العفو الدولية: استخدام قنبلة من صنع الولايات المتحدة في تنفيذ ضربة جوية مميتة ضد المدنيين باليمن
[ تسببت الحرب بدمار كبير في اليمن ]
قالت منظمة العفو الدولية، اليوم الخميس، إنه تم استخدام ذخيرة دقيقة التوجيه من صنع الولايات المتحدة الأمريكية في ضربة جوية شنَّتها قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات في 28 يونيو من هذا العام على منزل سكني في محافظة تعز باليمن، أسفرت عن مقتل ستة مدنيين بينهم ثلاثة أطفال.
وأشارت المنظمة -في تقرير لها- إلى أن القنبلة الموجهة بالليزر من صنع شركة رايثيون الأمريكية التي استُخدمت في الهجوم تُعدُّ أحدث دليل على أن الولايات المتحدة الأمريكية تزوِّد التحالف بقيادة السعودية والإمارات بأسلحة تُستخدم في هجمات تصل إلى حد الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني في اليمن.
وقالت الباحثة في شؤون اليمن بمنظمة العفو الدولية رشا محمد "إن من غير المفهوم وغير الأخلاقي أن تستمر الولايات المتحدة الأمريكية في تدفق نقل الأسلحة إلى النزاع المدمِّر في اليمن".
وأضافت "على الرغم من ورود أدلة عديدة على أن التحالف بقيادة السعودية والإمارات قد ارتكب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي المرة تلو الأخرى، بما فيها جرائم حرب محتملة، فإن الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول المورِّدة للأسلحة، كالمملكة المتحدة وفرنسا، ظلت غير آبهة بالآلام والفوضى التي تسببها أسلحتها للسكان المدنيين".
وأوضحت المنظمة الدولية أنها تحدثت إلى اثنين من أفراد العائلة واثنين آخريْن من السكان المحليين، بينهم شاهدان على الهجوم.
كما قامت المنظمة بتحليل صور من الأقمار الصناعية ومواد صورية وفيديو جُمعت في أعقاب الهجوم بغية إثبات أقوال الشهود.
ووفقا للتقرير، قام خبير الأسلحة في منظمة العفو الدولية بتحليل صور لبقايا السلاح التي استخرجها أفراد العائلة من موقع الضربة الجوية، وتمكَّن من استخدام بيانات المنتَج المطبوعة على جناح التوجيه في تحديد القنبلة بشكل مؤكد على أنها من نوع "جي بي يو-12 بايفواي I"– GBU-12 Paveway II، تزِن 500 باوند ومن صنع الولايات المتحدة.
- عائلة مُزِّقت إرباً
يذهب التقرير إلى أن من بين المدنيين الستة الذين قتلوا في الهجوم الذي نُفذ على قرية ورزان في مديرية خدير، امرأة في الثانية والخمسين من العمر وثلاثة أطفال، بلغت أعمارهم 12 سنة وتسع سنوات وست سنوات.
وقال أحد أفراد العائلة للمنظمة ذاتها: "لقد قمنا بدفنهم في اليوم نفسه لأنهم تحوَّلوا إلى أشلاء مقطعة. ولم تبق هناك أية جثامين يمكن فحصها، إذ أن لحم هذا الشخص اختلطت بلحم ذاك، فتم لفُّهم ببطانيات ونقلهم".
وبحسب التقرير، قال أحد الشهود العيان "كنت على بُعد مسير نحو ثلاث دقائق أعمل في مزرعة مجاورة عند وقوع القصف. سمعتُ صوت الطائرة وهي تحوم فوق المكان، ورأيت القنبلة وهي تسقط باتجاه المنزل. وكنت بجوار المنزل عندما سقطت القنبلة الثانية…فانبطحتُ أرضاً".
وكانت غرفة عمليات تابعة للحوثيين في مزرعة هايل سعيد -التي تقع على بُعد حوالي كيلومتر واحد- هي أقرب هدف عسكري محتمل للمنزل في وقت وقوع الهجوم. بيد أن غرفة العمليات تلك توقفت عن العمل منذ أكثر من سنتين بعد تعرُّضها لعدة ضربات جوية من قبل قوات التحالف في عامي 2016 و2017. وقال الشهود العيان لمنظمة العفو الدولية إنه لم يكن هناك أي مقاتلين أو أهداف عسكرية بالقرب من المنزل في وقت وقوع الهجوم.
بعد مرور نحو 15 دقيقة على الضربة الجوية الأولى، نُفذت ضربة ثانية على الموقع نفسه، ما يبيِّن أن الطيار أراد أن يتأكد من تدمير منزل عائلة الكندي. ثم قُصف المنزل مرة أخرى بعد خمسة أيام بينما كان أفراد العائلة يتفقَّدون المكان. ولم يُصب أو يُقتل أحد في الهجوم الأخير.
ومنذ مارس 2015 أجرى باحثو منظمة العفو الدولية تحقيقات في عشرات الضربات الجوية وعثروا وتعرَّفوا على بقايا ذخائر مصنوعة في الولايات المتحدة مراراً وتكراراً.
وقالت رشا محمد: "إن هذا الهجوم يُبرز، مرة أخرى، الحاجة الماسَّة إلى فرض حظر شامل على جميع الأسلحة التي يمكن أن يستخدمها أي طرف من أطراف النزاع في اليمن".
وأضافت "إن انتهاكات جسيمة لا تزال تُرتكب أمام عيوننا. وإن من المهم للغاية أن يتم تمكين هيئات التحقيق، وبالتحديد فريق الخبراء البارزين الذي فوضته الأمم المتحدة، من الاستمرار في توثيق تلك الانتهاكات وتقديم التقارير بشأنها".
ويعتبر التقرير أن الدول المورِّدة للأسلحة لا يمكنها أن تدفن رؤوسها في الرمال وتتظاهر بأنها لا تعلم بالمخاطر المترتبة على عمليات نقل الأسلحة إلى أطراف هذا النزاع التي ما فتئت تنتهك القانون الدولي الإنساني بشكل ممنهج. وإن توجيه الهجمات نحو المدنيين والأهداف المدنية على نحو متعمد والهجمات غير المتناسبة والعشوائية التي تتسبب بقتل أو جرح المدنيين تُعتبر جرائم حرب.
وأضاف "بتزويد قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، عن علم، بالوسائل التي تنتهك بها حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني على نحو متكرر، فإن الولايات المتحدة-إلى جانب المملكة المتحدة وفرنسا- تتقاسم المسؤولية عن تلك الانتهاكات".
- خلفية
وخلُصَ تقرير صدر مؤخراً عن فريق الخبراء البارزين في شؤون اليمن الذي أنشأه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلى نتيجة مفادها أن الأنماط المتكررة للضربات الجوية التي تنفذها قوات التحالف تثير "شكوكاً جدية حول ما إذا كانت عملية الاستهداف التي تعتمدها قوات التحالف تلتزم بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني".
كما يوثِّق التقرير طائفة من الانتهاكات الجسيمة على أيدي جميع أطراف النزاع في اليمن وهو نزاع تقول الأمم المتحدة إنه سيكون قد حصدَ أرواح ما يربو على 233 ألف يمني بحلول نهاية العام، نتيجةً للعمليات القتالية والأزمة الإنسانية على حد سواء. ومن المقرر أن يصوِّت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على تجديد ولاية فريق الخبراء البارزين اليوم أو غداً.
ووفقاً لوكالة التعاون الأمني الدفاعي، فإن حكومة الولايات المتحدة سمحت ببيع 6120 قنبلة موجهة من نوع بايفواي للسعودية؛ وفي مايو 2019 تجاوز الرئيس ترامب الكونغرس للسماح ببيع المزيد من هذا النوع من القنابل الموجَّهة للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.