الجمعة 2024/04/26 الساعة 01:22 AM

الثورتان في اليمن.. لماذا فشلتا؟ الزبيري متسائلاً!

الاربعاء, 29 سبتمبر, 2021



في كتابه "المنطلقات النظرية للثورة اليمنية" يتساءل محمد محمود الزبيري: "الثورتان في اليمن ... لماذا فشلتا؟!"

الكتاب رؤية نقدية وتحليلية للثورة اليمنية في بداياتها. فالزبيري يمتلك قدرًا من الشجاعة ليس لمواجهة الإمام فحسب إنما لموجهة الأخطاء. ومن المؤسف انه يوجد اليوم من لا يجرؤ على طرح سؤلا كهذا" لماذا فشلت الثورتان؟!". في أسوأ الأحوال الكتاب سيعرفك على طريقة تفكير اليمنيين في الأربعينيات من القرن العشرين. سيتحدث الكتاب أيضا عن الميثاق الوطني وعلاقة الإمام المشبوهة مع أمريكا.

كان الواقع تحت حكم الإمام شنيع لدرجة أن اللغة تعجز عن وصفه كما يقول الزبيري: "إن اللغة لتعجز عن تسجيل الواقع الرهيب ولكنه تقريب إلى الأذهان نحاول أن نكتبه ونحن نشعر بالهوة السحيقة بين الوصف التافه الذي نسجل والحقيقة الشنيعة التي نرى".

على طريقة الباحثين يتساءل الزبيري "لماذا يثور الشعب؟ لكل ثورة مشروعية لابد من أمرين: المثل العليا والتجاوب مع روح الشعب. إن تطلعات الشعب ومثله العليا هي: مقاومة حكم الإستبداد، سعادة الشعب، حكم الشعب، وحدة الشعب، استقلال الشعب، الاتحاد العربي. يذكر أن فكرة الاستقلال كانت تعني الاستقلال اليمن الشمالي فقط لاسباب ذكرها الكتاب كما لم يحدد الأحرار نمط الحكم الديمقراطي: ملكي جمهوري ولم يحددوا موقفهم من المذاهب الاقتصادية العالمية آنذاك لأنها أفكار مجردة لا تقوم على أساس من الواقع. وبخصوص الحرب الإمامية السعودية يذكر أنه كان لها أثر كبير في تفجير الثورة في اليمن، ما يشير إلى الأثر الخارجي في تفجير الثورة في اليمن.

أما عن تساؤل محمد محمود الزبيري لماذا فشلت الثورة فإننا نلخص الجواب كما جاء برأيه: قدرة الإمام على المخادعة جعل العاطفة والحب والبغض والسخط والرضى أسساً للأفكار الوطنية. إختلاف قادة اليمن الكبار وإنسياقهم خلف الإمام يحيى. إن الخارج لا يعطف على القضية اليمنية كما يعطف علي القضايا التحررية الأخرى. شخصية الإمام وسحرها فقد كان الإمام يحيى يتمتع بنفوذ روحي كبير. العجز عن التضحية. الفقر وهو علة العلل. القداسة الزائفة للطغاة. هذا بالنسبة عن حديثة عن فشل الثورة إجمالا.

يورد في الكتاب ذكرًا لأخطاء الأحرار اليمنيين في المرحلة الأولي من الثورة.. نلخصها كالتالي:

أولاً أن المثقفين تجاوزوا فكرة الألم ومعاناة الشعب وراحوا يحدثون الناس عن أفكار نقلوها نقلاً محاكياً من الكتب والمجلات وبلغة حديثة لم يستوعبها الناس. لقد كان لهذا الخطأ تبعات. منها: تمكن الإمام يحيى في وقت مبكر من التفطن لمقاومة الأحرار وبشدة. إضاعة الأحرار لفرصة اللقاء مع الشعب وذلك عندما راحوا يخاطبونهم بمفاهيم لا يفهمونها.

ثاني تلك الأخطاء: محاولة الأحرار التقرب من الإمام وعدم التفطن لمقدرته الكبرى على الخداع والتمثيل واللعب بعواطف اليمنيين، فقد كان الامام أحمد يتعمد التقرب من الثوار حتى تفقد عزائمهم مع الوقت وينسون القضية، كما كان لبعض الأحرار آراء ومواقف متقلبة محكومة بالرضى والسخط من شخص الإمام.. الأمر الذي انعكس في النهاية على موقفهم من القضية الرئيسية. فانقسم أقطاب اليمن على أنفسهم جراء دسائس الإمام من جهة وتنافس الشخصيات وتحاسدها وتدافعها لكسب الحظوة والإنفراد بالإمامة من جهة ثانية.

ثالثا: إجتماع أخطر الشخصيات التحررية في تعز أصاب الإمام بالذعر وبدأ يتفنن في نصب الدسائس والتمزيق بينهما الأمر الذي انتهى بالصراع بين العائلات والشخصيات وراحت نار الحقد والحسد تحطم العائلات وتفسد الشعب.

الخطأ الرابع: القاعدة الشعبية التي ضيعها الأحرار بخلق هوة بينهم وبين القاعدة الشعبية في عدن كما لم يعتمدوا على الكفاح الشاق بل ظلوا ينتظرون عون الأحرار التجار قبل أن يؤمن هؤلا التجار إيماناً قوياً بالقضية اليمنية.

الخطأ الخامس: مركز الثقل الذي خسره الأحرار في الداخل اتصال القبائل بالأحرار، العجز المادي لدى الشعب أورثهم الخوف والجوع، ضعف الشعور بالمسؤولية لدى الشعب، الهوة التي تفصل بين القبائل والمدنيين، الروح اليمنية شديدة الإتكالية، فقد انهالت مطالب الشعب فوق رؤوس الأحرار دفعة واحدة، يقول الزبيري: "لقد كان على الأحرار أن يكونوا عفاريت سليمان فيحضرون عرش بلقيس لكل كسلان أناني جبان قبل أن يرتد أليه طرفه." الإتكال على الوهم والخوف من الوهم.


* نقلاً عن " المصدر أونلاين"

المزيد من صلاح الواسعي