تلاميذ اليمن من المدرسة إلى الشارع في ظل كورونا
[ يظنون أنّ الكمامات سوف تحميهم (محمد حمود/ Getty) ]
في اليمن، كما في سواه من البلدان، عُلّقت العملية التعليمية في المدارس على خلفية الوباء العالمي الجديد. لكنّ إلزام التلاميذ بالبقاء في المنزل أمر غير سهل، لا سيّما مع خلوّ البلاد من الفيروس حتى الساعة.
مع تزايد المخاوف من وصول فيروس كورونا الجديد إلى اليمن، علّقت وزارة التربية والتعليم في كل من صنعاء وعدن العام الدراسي الحالي بهدف بقاء التلاميذ في منازلهم كإجراء احترازي للحدّ من انتشار محتمل.
مع ذلك، فإنّ كثيرين هم التلاميذ الذين وجدوا في ذلك فرصة للخروج واللعب في الشوارع ومقاهي الإنترنت أو حتى العمل، الأمر الذي يجعلهم أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالفيروس في حال تفشيه.
محمد علي (16 عاماً) تلميذ ثانوي يقضي ساعات النهار بمعظمها في لعب كرة القدم مع أصدقائه في الحيّ الذي يسكن فيه، بالإضافة إلى التردّد على مقاهي إنترنت ما زالت تعمل مخالفةً توجيهات الإغلاق. يقول: "الأمور طبيعية، ولم يتغيّر أيّ شيء. الناس جميعهم في الشارع، فلماذا نُسجَن نحن؟".
يضيف أنّ "والدتي تحاول منعي، إلا أنّني وعدتها بعدم الاحتكاك كثيراً برفاقي". ويؤكد أنّه يرفض مصافحة أيّ شخص مصاب بالزكام أو حتى الجلوس بقربه، تجنّباً لنقل العدوى المحتملة، "لكنّ هذه الإجراءات تعرّضني أحياناً لمواقف محرجة".
يتابع أنّ "أصدقائي يقولون إنّ المرض لم ينتقل إلى اليمن بعد، لذا فإن الامتناع عن المصافحة ومجالسة الأصدقاء مبالغة وإشارة إلى شيء من التكبّر".
أمّا عمر الخولاني (17 عاماً) وهو كذلك تلميذ في المرحلة الثانوية، فيعيد دوافعه للخروج من المنزل على الرغم من التحذيرات المستمرة من خطورة فيروس كورونا، إلى شعوره بالملل. ويقول: "البقاء طوال الوقت في المنزل متعب. لا نستخدم الكهرباء إلا في الليل، لذا أبقى طوال النهار من دون أيّ حركة"، مشيراً إلى أنّه يخرج من المنزل للقاء أصدقائه.
يضيف: "وعدت أبي وأمي بأنّني لن أخرج من المنزل مطلقاً في حال انتشر المرض في اليمن. أمّا أن يمنعوني من لقاء أصدقائي والمرض غير موجود في اليمن فهذا صعب".
من جهته، وجد عمر أحمد (17 عاماً) وهو كذلك تلميذ في المرحلة الثانوية، في قرار تعليق الدراسة "فرصة للعمل وجني المال فأساعد أسرتي وأوفّر مصاريفي الشخصية، خصوصاً أنّنا مقبلون على شهر رمضان وعيد الفطر".
يضيف: "أستيقظ في الصباح الباكر للعمل في أحد محال بيع المواد الغذائية واحتكّ بعدد كبير من الزبائن خلال النهار، لكنّني لا أستطيع ملازمة البيت للوقاية من كورونا كما يفعل آخرون. لن أحصل على مال إلا في حال عملت". ويشير إلى أنّ "الحياة تسير بشكل طبيعي، فالجميع يعمل والأسواق مزدحمة بالمواطنين. لا يمكن لأشغالنا أن تتوقف وإلا سيموت الناس من الجوع".
ويجد كثيرون من الأهل صعوبة في إلزام أولادهم بملازمة البيت، منهم عبد الله الوصابي الذي يؤكد أنّه اضطر إلى إجبار أطفاله على البقاء في المنزل مستخدماً القوة. يقول: "طلبت من أبنائي عدم الخروج بسبب الفيروس، إلا أنّهم تجاوزوا كلامي في أكثر من مرّة وخرجوا للعب أمام المنزل صباحاً، ما دفعني إلى ضربهم كي لا يخرجوا مجدداً".
يضيف أنّ "في الحيّ حيث نسكن، يستيقظ الأطفال في الصباح الباكر للعب في الشارع، ولا أدري كيف يمكننا مواجهة كورونا وأولادنا في الشارع". ويسأل: "أين أهالي هؤلاء الأطفال؟ لماذا لا يمنعونهم من الخروج من منازلهم حرصاً على سلامتهم وعدم إصابتهم بالفيروس أو مساهمتهم في نشره بين الناس؟"، مطالباً السلطات في اليمن بـ"تنفيذ حملات توعية مكثفة للأهالي في وسائل الإعلام المختلفة لحثهم على البقاء في المنازل خلال الفترة المقبلة".
في السياق، تقول الطبيبة جميلة الزبيري إنّ "عدم ملازمة التلاميذ بيوتهم للحدّ من انتشار فيروس كورونا الجديد يفقد قرار وزارة التربية والتعليم جدواه؛ فتعليق العملية التعليمية في المدارس الحكومية والأهلية لا قيمة له ما دام التلاميذ لم يلتزموا بالبقاء في منازلهم، لأنّ الهدف منه هو هذا الغرض بالتحديد".
تضيف أنّه "في حال انتشر فيروس كورونا في اليمن فسوف يهدد كلّ فئات المجتمع، خصوصاً الأطفال في الشوارع. فالصغار الأصحاء قد يخالطون آخرين مصابين بالعدوى، ما يشكل خطراً على صحتهم وعلى صحة أفراد أسرهم عند عودتهم إلى المنزل".
وتشدد الزبيري على أنّ "الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات الصحية في اليمن لمواجهة فيروس كورونا الجديد هي ضرورية ولا بدّ من التقيّد بها، لا سيّما في ظل ضعف المنظومة الصحية في البلاد".
وتطالب أولياء الأمور في اليمن بـ"عدم السماح لأطفالهم بالخروج إلى الشارع، والالتزام بالقرارات والإرشادات الصادرة عن السلطات الصحية للوقاية من الفيروس الجديد".
تجدر الإشارة إلى أنّ المؤسسات الصحية الرسمية في عدن وصنعاء، إلى جانب منظمة الصحة العالمية، قد أكّدت حتى تاريخ كتابة هذه الأسطر "خلوّ اليمن من فيروس كورونا الجديد".