تصعيد الانتقالي واستدعاء السعودية لمحافظها.. هل المهرة مقبلة على تطورات جديدة؟ (تقرير)
يلف الغموض المشهد في محافظة المهرة، التي يعد التوتر عنوانها الأبرز، خاصة بعد سقوط أرخبيل سقطرى بيد مليشيات ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي.
تتزايد المخاوف بشدة من أن تلاقي المهرة ذات المصير الذي تعيشه حاليا سقطرى ومحافظات جنوبية أخرى باتت تحت سيطرة الانتقالي التابع لدولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة بعد زيارة محافظ الأولى محمد علي ياسر، للملكة العربية السعودية في زيارة استمرت يومين بدعوة من سفير الرياض لدى اليمن محمد آل جابر.
ما أثار القلق، هو أن تلك الزيارة سبقت بساعات فقط توقيع وثيقة شرف بين أبناء المحافظة، لتجنيبها الصراع والفوضى. كما تتهم لجنة اعتصام المهرة المملكة بإفشال جهود أبناء المحافظة في ذلك الاتجاه.
وردا على استدعاء السعودية للمحافظ، توعدت لجنة الاعتصام في المهرة، بالتصدي لكل محاولات العبث بأمن واستقرار المحافظة، محملة الرياض وأبوظبي مسؤولية أي تصعيد.
ويبدو أن الخطر يقترب أكثر من المهرة، ولذلك فقد دعا رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، أبناء المحافظة إلى توحيد جهود كافة أبناء المحافظة لتحقيق الأمن والاستقرار.
وفي الوقت الذي تشجع فيه الرياض وأبوظبي والانتقالي دخول المهرة في دوامة الصراعات، تستمر محاولات أبناء المحافظة لتجنيبها ذلك.
في المقابل، يؤكد الشيخ القبلي علي سالم الحريزي استعداد القبائل للدفاع عن مؤسسات الدولة في المحافظة، والتصدي لتغول الانتقالي وكافة محاولات الفوضى والتمرد.
- أبعاد التوجه نحو المهرة
في قراءته لما يدور في المهرة، يرى الصحفي محمد السامعي أن هناك توجها سعوديا إماراتيا إلى دعم شامل للمجلس الانتقالي، من أجل توسع الأخير بالمحافظات الجنوبية بهدف تغيير خارطة الجغرافيا السياسية بالجنوب اليمني، لصالح كيانات لا ترفض أي تدخلات وتواجد عسكري للتحالف.
وأوضح لـ"الموقع بوست" أن هذا التوجه يراد منه سيطرة المجلس الانتقالي على كامل الجنوب وتعطيل أي دور وتواجد للشرعية في هذه المحافظات، بعد أن واجه التحالف رفضا مستمرا من قبل مكونات محسوبة على السلطة لمخططاته الرامية للتوسع الجغرافي، الشبيه بالاحتلال في المناطق التي لم يدخلها الحوثيون في أقصى شرقي اليمن.
وحول ما إذا كان الدور قادم على المهرة بعد سقوط سقطرى بيد الانتقالي بدعم إماراتي واسع، أفاد السامعي أن أنظار المجلس تتجه إلى فرض ما تسمى"الإدارة الذاتية" على المهرة، وسط رفض شعبي ورسمي واضحين هناك.
- تأثير سعودي كبير
وعقب زيارة محافظ المهرة للسعودية، تزايدت التوقعات بشأن إمكانية إقالته بضغط من المملكة. وفي هذا الصعيد يذكر المحلل السياسي فؤاد مسعد أن المهرة تشكل أهمية كبيرة للرياض خاصة بالنظر إلى موقعها الإستراتيجي، وفي ظل هذا الوضع الراهن الذي تعيشه اليمن، ومع حضور الدور السعودي المؤثر والفاعل باعتباره أكبر داعم للحكومة الشرعية في مواجهة الانقلاب الحوثي.
وأضاف لـ"الموقع بوست" أنه بناء على ذلك فمن المتوقع أن يؤخذ الموقف السعودي بعين الاعتبار في ملف المهرة، وبشأن محافظها وزيارته الأخيرة للرياض ولقائه برئيس الجمهورية، يعتقد مسعد أن من السابق لأوانه توقع إقالته لأنه عينه حديثا، ما لم يكن هناك أمر آخر.
وسواء بقي المحافظ أم تغير، فإن الحكومة تدرك أهمية الدور السعودي وتأثيره خاصة في محافظة المهرة، بحسب مسعد.
- تعقيدات جديدة
وتكرس السعودية تواجدها في المهرة، وذلك من أجل أن تحصل على منفذ بحري لها يتيح لها تصدير النفط دون المرور بمضيق هرمز الذي تعد إيران أحد المشرفين عليه، وسيربط المشروع الخليج العربي مرورا بالرياض إلى بحر العرب.
لكن ذلك التواجد سيخلق مزيدا من التعقيدات في المهرة وفق الصحفي السامعي، كون المحافظة تعد البوابة الجنوبية لسلطنة عمان، ما سيؤدي إلى خلق صراعات عسكرية وسياسية بين مسقط وداعميها من جهة والسعودية وداعميها من جهة أخرى.
ولم يستبعد السامعي أن يؤدي هذا الأمر إلى صراعات مسلحة مستمرة في المهرة، إذا لم تحدث أي تدخلات قوية من الدول الكبرى لحل التأزم الذي قد يحصل هناك.
كما أشار إلى أن الرئيس هادي -يتضح من تصريحاته- أنه لا يرغب في توسع الانتقالي إلى المهرة، وأنه يشدد ولو ضمنيا على استمرار الوضع كما هو هناك بدون أي تواجد عسكري للانتقالي الجنوبي.
لكن الضغوط الكبيرة وعدم وجود قرار حقيقي قوي للشرعية، يجعل من مسألة سيطرة الانتقالي على المهرة أو حتى حضرموت ليست بعيدة، فالتحالف لديه توجه واضح بدعم الانتقالي كمكون يرضخ لكل إملاءات السعودية والإمارات، وفق السامعي.
وبقيت المهرة لفترة بعيدة عن دائرة الحرب لبعدها الجغرافي، إلى أن بدأت محاولات الإمارات أولا ثم السعودية بالتواجد هناك، إذ حولت الأخيرة كثيرا من مؤسسات المحافظة إلى ثكنات عسكرية، وبدأت بمد أنبوب النفط، ثم تصاعد التوتر بشكل كبير، خاصة بعد أن شعرت سلطنة عمان بأن أمنها بات مهددا.
كما يستمر الانتقالي بالتهديد بالتوسع وأن تشمل الإدارة الذاتية مختلف المحافظات الجنوبية، لكنه يصطدم بكثير من التعقيدات على أرض الواقع، كون أغلب الجنوبيين لا يعتبرونه ممثلا لهم وللقضية الجنوبية.