حانت اللحظة المناسبة للتحرر من التبعية والوصاية
السبت, 27 يوليو, 2024
ثرنا حسرة على وطن قابع تحت منظومة سياسية مرتهنة ورهنت القرار السياسي والاقتصادي لأطماع الإقليم وصراع الأقطاب في المنطقة والعالم .
أي ثرنا على تدخلهم السافر في شؤوننا الخاصة , وإغلاقات ذلك التدخل لمسيرة نضالاتنا بحيث لا تفضي لهدفها , واحتواء كل حركاتنا التحررية و النهضوية , بحيث نبقى كما يريدون الحديقة الخلفية , وتبقى جزءا من قوانا السياسية , موظفين في اللجنة الخاصة , توظيف معيق لمسيرة نضال أمة وتطلعات شعب تواق للحرية , توظيف لا يسمح لوطن أن ينهض , وينافس بقوة , ويستثمر ما وهبه الله من ثروة وملكات وموقع استراتيجي , ليتحرر من الارتهان والتبعية .
ولازلنا نخوض معركة التحرر , ويبقى السؤال لماذا لم نتحرر بعد ؟!!
في كل يقظة وعي ثوري , تتحرك أياديهم الخفية , وموظفي لجنتهم الخاصة , ويتم توظيف ما يمكن توظيفه , لتغيير مسار المعركة الوطنية , والتحرر والاستقلال , لمعارك جانبية في الداخل , لتعزيز الخصومة , مستهدفين نقاط الضعف فينا , وإنعاش نفس النعرات والكراهية , لتعود الروح لمشاريع تمزق الأواصر وتشتت اللحمة , وتوجد مبررات الصراع والشيطنة والحروب العبثية , لغرض الشتات والتمزق والارتهان .
بدعم مباشر , أدخلونا في معمعة الفوضى , فوضى تدمر القيم والأخلاقيات , وقتل فكرة الدولة الوطنية في النفوس , وكان لابد أن يتفسخ الواقع , فأوجدوا مبررات ذلك التفسخ , وها نحن نشاهد كل شيء أمامنا ينهار , حاولنا أن لا نكون جزءا من الانهيار , في المساهمة بما لدينا من مساحة وحرية وأفكار , لوقف حركة الانهيار , نشير لخطورة ومآلات السلوكيات والاختيارات والمواقف , وهي تضع مبررات ذلك الانهيار , تحت عناوين مختلفة , تجد قبولا لدى الناس , لأنها تخاطب تطلعاتهم وطموحاتهم , وتمس أوجاعهم وآلامهم , وتقدم صورة موهومة لمستقبل ينشدونه , والحقيقة أن الواقع كان كافيا في انعكاساته ليفضح وهم ما يروجون له وما يصنعونه من مكونات وكائنات تخدم أطماعهم , وتعيد صناعة سلطة بديلة تنفذ أجندات تلك الأطماع , وتعيد تموضع منظومة سياسية ضامنة للارتهان والتبعية , ولا يوجد أفضل من سياسة التجويع وفرض حالة التسول .
حاولنا ولازلنا نحاول , في الحفاظ على نهضة الوعي , ومسار المعركة الوطنية , وتجنب متاهات المعارك الهامشية , ونصطدم بعقول صلدة وأكثر وقاحة وارتهان , أسيرة لصور ذهنية رسخت وعممت , ونفس مصابة بدأ الضحية , ضحية تتقبل أي يد تمتد لها وتتلقفها , تحت مبرر التحالف مع الشيطان ضد الخصوم , أدواتهم في معاركهم التدميرية , معارك تستهدف كل صوت وطني يرفض التدخل الخارجي , وشيطنة كل من يعارض فكرة الارتماء والارتهان , معارك تعيد توظيف النفوس المريضة , تحت وهم التحالف مع ما يخدم مشروع تلك النفوس , وهو تحالف مرهون للحاجة , وغير منضبط بقيم وأخلاقيات وطنية وإنسانية , يساهم لحد كبير في صناعة العمالة , ويدمر الحد الفاصل بين الحق والباطل في الفكرة ذاتها , وبالتالي تدمير للروح الوطنية , والغيرة على الأرض والعرض , هي بحد ذاتها فكرة شيطانية مالاتها خطيرة على الوطن والأمة .
تم توظيف الكثير وترويضهم , حتى فقدوا الإحساس بالمهانة , فقد الروح الوطنية والغيرة على الأرض والعرض , لم تعد تثير غرائزهم انتهاك السيادة والإرادة والأرض والهوية , التاريخ والإرث , يتحولون لأدوات مطيعة .
اليوم الصورة أكثر وضوحا, في عدد من التسريبات , آخرها منشور الدكتورة فاطمة إسماعيل رضا , والورقة التي كانت ضمن ملف رفع قضية دولية (لاستعادة أراضي دولة الإمارات التاريخية المقتطعة والمجتزئة خارج حدودها ابتدأ من جزيرة سقطرى التابعة لدولة الإمارات وتراثها التاريخي المتوارث عبر الأجيال ...) , وعدد من التغريدات المسيئة لليمن وهويته وتاريخه وأصالته وآخرها تغريدة ضاحي خلفان ( أتبرأ من الانتساب للعرب إذا كان أصلهم من اليمن ) .
هذا الوضوح المرائي برؤية القيم والاخلاقيات والمبادئ , مآلاته على واقع المناطق المحررة من عدن للمهرة , من السيطرة على الجزر والموانئ ومنافذ هامة في البلد ومصادر الثروة , وفرض أمر واقع تسيطر فيه أطماع إقليمية ودولية وأدواتهم المدجنة , وكل ما يمكن توظيفه لتلك السيطرة , من خلال مبادرات الصلح , ورمي الطعم ,و مبدأ ما لم يتمكن من ترويضه يتم إغرائه , وما لم يتمكن من إغرائه يتم شراؤه , وما لم يتمكن من شرائه يتم اقصائه وإخراجه من العملية السياسية برمتها .
الخطورة تكمن في عدد ممن يتقبل مبررات ما حدث ويحدث , ويعتبرها حالة تحرر واستقلال , فلم يعد يشعر بالأسى على ما يحدث في أرضه و وطنه وكرامة الإنسان فيه , صار موظفا ملتزما , فاقد الإحساس الوطني والإنساني , موظف منتهك لكرامة الوطن والأمة , من أجل مال حرام يجد فيه تحسين معيشته ونفوذه , لا إحساس لدية بأوجاع الناس ومصائبهم , بل هو موظف لذلك لم يحس بالإهانة , وكلما تمادوا بالإهانة , كلما أوجد لهم مبررات إهانته واهانت وطنه وشركائه , وتقبل هذا الواقع المهين بل تقبل بعضهم الإذلال والرضوخ والعمالة , في وطن ينهار , و يهان ويذل أمام الملأ , ومن على مواقع التواصل الاجتماعي , وقنوات العهر , وصحف الارتزاق , والله المستعان .
رغم كل ذلك اليمن عصي على الأطماع , يمرض يعاني , لكنه لا يموت ولا يستسلم , يحتمل ويتأمل عودة المسيئين لجادة الصواب , ما لم سيلعنهم التاريخ على كل لحظة ألم وأسى وبؤس سببوه للوطن والأمة
نقلا عن المهرية .