الجمعة 2024/05/10 الساعة 07:48 PM

"التدخل العسكري والأمني لبريطانيا في اليمن".. دراسة جديدة لمركز "هنا عدن" تتناول أخطر ملفات التدخل الخارجي

الخميس, 27 يوليو, 2023 - 03:24 مساءً
"التدخل العسكري والأمني لبريطانيا في اليمن".. دراسة جديدة لمركز "هنا عدن" تتناول أخطر ملفات التدخل الخارجي
المهرة خبور -  هنا عدن

 

 

أصدر مركز "هنا عدن للدراسات والبحوث" دراسة جديدة حول النفوذ والتدخل البريطاني في اليمن.

ووفق المركز، تمتلك بريطانيا مقومات ومرتكزات قوة تجعلها قادرة على تحقيق أهدافها ومخططاتها الاستراتيجية على المدى القريب والمتوسط والبعيد، ورغم أنها تواجه العديد من المشاكل والتحديات الاقتصادية الداخلية، فإنها مستمرة في سياستها الخارجية القائمة على ضمان تحقيق القدر الأكبر من التأمين لمصالحها خارج حدودها، في عدة مناطق في العالم، ولها تواجد عسكري وأمني ومخابراتي ودبلوماسي في مختلف دول العالم وجميع القارات، وتتنوع مرتكزات القوة لديها، ويتنوع استخدامها من دولة إلى دولة أخرى، ولها خبرة طويلة في تحقيق أهدافها وتنفيذ أجندتها ومخططاتها من خلال إنها كانت واحدة من أكبر وأبرز الدول والامبراطوريات الاستعمارية، وكانت تعرف قديما بأنها الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، لكثرة المستعمرات الخاضعة لها، في آسيا وأفريقيا وفي قارات العالم الجديد الذي تم اكتشافه خلال الكشوف الجغرافية الكبرى، وكانت بريطانيا هي أكثر القوى الاستعمارية التي استغلت هذه الاكتشافات الجغرافية فقامت باستغلال العناصر البشرية من مناطق سيطرتها في أفريقيا وآسيا لتوسيع سيطرتها والسباق على قارات ودول جديدة في أمريكا وأستراليا، وحتى الجزر والموانئ البعيدة كانت بريطانيا هي الأسبق للسيطرة عليها وبسط نفوذها.
 

ويضيف المركز: إذا كانت ثورات القرن العشرين في دول آسيا وأفريقيا قد نجحت في تحقيق الاستقلال لبلدانها ودولها، وأرغمت الاستعمار- وخاصة الاستعمار البريطاني- على مغادرة المستعمرات وترك الشعوب تقرر مصيرها وتحكم نفسها، فإن بريطانيا استطاعت أن تحتفظ بالكثير من النفوذ والتأثير في الدول التي كانت تستعمرها، وفي كثير من دول العالم خرجت القوة البريطانية المسلحة من المستعمرات لكنها تركت مكانها الشركات العملاقة والمصالح الكبرى والنفوذ والتأثير، إلى حد أن بعض هذه الدول لا تزال في حكم المستعمرات لأنها لا زالت محكومة بنفس المنظومة السياسية والاقتصادية المرتبطة ببريطانيا ومصالحها وأهدافها.

ويستشهد المركز، بوثيقة للحكومة البريطانية التي يطلق عليها (المراجعة الشاملة) والصادرة قبل عامين عن رئاسة الحكومة، والتي تؤكد أن بريطانيا لديها العديد من عناصر القوة وهي مفصلة فيما يلي:

 

ـ القوة الأمنية والعسكرية:

عبارة عن أجهزة أمنية واستخباراتية موصوفة بالكفاءة، ومعها ميزانية تزيد عن 3 مليارات جنيه إسترليني سنوياً، كما تعد أول دولة من حيث حجم الإنفاق على الدفاع في أوروبا والثانية في دول حلف الناتو.

 

ـ القوة الاقتصادية:

 تعد بريطانيا خامس أكبر اقتصاد في العالم، كما أن 11.5٪ من كل الشركات العالمية المدرجة في البورصات الأجنبية مدرجة في سوق لندن للأوراق المالية.

 

ـ القوة التكنولوجية:

تعد المملكة المتحدة قوة عظمى في العلوم والتكنولوجيا، فهي تحتل المرتبة الرابعة دولياً في مؤشر الابتكار العالمي، كما أنها موطن الريادة في الأبحاث الطبية، بتأكيد نجاحها في تطوير لقاح أكسفورد- أسترازينيكا المضاد لـ”كورونا”.

وإضافة لذلك حصلت على ثاني أعلى عدد من جوائز نوبل، وقد بلغ عدد الفائزين بجوائز نوبل من مواطنيها ما يقارب 100 فائز.

 

ـ القوة الدبلوماسية:

 تمتلك بريطانيا رابع أكبر شبكة دبلوماسية، قوامها 281 منصباً دبلوماسياً في 178 دولة، وتعد من أكبر الجهات الممولة للمنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية، مع تسجيل زيادة هذا التمويل بنسبة 30٪ على امتداد السنوات الأخيرة.

 

ـ القوة الناعمة:

 تحتل بريطانيا المرتبة الثالثة في القوة الناعمة عالمياً، ومن أبرز أدوات قوتها الناعمة هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) التي تحظى بأكبر مقدار من الثقة بين المحطات التلفزيونية في مختلف أنحاء العالم، وتصل إلى 468 مليون شخص كل أسبوع بـ42 لغة. كما يعمل المركز الثقافي البريطاني في أكثر من 100 دولة. وتحتضن المملكة المتحدة صناعات إبداعية وثقافية نابضة بالحياة، حيث يشاهد أكثر من 500 مليون شخص في الداخل والخارج العروض في المتاحف وصالات العرض البريطانية، واختار نحو 500 ألف طالب أجنبي الدراسة في بريطانيا عام 2019.

 

ـ القوة السيبرانية:

 تعد بريطانيا ثالث أقوى دولة سيبرانية على مستوى العالم، وتحتل المراكز الأولى في القدرات الدفاعية والاستخباراتية وقدرات الهجوم.

 ووف المركز، فإنه وتأكيداً على رغبتها في التوسع أعلنت عام 2021 رفع سقف ترسانتها النووية، وهو الأمر الذي يحدث لأول مرة بعد حوالي 30 عاماً، من خلال برفع السقف الأقصى لمخزونها من الرؤوس الحربية النووية من 180 إلى 260، بزيادة تبلغ حوالي 45%، وهي بذلك تضع حداً لعملية نزع السلاح التدريجية التي جرى تنفيذها منذ سقوط الاتحاد السوفيتي، ووفقاً للحكومة البريطانية فإن هذا التغيير الذي يتخذ بعد الالتزام الذي قطعته لندن في عام 2010 بتقليص التسلح بحلول منتصف العقد 2020، تبرره "مجموعة متزايدة من التهديدات التكنولوجية والعقائدية".

 

وفي الفصل التالي، تطرقت دراسة مركز "هنا عدن" إلى النفوذ البريطاني في الشرق الأوسط.

وورد فيها: تعتبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أهم المناطق الحيوية والاستراتيجية في العالم، وفيها الكثير من الموارد والثروات والممرات الدولية البرية والبحرية، وفيها أيضا كثير من مناطق الصراعات المسلحة والحروب والنزاعات الداخلية والخارجية، وبريطانيا تدرك – أكثر من غيرها بأهمية الشرق الأوسط من خلال خبراتها الاستعمارية لفترة تقارب مائتي عام، خاصة في الممرات المائية الدولية مثل جبل طارق وقناة السويس وباب المندب ومضيق هرمز، وهي ممرات كانت في الماضي تحت الاحتلال  البريطاني المباشر، وفي الوقت الحالي لها وجود في هذه المناطق، وإذا لم يكن وجودها عسكريا مباشراً فلها وجود بالقوة الناعمة والذكية من خلال النفوذ غير المباشر وغير المعلن، ومن خلال المحافظة على علاقاتها مع الدول التي تقع فيها هذه الممرات: المغرب ومصر واليمن وعمان.

ووفقاً للاستراتيجية البريطانية التي أعلنتها الحكومة بخصوص الشرق الأوسط وشمال افريقيا فإنها تؤكد على الاحتفاظ بعلاقات قوية ونفوذ دائم مع دول الشرق الأوسط، وتعمل على تقوية تواجدها وتأثيرها لدى دول المنطقة، وتسعى بريطانيا من خلال هذه الاستراتيجية إلى تعزيز قوة حضورها وتقوية نفوذها من أجل حماية مصالحها وتحقيق مخططاتها، وتقوم الاستراتيجية على النقاط الآتية:

ـ مواصلة الإسهام في التحالف العالمي ضد داعش في كل من العراق وسوريا.

ـ البناء على الشراكة الأمنية لضمان حماية المصالح بشكل أفضل مع كل من إسرائيل والسعودية.

ـ العمل من أجل النمو المستدام ومواجهة تغير المناخ في كل من العراق والمغرب.

ـ السعي المستمر لتعزيز المرونة الاقتصادية والاجتماعية مع جمهورية مصر.

ـ زيادة التعاون مع دول الخليج.

ـ معالجة تبعات الصراع في سوريا.

ـ التوصل لحلول دائمة في كل من اليمن وليبيا.

ـ تقديم الدعم اللازم للأردن ولبنان.

ـ حل الصراعات وتحقيق الاستقرار في كل من الصومال والسودان.

ـ زيادة التعاون مع الشريك الموثوق- الإمارات في مواجهة التدفقات المالية غير المشروعة.

 

وتحت عنوان "التدخل البريطاني في اليمن.. من الاستطلاع إلى الاحتلال والتقسيم"، ذكرت الدراسة، أن بريطانيا بدأت في القرن التاسع عشر تبحث لها عن مناطق نفوذ جديدة في آسيا وأفريقيا، بعدما سيطرت على عدة دول في الشمال الأفريقي وفي الشام والعراق، وكذلك في شرق ووسط آسيا بما في ذلك الهند، وكان تركيزها بشكل أكبر على المناطق الاستراتيجية المتصلة بالممرات البحرية، بعدما أصبحت الهند ومصر تحت سيطرتها، فسارعت إلى احتلال الموانئ اليمنية القريبة من مضيق باب المندب الذي يعتبر الممر الاستراتيجي الأكثر أهمية للإمبراطورية البريطانية، وكانت مدينة عدن وميناؤها الهدف الأول والرئيسي في استراتيجية بريطانيا لتوسيع السيطرة، حينما احتلت عدن في عام 1839.

وتابعت: بعد ذلك قامت بتعزيز قوتها العسكرية لكي تضمن حماية حركتها الجديدة في جنوب البحر الأحمر والبحر العربي، وباحتلال هذه المناطق تكون قد أكمت دائرة السيطرة البحرية على الممرات الدولية والبحرية الاستراتيجية، وهي الممرات التي تربط بين قارات العالم آسيا وأفريقيا وأوروبا، كما أنها تضمن حركتها التجارية والعسكرية في مناطق واسعة براً وبحراً.

ولفتت إلى أنه و"بعد السيطرة على عدن والميناء بدأت في تطبيق سياستها المعروفة في إثارة الفتن والخلافات والصراعات بين المناطق اليمنية، فعملت على تحريض أبناء عدن ضد القادمين من محافظات الجنوب والشمال والشرق، كما قامت بتحريض أبناء اليمن وإثارة الصراعات فيما بينهم على أساس الاختلاف المذهبي، وكانت سلطات الاحتلال البريطانية في عدن تزعم أنها سوف تدعم أبناء السنة الشوافع ضد الزيود، فيما كانت تسعى للاتفاق مع قيادة المذهب الزيدي الذي يمثلها الإمام يحيى حميد الدين، وقد عززت بقاء الإمارات والسلطنات في جنوب اليمن، ووقعت معهم اتفاقيات حماية ووصاية، بحيث يكون القرار في تلك المناطق مربوطاً بالحكام البريطانيين، ومقابل ذلك يتسلم زعماء المناطق بعض المال على شكل عطايا ومنح ومكافئات سنوية".

 

وبعد ذلك سعت بريطانيا للضغط إلى وضع حدود جغرافية بين شمال اليمن وجنوبه، واستغلت حالة الضعف التي وصلت إليها الدولة العثمانية في مطلع القرن العشرين وأثناء الحرب العالمية الأولى، وأجبرتها على التوقيع على اتفاقيات تم بمقتضاها وضع الحدود بين مناطق سيطرة بريطانيا في جنوب اليمن، ومناطق سيطرة العثمانيين في الشمال، وبعدها أخذت تسن القوانين والتشريعات التي تضع بموجبها تفرقة عنصرية وتمييز مناطقي بين اليمنيين على أسس ومعايير جغرافية هي التي رسمتها وحددتها من أجل حماية مصالحها وتنفيذ سياستها الاستعمارية ولكي تضمن لنفسها البقاء في جنوب اليمن أطول فترة ممكنة.

كما اتفقت مع الإمام يحيى على بقاء الحدود الجغرافية كما هي حسب الاتفاق بينها وبين الأتراك العثمانيين، ومع إن الإمام كان معترضا في البداية ويصر على تحرير المناطق اليمنية الجنوبية من سيطرة بريطانيا إلا أنه رضي بالاتفاق معها مقابل ضمان بقائه حاكماً لشمال اليمن.

وأشارت الدراسة إلى أنه وبعدما قامت الثورة المصرية عام 1952 ضد الوجود البريطاني سارعت بريطانيا لتأسيس مشروع جديد في عدن أسمته (الجنوب العربي)، وذلك من أجل مواجهة التطلعات اليمنية التي بدأت تدعو للثورة ضد الاستعمار والحكم الإمامي في الشمال وتحرير الجزء المحتل في الجنوب وتحقيق الوحدة اليمنية، ودعمت بريطانيا مشروعها (الجنوب العربي)، وكان هدفها تصوير الجنوب على أنه جزء لا صلة له باليمن، وهذا الزعم كان يردده أتباع الاستعمار البريطاني رافضين الحديث عن التحرير والاستقلال ووحدة التراب اليمني في الشمال والجنوب.

كانت ثورة سبتمبر وأكتوبر بالمرصاد للمشاريع البريطانية فتم القضاء على حكم الإمامة في الشمال وتحرير الجنوب من الاحتلال البريطاني وأقيمت الدولة المستقلة، وأجبرت بريطانيا على الانسحاب بعد هزيمتها أمام الحركة الثورية التي بدأت في جبال ردفان ودعمتها بقية المناطق بما فيها مناطق شمال اليمن وحكومة الثورة في صنعاء.

وتابعت: قد اضطرت بريطانيا للاعتراف بالهزيمة أمام الثورة لتغادر المناطق التي كانت تحتلها في عدن ومحافظات الجنوب، ولكنها بدأت تعمل بطريقة مختلفة عن الطريقة التي كانت تعتمدها في السابق أثناء الاحتلال العسكري المباشر.

 

وتحت عنوان "بريطانيا في اليمن: أطماع مستمرة وأجندة خفية" نقلت الدراسة عن الصحافة الأمريكية قولها: الحرب اليمنية قدمت فرصة ذهبية لإنشاء قاعدة عسكرية بريطانية في اليمن وتحقيق الأوهام القديمة لاستعادة أيام مجد الإمبراطورية المفقودة

ووفق الدراسة، تركز بريطانيا على اليمن نظراً لأهميتها الاستراتيجية وموقعها الهام على البحرين العربي والأحمر، وقربها من مضيق باب المندب حيث تمر حركة التجارة العالمية، ومنها حركة النفط القادم من السعودية والخليج العربي نحو أوروبا وأمريكا، وتوجد للمملكة المتحدة مصالح كبرى في المنطقة – خاصة في السعودية ذات المخزون الاستراتيجي من النفط الخام، وفي شرق وشمال السعودية توجد مستعمرات سابقة لبريطانيا مثل عمان والكويت وصولا إلى العراق والأردن، وهذه الدول جميعها ظلت مستعمرات بريطانية عشرات السنين، ويضاف لها بطبيعة الحال جنوب اليمن.

لذلك فإن بريطانيا تبدي اهتماما كبيرا باليمن، وتربطها باليمن علاقات متشابكة ومتداخلة على صلة بالاقتصاد والجغرافيا ومجالات الأمن ومكافحة الإرهاب، وهذا الأخير هو المنفذ الذي استطاعت بريطانيا استغلاله في الأعوام الماضية، بهدف إيجاد مبرر لتدخلها المباشر في اليمن، وقد زادت وتيرة التدخل البريطاني بعد اندلاع الحرب في عام 2015، وبشكل خاص كان تركيزها ولا يزال في المناطق الشرقية والمطلة على البحر العربي بالقرب من مستعمرتها السابقة سلطنة عمان.

وقد استفادت لندن من الحرب في تقوية نفوذها في اليمن، وعلقت صحيفة أمريكية على الوضع الجديد بالقول إن الحرب اليمنية قدمت فرصة ذهبية لبريطانيا لإنشاء قاعدة عسكرية وتحقيق الأوهام القديمة لاستعادة أيام مجد الإمبراطورية المفقودة.

وركزت الدراسة على 3 جوانب للتدخل البريطاني في اليمن خلال الوقت الحاضر، وهي:

-        التدخل العسكري السري- باسم القوات الخاصة.

-        الدور الدبلوماسي وتوجيه المجتمع الدولي نحو الرؤية البريطانية.

-        خلايا التجسس وشبكات العمل الاستخباري.

 

وتفصيلا، بدأت تقارير خاصة الكشف عن انتشار القوات الخاصة البريطانية فيما يقارب 20 دولة، وبينها عدة دول عربية منها اليمن، وتتفاوت المهام لهذه القوات من بلد إلى آخر.

ونشرت صحيفة الغارديان أواخر الشهر الماضي (مايو 2023)، تقريرا لمراسل الشؤون الدفاعية دان صباغ، قال فيه إن القوات البريطانية الخاصة، عملت سرا في 19 دولة منذ عام 2011. وهو ما يثير قلقا حول الشفافية بحسب مجموعة الأبحاث أكشن أون أرمد فيولنس، وتعني (تحرك ضد العنف المسلح).

وجاء في التقرير أن القوات البريطانية الخاصة، وتشمل القوات البحرية (قوات القوارب الخاصة- SBS) والقوات الجوية وتعرف بـ(SAS)، شاركت في عمليات سرية بـ19 دولة، وتعمل الوحدة العسكرية سرا بدون تأكيد الحكومة ووزارة الدفاع لنشاطاتها. لكن مجموعة (تحرك ضد العنف المسلح) أعدت قائمة بنشاطات الوحدة منذ عام 2011، استنادا إلى تسريبات إعلامية. وتكشف عن نشر عناصر القوة الجوية الخاصة و(فوج الاستطلاع الخاص) بقرار من رئيس الوزراء أو وزير الدفاع، للقيام بمهام خطيرة في مناطق لا تخوض فيها بريطانيا حربا.

ووفقا لما كشفه تحقيق أجراه موقع Vice News، فإن جنود القوات الخاصة سيكونون "زوارًا مؤقتين" إلى القواعد في اليمن، للقيام بمهمات قتل أو اعتقال لميسري تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وكشف التقرير أيضًا أن مشغلين من فوج الاستطلاع الخاص قد تم إعارتهم إلى الاستخبارات العسكرية المعروفة باسم ام آي 6،  MI6 ، مما سمح لوزارة الدفاع بالبقاء ممتثلة للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، مع قيام أفراد من قوات الأمن البريطانية بعمليات اغتيال.

ووفق التحقيقات فقد تمت في العامين 2014 و 2015 عمليات إنقاذ رهائن إلى جانب قوات أمريكية وقوات إماراتية، انطلقت من جيبوتي المجاورة لليمن. وبعد ذلك بعامين، تم نقل قوات خاصة مرة أخرى إلى جيبوتي، لحماية الشحن العابر في مضيق باب المندب بعدما هاجم الحوثيون ناقلة نفط.

 

 وفي شهر يناير عام 2019 تم تكليف فريق مكون من 12 شخصا بتحديد مناطق إسقاط الإمدادات الغذائية والطبية لليمنيين الذين يعانون من الصراع قرب عدن. وبدأت القوات تتكبد خسائر، وفي فبراير أصيب جنديان بانفجار قنبلة على جانب الطريق. وفي شهر مارس أصيب خمسة في صعدة شمال اليمن إثر إطلاق النار على اثنين من قبل الحوثيين.

وقال جندي بريطاني سابق كان قد عاد من اليمن في عام 2019 لصحيفة مايل- Mail   إن الصراع أدى إلى مقتل جنود تابعين للقوات البريطانية في نفس الجانب مع الجنود الأطفال. وذلك لأن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، شريكها الرئيسي في الحرب، قاموا برشوة زعماء القبائل اليمنية المرتبطين بالقاعدة للوقوف إلى جانبهم في الصراع ويمكن أن يكون ما يصل إلى 40٪ من قواتهم من الأطفال.

 

ـ الدبلوماسية في خدمة النفوذ:

ووفق الدراسة: تشتغل الدبلوماسية البريطانية في اليمن بوتيرة عالية ودون توقف، وتعتبر من أنشط الدول في العمل الدبلوماسي، وهذه الجهود لها حضور وآثار واضحة في الملف اليمني. وأبرز مناطق وجود وتأثير الدبلوماسية البريطانية تجاه اليمن هي الأمم المتحدة بمختلف هيئاتها ومؤسساتها وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي- حيث بريطانيا أحد الأعضاء دائمي العضوية في مجلس الأمن، وإذا تتبعنا نقاشات الموضوع اليمني في مجلس الأمن والأمم المتحدة سوف نجد أن بريطانيا هي الأكثر تأثيراً في تبني القرارات والبيانات والتوصيات الخاصة باليمن، ويظهر ذلك في:

-        صدور عدد من القرارات حول اليمن وكانت بريطانيا هي صاحبة القول الفصل في وضع المسودة وتقديم الاقتراح والدفع ببقية الأعضاء للموافقة عليه، وهذا حصل في كثير من القرارات والتوصيات الصادرة عن مجلس الأمن- على الأقل خلال السنوات العشر الأخيرة.

-        كان لبريطانيا الصوت الأقوى في المناقشات والمداولات في جلسات مجلس الأمن الخاصة باليمن، وكانت حريصة على تقديم رؤيتها مع كل هذه المناقشات وإقناع بقية الدول بتبنيها والموافقة عليها.

-        كانت بريطانيا هي الأقوى صوتاً والأكثر تأثيراً في اختيار المبعوثين الأمميين إلى اليمن، منذ العام 2011 عندما تم اختيار الدبلوماسي المغربي جمال بن عمر مبعوثا إلى اليمن، ثم بعده اختيار السياسي الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ، وللرجلين علاقات قوية بالدبلوماسيين البريطانيين، وبعد ذلك كان المبعوث الثالث هو البريطاني مارتن غريفيث، الذي كان من أكثر المبعوثين تنفيذا لسياسات بلده في الموضوع اليمني ومفاوضات السلام بين الحكومة والحوثيين، وأخيرا تم اختيار الدبلوماسي السويدي هانس غروندبرغ مبعوثا خاصا للأمم المتحدة إلى اليمن، وكل هذا بدعم ورغبة بريطانية واضحة، لكي تضمن أن تظل جهود الأمم المتحدة في الملف اليمني قريبة منها ومتوافقة مع رؤيتها ومع مصالحها.

-        السفارة البريطانية في اليمن تأتي جهودها مكملة لما توجبه مصالح بريطانيا، وهي سفارة نشيطة ولها علاقات واسعة وشبكة ممتدة من العلاقات مع جميع الأطراف والأحزاب والتكوينات اليمنية بما فيها التكوينات الصغيرة وضعيفة الحضور، ومن خلال هذا النشاط تظل الدبلوماسية البريطانية حاضرة في مجريات العمل السياسي والعسكري والأمني داخل اليمن.   

 

ـ التجسس البريطاني في اليمن:

وفي السياق نقلت الدراسة عن وسائل إعلام أمريكية تأكيدها وجود خلايا تجسس في اليمن تعمل لصالح المخابرات البريطانية، وذكرت صحيفة كريدل- The Cradle في شهر أبريل الماضي حصولها على وثائق مهمة خاصة بشبكة تجسس تسمى (ARK) بقيادة اليستير هاريس العضو المخضرم في وكالة المخابرات البريطانية MI6، وهذه الشبكة ظلت تعمل في سرية تامة طوال الصراع الذي دام تسع سنوات، حسبما ذكرت الصحيفة في تقريرها الذي جاء بالعنوان التالي (وثائق مسربة: دعاية بريطانية سرية في اليمن).

وضمت الشبكة عدداً من النشطاء والمنظمات المدنية – دون أن يكون لهم علم بأجندة الشبكة التي تقوم بدعمهم – ولها أنشطة في عدة محافظات يمنية، بعضها تخضع لسيطرة الحوثيين وبعضها يتبع سلطات الحكومة الشرعية، وقد بدأت الشبكة عملها في صنعاء وحجة ثم في حضرموت ومأرب ولحج وتعز. وبعد ذلك توسعت في محافظات أخرى.

وفي شهر مايو الماضي، قامت الشرطة البريطانية باحتجاز الصحفي كيت كلارينبيرج كاتب التقرير الذي كشف عن هذه المعلومات، وذلك في مطار لوتون، بعد وصوله من بلغراد صربيا، وتم استجوابه والاستيلاء على بطاقاته المصرفية وأجهزته الإليكترونية وبطاقات SD، وأخذت الشرطة بصمات أصابعه وصورته وحمضه النووي. وطبقت السلطات البريطانية في الصحفي قانون مكافحة الإرهاب وأمن الحدود لعام 2019.

وقد ندد موقع الويب الاشتراكي العالمي، باحتجاز الصحفي كلارينبيرج، وقال إنه يتم استهدافه بسبب عمله الصحفي الذي يفضح النشاط الإجرامي للإمبريالية البريطانية وقوى الناتو. وفي (يونيو) من العام الماضي، استخدم كلارينبيرج رسائل البريد الإلكتروني المسربة لتفصيل مخططات البريطاني بول ماسون مع شخصيات مؤثرة في بريطانيا والولايات المتحدة، حول إغلاق صحيفة جرايزون التي يعمل فيها الصحفي نفسه. وفي الشهر التالي تم طلب حضوره في مركز الشرطة لاستجوابه بشأن الادعاءات الموجهة إليه فيما يتعلق بجرائم المضايقة والاتصال الخبيث والمخالفات بموجب قانون إساءة استخدام الكمبيوتر.

 


اقراء ايضاً