف يؤثر عدم اتصال اللب الداخلي الصلب من النواة -المعزول بصهارة النواة السائلة- بطبقة الوشاح الداخلية الصلبة أيضا على دوران نواة كوكب الأرض؟
وتشير فرضيات الدوران الفائق إلى أن اللب الداخلي للأرض يدور بمعدل مختلف عن معدل دوران كوكب الأرض.
وقد أظهرت دراسة حديثة نشرت بتاريخ 15 أغسطس من عام 2019 في دورية "جيوفيزيكال ريسرتش ليترز" أن اللب الداخلي لنواة الأرض يدور بمعدل يزيد على معدل دوران الأرض بمقدار 0.07 درجة تقريبا. وجاءت هذه القراءة نتيجة تحليل بيانات رصد ما بين عامي 1971 و1974.
- التجارب النووية لقياس دوران النواة
في بحثه الجديد يدرس جون فيديل من جامعة جنوب كاليفورنيا تسجيلات زلزالية عشوائية رُصدت نتاجا لتجربتين نوويتين منفصلتين أجراهما الاتحاد السوفيتي في أرخبيل نوفايا زميليا في شمال روسيا في الفترة الزمنية الممتدة ما بين عامي 1971 و1974.
إذ عندما أجريت تلك الانفجارات النووية قبل عقود، قامت محطات الرصد الزلزالي برصد شدة هذه الانفجارات في جميع أنحاء العالم. وبتحليل بيانات الرصد تلك تم قياس حركة اللب الداخلي استنادا إلى الموجات الزلزالية المكتشفة.
وقدر فيديل أن اللب الداخلي يدور بمعدل يزيد على معدل دوران الكوكب بمقدار 0.07 درجة سنويا ما بين عامي 1971 و1974، وبالتالي إن كان هذا القياس صحيحا، فذلك يعني أنه في حال وقوف شخص ما في بقعة ما عند خط الاستواء، فإن جزء لب النواة الداخلي الذي كان تحته سابقا سيكون على بعد 4.8 أميال بعد عام كامل.
- الشك في نتائج الدراسات السابقة
يعتبر فيديل أن الرقم الذي توصل إليه في دراسته الجديدة أكثر موثوقية مما سبقه من تقديرات مختلفة، ولا سيما تقديره السابق الذي طرحه عام 2000 عندما كان عضوا في فريق بحثي عمل على تحليل بيانات التجارب النووية نفسها، وقام بحساب سرعة الدوران الفائقة في الفترة الواقعة ما بين 1971 و1974، حيث تم تقديرها آنذاك بـ0.15 درجة في السنة.
وفي دراسته الجديدة يشرح فيديل الطرق الحسابية التي استخدمها في تصحيح البيانات ومعالجتها وتفسيرها. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه تم طرح نظرية الدوران الفائق لأول مرة في السبعينيات من القرن العشرين، إلا أن أول دليل جزيئي للنمذجة والبيانات الزلزالية لم يظهر إلا في التسعينيات، أي قبل بضع سنوات من نشر بحث فيديل الأول عام 2000.
وقد عرض العلماء تفسيرات أخرى عن سبب اختلاف القراءات والتقديرات المتعلقة بمعدلات الدوران الفائقة للب الداخلي، منها ما يرتبط بالاختلافات في سطح اللب الداخلي نفسه، ومنها ما يعزى إلى أنها تعتبر دراسات نظرية بحتة لجزء من الأرض يستحيل الوصول إليه.