السبت 2024/11/23 الساعة 04:32 AM

"صليب موسى".. أدب جريمة وأسئلة تاريخية في دير سانت كاترين

الاربعاء, 04 مارس, 2020 - 12:25 صباحاً
"صليب موسى".. أدب جريمة وأسئلة تاريخية في دير سانت كاترين
المهرة خبور -  رويترز

داخل دير سانت كاترين جنوب سيناء وفي إحدى ليالي الشتاء الثلجية تحدث وفاة غامضة للراهب المسؤول عن مكتبة الدير ومخطوطاتها النادرة، ومع بدء التحقيق تتحول البقعة الدينية الهادئة إلى مسرح مطاردات للوصول إلى أسباب الحادث ومعرفة الجاني وأهدافه.


وقبل الانخراط في مغامرة مثيرة لكشف كواليس الحادث، يسطر المؤلف والشاعر والسيناريست المصري هيثم دبور جملة واحدة تكفي لإشعال شغف القارئ وشحذ حواسه للتركيز في كل سطر قادم ومعرفة سر "صليب موسى".


وتبدأ الأحداث بمقتل الراهب "بافلوس" قبل أن يستكشف القارئ أبطال الرواية تدريجيا: أحمد بهي، أبو عمران، عاكف بك، روث، سليم. ويتعرف القارئ من خلال دراما الرواية وإيقاعها المشوق على مساحات غير مطروقة من تاريخ مصر.


تدور القصة عقب الانتفاضة الشعبية عام 2011 حيث شهدت البلاد تغيرات وتحولات سياسية واجتماعية جذرية، ومن وفاة بافلوس تنطلق المغامرة حيث يستدعي فريق التحقيق المصور الفوتوغرافي أحمد بهي الذي تردد سابقا على الدير وجمعته صداقة بالراهب الراحل للمساعدة في كشف تفاصيل الواقعة.


يفلت بهي من قبضة المحققين بمساعدة روث الباحثة بمركز أبحاث البيئة التابع لجامعة قناة السويس، ويتتبعان معا تفاصيل الأيام الأخيرة للراهب قبل أن ينضم لهما أبو عمران كبير أبناء قبيلة الجبالية المنوطة بهم حماية وخدمة الدير منذ قديم الزمان.


تتلاحق الأحداث وتطال المغامرة جنبات دير سانت كاترين المعضمة حيث تتراكم جماجم الرهبان الراحلين مرورا بشجرة العليقة الملتهبة ووصولا إلى مسجد الآمري والبساتين المحيطة بالدير، ليجد القارئ نفسه في رحلة استكشاف لمعالم وتفاصيل المكان، ومع التوغل في كل ركن يطرح البطل تساؤلات فلسفية عن حقيقة التاريخ وطرق تدوينه وتناقله ومدى صدق أو زيف ما يحمله من روايات وقصص.


وفي أحد المقاطع يسترجع بهي ما قاله له بافلوس ذات مرة "لا تقترب أكثر من التاريخ يا بهي! لا تتعمق" ويتذكر سؤاله الاستنكاري عما إن كان يعتقد أن التاريخ بحر شاسع اختزلته الكتب المدرسية عند حدود الشواطئ الرملية الساحرة وأن تعمقه فيه سيفتح أمامه أبواب السباحة في تلك الأمواج المغرية.


ومن هذا المدخل يطرح المؤلف أسئلة عن أصل تسمية الدير وحقيقة بعض مقتنياته الأثرية، ودقة تواريخ بعض منشآته وأسباب إقامتها.


وبالتوازي مع الخط الرئيسي للرواية بالبحث عن القاتل، يضفي المؤلف المزيد من الإثارة على العمل بزرع قصص هامشية من أزمنة مختلفة تدور في فلك دير سانت كاترين مع عدم ارتباطها مباشرة بحادث مقتل الراهب، لكن مع تطور الأحداث واقتراب نهاية المغامرة تتلاقى هذه القصص لترسم لوحة أكثر وضوحا لتاريخ المكان ومحيطه.


تنتهي الرواية بحل اللغز، لكنها لا تبرح وجدان القارئ دون أن تثير لديه الفضول في تقصي تاريخ دير سانت كاترين والتعرف أكثر على ساكنيه أو ربما الإعداد لزيارة قريبة له.


ويحمل الاسم الذي اختاره المؤلف لروايته (صليب موسى) دلالة دينية وتاريخية، إذ جمع بين رمز لمعتقدات مسيحية (الصلب) ونبي (موسى عليه السلام) أرسل إلى اليهود على أرض سيناء بما لها من مكانة خاصة في التاريخ وعند أصحاب الديانات السماوية.


الرواية صادرة عن دار الشروق في 344 صفحة، وهي الأولى لدبور الذي تخرج في كلية الإعلام وعمل صحفيا قبل أن يصدر سلسلة كتب شملت دواوين شعر ومجموعات قصصية وأفلاما روائية طويلة وقصيرة أثار بعضها الجدل مثل "عيار ناري" الذي تدور أحداثه أيضا في أعقاب الانتفاضة الشعبية لعام 2011.


اقراء ايضاً