الرياض وأبو ظبي.. هل وضعتا المسمار الأخير في نعش اليمن الموحد؟
[ قوات جنوبية تدعمها الإمارات خلال استعراض في عدن بعد الانقلاب على الحكومة الشرعية ]
بعد نحو خمس سنوات من التدخل العسكري للسعودية والإمارات في اليمن، تصاعدت الاتهامات في اليمن تجاه الرياض وأبو ظبي بالوقوف وراء ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي وتمكينه مؤخرا من الانقلاب على الحكومة الشرعية، عبر دعم عسكري مكّنه من السيطرة على العاصمة المؤقتة عدن.
وتفاقمت هواجس اليمنيين وقلقهم مع محاولات التحالف السعودي الإماراتي تثبيت سلطات الانفصاليين في عدن وبقية المدن الجنوبية باعتبارها أمرا واقعا.
ولم تعد أحاديث السعودية وتطميناتها بالتمسك بخيار وحدة اليمن مقنعة لسلطات الشرعية، إذ اتهم وزير الداخلية اليمنية الرياض بالصمت على ما جرى في عدن عندما كانت رمزية وسيادة الدولة تذبح من الوريد إلى الوريد.
ومنذ إحكام القوات الانفصالية قبضتها على عدن، بدت المؤشرات تتكشف أكثر تجاه قضية الوحدة الوطنية، حيث افتتحت شهية تلك القوات المدعومة إماراتيا للتخطيط بالتحرك إلى بقية محافظات الجنوب الأخرى والسيطرة عليها وفي مقدمتها محافظة أبين وشبوة ولحج، بحسب مصادر تحدثت للجزيرة نت.
- مواقف رسمية
ولمناقشة الموقف الحقيقي للقوى الانفصالية وتلويح أنصارها الدائم بالذهاب نحو خيار الانفصال وإنهاء مرحلة الوحدة الوطنية، تحدثت الجزيرة نت مع نائب رئيس اللجنة الإعلامية للمجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح.
وقال صالح للجزيرة نت، إن الغاية الإستراتيجية للمجلس الانتقالي الجنوبي التي لا يمكن التراجع عنها هي الوصول إلى هدف التحرير والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية، معتبرا أن مشروع الوحدة الوطنية فشل وبات من الضروري استعادة الوضع الطبيعي في اليمن على شكل دولتين.
وأضاف أنهم في المجلس الانتقالي يعتبرون في الواقع شركاء للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والتحالف السعودي الإماراتي ويسعون للعمل معهما في إطار إنجاح إسقاط مشروع الانقلاب الحوثي وإعادة الحكومة الشرعية إلى صنعاء، باعتبار ذلك هو الهدف الذي قامت من أجله عاصفة الحزم قبل أربع سنوات.
وأكد صالح أن أهدافهم المعلنة أصبحت واضحة ولا لبس فيها وأن الجنوبيين ماضون في مشروعهم معززين بقدرات عسكرية ضاربة وبإسناد شعبي كبير، لافتا إلى الحامل السياسي لقضيتهم وهو المجلس الانتقالي الجنوبي القادر على إدارة الملف السياسي والعسكري، حد تعبيره.
- مسألة معقدة
في المقابل، قال المستشار الرئاسي عبد الملك المخلافي ووزير الخارجية السابق، إن الانفصال أو تمزيق الدول أو إقامتها مسألة معقدة واقعيا وسياسيا وقانونيا، وليست مجرد رغبة أو فائض قوة أو حتى مزاج لبعض الأفراد.
ولفت مستشار الرئيس اليمني إلى أن عدالة القضية الجنوبية وتأييد غالبية اليمنيين لها جعل الجميع يصمت في مواجهة مواقف وآراء وأفعال ترتقي للعنصرية وتعد انتهاكا لكل معايير الوطنية والأخلاق من بعض المتحدثين باسم القضية الجنوبية مؤخرا، ولكنه قال إن ذلك كان خطأ ويجب معالجته الآن.
- سيناريوهات مقبلة
من جانبه، قال المحلل السياسي ميزر الجنيد إن التحالف أدخل اليمن عمليا في مأزق لن يستطيع الانفكاك منه سنوات مقبلة وقد يستمر عقودا.
وأضاف أن ما يحدث حاليا في الجنوب يعكس صورة مصغرة لما يريد التحالف السعودي الإماراتي تنفيذه على الأرض.
وبشأن السيناريو المتوقع حدوثه وفقا للجنيد، فهو محاولة السعودية والإمارات الاستمرار في تمزيق المجتمع اليمني على أساس طائفي ومناطقي لكيلا تكون هناك دولة وطنية، وتبقى تلك القوى مرتهنة كليا لها حتى عقود مقبلة، أي بما معناه أن القرار السياسي اليمني سيصبح في محل تنازع قوى إقليمية.
وبذلك فإن اليمن لن يستطيع أن يخرج من هذه المحنة إلا بالتصدي لجميع هذه المشاريع القذرة في صناعة المليشيا، طبقا للجنيد.
- بعيدا عن الوصاية
ويرى المتحدث أن الحل يكمن في إعفاء التحالف وإخراجه من دائرة التأثير ورسم السياسات المستقبلية والعودة إلى ما توافق عليه اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني، بعيدا عن وصاية وسيطرة التحالف والتمسك بدور الأمم المتحدة باعتباره رهانا جامعا يبني على ما تحقق ويؤسس لمرحلة مقبلة.
بدوره، يرى الباحث اليمني عاتق جار الله المختص في الدراسات المستقبلية أن السيناريو المرجح للفترات المقبلة هو أن يُبقي التحالف على حكومة شرعية ضعيفة ومنزوعة القرار يتم من خلالها تقسيم اليمن ليس إلى دول، وإنما إلى مناطق نفوذ عسكرية مليشياوية، خاصة إذا لم تستشعر السعودية ذلك.
وبحديثه للجزيرة نت، استبعد أن يسيطر الانتقالي بصيغته الحالية على الجنوب، معتبرا أن ما يجمع الأجندات السعودية الإماراتية أكثر مما يفرقها اليوم، وأيا كانت السيناريوهات فإن اليمنيين اليوم أصبحوا بحاجة للتفكير بشكل جاد حيال تشكيل قوة وطنية شعبية متحررة، من أجل استعادة الدولة.