إندبندنت: المهرة آخر أماكن اليمن المستقرة تهددها رياح الأطماع السعودية
[ من احتجاجات المهرة - أرشيف ]
قالت صحيفة الإندبندنت البريطانية إن محافظة المهرة تشهد حربا أخرى بالوكالة بين دول الخليج التي تطمح في جعلها ساحة نفوذ، دون أن تحظى تلك الحرب باهتمام دولي.
ونقلت الصحيفة -في تقرير لمراسلتها "بيل ترو"- عن باحثين يمنيين قولهم إن السعودية استقدمت 1500 جندي إلى المحافظة بزعم تدريب القوات المحلية والتصدي لتهريب الأسلحة.
وأشارت -وفق سكان محليين- إلى أنه بعد قدوم تلك القوات قامت الرياض بالاستيلاء على مطار المهرة المدني وأغلقته، وحولته إلى مقر عسكري، بالإضافة إلى أنها قامت بفتح خمس قواعد رئيسية أخرى، بعضها لا يزال قيد الإنشاء، ووصل عددها إلى 20 موقعاً، وهذا الأمر عزز مخاوف أبناء المهرة الذين يتهمون السعودية بالاستيلاء على الأرض، بحسب الصحيفة.
وقالت الصحيفة إن السعودية استبدلت محافظ المهرة السابق محمد عبد الله كده بالمحافظ راجح باكريت، الذي رشحته للمنصب، والذي قدم في يناير 2018 إلى المهرة على متن طائرة سعودية.
كما نقلت الصحيفة عن أحد السكان المحليين قوله إن السعوديين أطلقوا النار عليه أثناء جلوسه على إحدى نقاط التفتيش الواقعة على الطريق الرئيسي.
وأشار التقرير إلى رفض أبناء المهرة لتلك الممارسات، وهو ما عبروا عنه بالاحتجاجات المنتظمة ضد ما يعتبرونه "احتلالا" لأراضيهم من قبل الرياض.
ولم يكتف الوجود السعودي بإثارة السكان المحليين، بل فقد تسبب -وفقاً للخبراء والدبلوماسيين الأجانب- في حدوث صدع متزايد مع سلطنة عمان المجاورة، وهي قوة إقليمية أخرى.
وترى مسقط أن الاستيلاء على جارتها المهرة يشكل تهديداً محلياً لها، فالعديد من العمانيين هم من المهرة، في حين تمتد الأراضي القبلية عبر الحدود مع اليمن.
ونقلت الصحيفة عن الباحث اليمني بمركز صنعاء فارع المسلمي قوله إن المهرة كانت تعتبر معزولة وآخر مكان مستقر في اليمن، مضيفا أن هناك حرب قوى إقليمية تتخمر وأن المهرة ستكون خط المواجهة الجديد بالوكالة.
وقال التقرير إن الكثيرين في مسقط يعتقدون أن القيادة العمانية بحاجة إلى اتخاذ موقف أقوى ضد التعدي السعودي على المهرة.
ونسبت الصحيفة لـعبدالله الغيلاني، وهو إستراتيجي عماني، قوله إن المهرة كانت الحديقة الخلفية لعمان، مضيفا أن عمان قامت بتطوير الكثير من البنى التحتية هناك، وأن لديها علاقات سياسية قوية، وأنها ظلت منطقة عازلة ومكاناً سلمياً إلى أن وضع السعوديون والإماراتيون قواتهم هناك.
وتذكر الصحيفة أنه من المحتمل أن تكون المهرة قد وضعت السعوديين في مواجهة حليفهم الإقليمي الإمارات، عندما حاولت الإمارات وفشلت بين عامي 2015 و2017 في بناء وتدريب قوة من النخبة في المهرة.
وتعلق الصحيفة قائلة: "إنه في إطار هذه العملية، أقامت الإمارات مجموعة من القواعد على طول الساحل الجنوبي لبقية البلاد. وعبرت إحدى النساء التي قادت لمدة عام حركة احتجاج نسائية ضد وجود القوات السعودية في عاصمة المهرة عن قلقها من قيام الاحتلال السعودي بأخذ المزيد من الأراضي".
وتكافح التجمعات النسائية تدفق السلفيين الفارين من الحرب مؤخرا في أجزاء أخرى من البلاد، الذين ظهروا لأول مرة بعد أن أقام السعوديون قاعدتهم الرئيسية في المطار.
وتعتقد النساء -وفقا للصحيفة- أن السعودية شجعت الجماعات المتطرفة على الانتقال إلى المهرة، التي تعارض بشدة التفسيرات المتطرفة للإسلام وتعتبر السلفية تهديداً لها.
وتقول نادية، وهي أم لأربعة أطفال، إن احتجاجات الرجال، على غرار الحركة النسائية، قوبلت بالقوة، مضيفة أن ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص قد تم اعتقالهم.
وأضافت أن القلق الأكبر يتمثل في استمرار الوضع على ما هو عليه، لأن ذلك سيقود إلى حرب في نهاية المطاف.
وأشارت الصحيفة إلى مقتل شخصين في نوفمبر من العام الماضي خلال مظاهرة قام بها رجال القبائل المحلية، والتي تعرضت للهجوم من قبل القوات المدعومة من السعودية.
وتضيف أنه في الآونة الأخيرة بدأ التحالف السعودي في المهرة باستخدام مروحيات أباتشي لتخويف المحتجين حين قام قبل مدة بإطلاق أعيرة نارية تحذيرية بالقرب من مدينة الغيضة.
ويروي شقيق نادية، البالغ من العمر 28 عاماً، كيف قامت السلطات السعودية باحتجازه لفترة وجيزة في المطار، واستجوابه عن دور شقيقته في الاحتجاجات، وحثه على التوقيع على وثيقة تعد بعدم مواصلة التجمعات.
وأضاف: "طلبوا مني أن أخبر أختي أنها يجب أن تتوقف عن الذهاب إلى الاعتصامات، ثم أخرجوني أخيرًا بعد 10 ساعات عندما تدخل شيخ قبلي". وتابع: "كنا نعيش في سلام حتى وقت قريب، إنهم يأتون ويعتقلون الناس من منازلهم، ويتهمونهم على ما يبدو بأنهم محرضون أو متطرفون".
وتابع: "يشكو الصيادون في محافظة المهرة من عدم السماح لهم بالصيد حول القواعد السعودية الجديدة، بحجة أنهم متورطون في التهريب، وهو ما قلص أرباحهم اليومية بسبب القيود المفروضة عليهم من قبل السعودية". وأضاف: "لو كنا مهربين لكان لدينا الكثير من المال، ولما كنا جالسين في حوض صغير نحاول الصيد".
وأوضح التقرير أن الاستيلاء على السلطة يعد جزءا من الجهود التي يبذلها السعوديون لبناء خط أنابيب نفط من أراضيها إلى بحر العرب، وهي الفكرة التي كانت تدور لديهم منذ عقود.
وقال أحمد محمد قحطان، وهو قائد الشرطة السابق في المهرة، إنه عقب الأزمة في مضيق هرمز، قام السعوديون بشراء المزيد من الأسلحة وعززوا من السيطرة على الحدود، وتجنيد القوات المحلية.
ويرى قحطان أن غرض الوجود السعودي في المهرة هو الاستيلاء على الأراضي النفطية والإقليمية الإستراتيجية، قائلا إن رجال قبائله عثروا على مهندسين تحت حراسة القوات المدعومة من السعودية في محاولة لوضع علامات لخط أنابيب.
وأضاف: "يريد السعوديون استغلال مئات الآلاف من براميل النفط عبر بحر العرب، وقد رأيناهم في الآونة الأخيرة يضعون علامات لخط أنابيب، وأمسكنا بهم وأخذنا أسلحتهم". وتابع: "إن السعودية والإمارات زرعتا مليشيات في المهرة.. وتشرعان في بدء حرب أهلية تلوح بوادرها في الأفق القريب".