السبت 2024/11/23 الساعة 03:52 AM

حرب اليمن.. تراجع العمليات العسكرية وزيادة معاناة النازحين

السبت, 28 ديسمبر, 2019 - 02:38 مساءً
حرب اليمن.. تراجع العمليات العسكرية وزيادة معاناة النازحين

[ حرب اليمن.. تراجع العمليات العسكرية وزيادة معاناة النازحين ]

المهرة خبور -  دويتشه فيلله

لم يعد ملف حرب اليمين في صدارة عناوين الأخبار الإقليمية والدولية، رغم استمرار معاناة سكان البلاد منذ سنوات، خصوصا معناة النازحين من مناطق سكناهم إلى صنعاء أو مراكز المحافظات الأخرى. DW عربية زارت بعض النازحين في صنعاء.

 

في دكان صغير، لا تتجاوز مساحته ثلاثة أمتار، تعيش اليمنية فاطمة وزوجها وأفراد من أسرته نزحوا من مدينة الحديدة الساحلية، إلى العاصمة صنعاء، حيث برد الشتاء لا يرحم النازحين الموزعين في مخيمات ودكاكين صغيرة وحتى في بعض الأرصفة، في ظروف شديدة القسوة، تعكس أحد أبرز أوجه الكارثة الإنسانية التي خلقتها الحرب الدائرة في البلاد، منذ أكثر من أربع سنوات.

 

تعاني فاطمة مرض السكر، الذي اصيبت به نتيجة الخوف بسبب انفجار وقع بالقرب منها، وفقدت جنينين، على التوالي (إجهاض)، جراء ظروف الحرب والنزوح خلال الأعوام الماضية، لكنها وبعد أن باتت حاملاً بجنين ثالث في شهره الثامن، ترتب فراشها الخاص وقامت باستعارة سرير وحصلت على بعض أدوات الفراش المستعملة لتقوم بتعزيزها بقصاصات صناديق ورقية تعتقد أنها ستساعد على مواجهة البرد وآلام الولادة.

 

وفي حديثها لـDW عربية، تسرد فاطمة تفاصيل من معاناتها بما في ذلك، إصابتها بـ"الحساسية" نتيجة الملابس المستعملة التي تتسلمها كمعونات وتعيش في "الدكان" بدون إنارة، وتقول إنها لم تتمكن لشهور طويلة من الحصول على "غاز الطهي"، لكنها حصلت عليه أخيراً من إحدى قريباتها نظراً لاقتراب موعد ولادة طفلها الجنين.

 

فاطمة وزوجها عبده أحمد الكلفود وأخته سحر، التي هي أم ستة أطفال، يمثلون عائلة تتألف من 11 شخصاً يعيشون متجاورين في الخط الدائري بصنعاء، ويقول الكلفود لـDW عربية "نزحنا بسبب الحرب هؤلاء يضربون وهؤلاء يضربون (أي قصف من الجانبين)"، ويضيف "حارتنا (في الحديدة) كلها ملغمة (مزروعة بالألغام)".

 

يعمل الذكور من أفراد العائلة، بتجميع العلب البلاستيكية المستعملة وبيعها للحصول على ما يساعدهم على توفير أدنى الاحتياجات. وتقول فاطمة إن المنظمات الإغاثية تأتي لتسجيلهم، لكن الأسرة لم تحصل منها على مساعدات سوى مرة واحدة.

 

بطانية واحدة لخمسة أفراد

 

في الشارع نفسه، تحولت العديد من "الدكاكين" من محال مفترضة للبيع والشراء إلى مساكن للنازحين، بما في ذلك، من محافظة تعز، كما هو الحال، بأسرة مروة، وهي أم لثلاثة أطفال نزحت من منطقة "الحوبان" في تعز، وقسمت المحل لثلاثة أجزاء، وهي مطبخ ودورة مياه وما تبقى للجلوس والنوم. وتقول لـDW عربية إنه "لا يوجد لدينا سوى بطانية واحدة، حصلنا عليها من أحد الجيران"، وتستخدم لتدفئة الأم وزوجها وأطفالهم الثلاثة.

 

اللجوء إلى المحال، يأتي مع حلول الشتاء وفي ظل أجواء البرد القارس، بعد أن كان جزء من هذه الأسر يسكن في بعض الأرصفة، في وقتٍ لا يزال فيه آخرون في العراء، كما هو الحال، بأسرة "صالح عبده"، الذي يجلس مع زوجته وطفلتيه أسفل جسر كنتاكي، الواقع في قلب صنعاء، ويقول لـDW عربية "معنا بطانية واحدة نتدفأ بها ونقعد تحت الكبري".

 

ملايين النازحين داخلياً

 

وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، أجبرت الحرب التي تصاعدت منذ سنوات ما يقرب من ثلاثة ملايين يمني، على مغادرة منازلهم، من المناطق المتأثرة بمواجهات مباشرة وعمليات عسكرية مباشرة، لكن النزوح في الغالب إلى مناطق داخلية تتوزع في مختلف أنحاء البلاد، بما في ذلك العاصمة صنعاء، حاضرة اليمن، التي ينحدر الغالبية من سكانها من محافظات أخرى.

 

ويتوزع النازحون في صنعاء كما هو الحال في مدن أخرى، بين المساكن المؤقتة التي توفر أدنى الاحتياجات الأساسية لمقاومة الأمراض في الغالب، بالإضافة مخيمات أو تجمعات مخصصة تدعمها منظمات الأمم المتحدة والجهات المحلية اليمنية.

 

ويعتمد النازحون اليمنيون داخلياً، في الغالب، وفقاً للمقابلات الميدانية التي أجراها DW عربية، على معونات الأقارب والإطار المجتمعي المحيط للمناطق التي نزحوا إليها، إلى جانب مساعدات مقدمة من منظمات دولية ومحلية، في ظل الكارثة الإنسانية التي تقول التقارير الدولية إنها واحدة من بين الأسوأ عالمياً ويصل تأثيرها إلى 80 بالمائة من سكان البلاد.

 

المأوى قبل كل شيء

 

وتقول الناشطة المجتمعية اليمنية عبير الأمير لـDW عربية، إن "النازحين يحتاجون أولاً لمأوى آمن، قبل كل شيء، لأن اغلبهم يفترشون الخيام وهذا يعتبر غير آمن"، كما أنهم بحاجة إلى "مناطق مؤهلة للسكن غير باهظة الثمن".

 

وترى المتحدثة أن "وضع النازحين يزداد سوءاً بمواجهه كل تلك التحديات والصعوبات بما فيها انتقال النازح من منطقته الاصلية إلى منطقة جديدة لا يعرف فيها أحداً"، وتقول إن الأخيرة "قد تكون بالنسبة للنازح غير آمنه بالذات النساء النازحات اللاتي فقدن أزواجهن وعائلهن ورجالهن بمناطق القصف".

 

الجدير بالذكر، أنه على الرغم من تراجع وتيرة الأعمال العدائية في العديد من جبهات الحرب في البلاد خلال العام الجاري، إلا أن المنظمة الدولية للهجرة، وفي أحدث إحصائية نشرت في الـ11 من ديسمبر/كانون الأول الجاري، أفادت بنزوح 393 ألف شخص، منذ مطلع العام 2019.


اقراء ايضاً