بعد إحباط القبائل للمحاولة الأولى.. قوات سعودية تقتحم منفذ شحن الحدودي بالمهرة
[ للسعودية طموحات قديمة بإنشاء منفذ على بحر العرب ]
قالت مصادر محلية إن قوات سعودية اقتحمت اليوم الثلاثاء معبر شحن الحدودي في محافظة المهرة (شرقي اليمن)، وذلك بعد يوم من محاولة أولى فاشلة أحبطها مسلحون قبليون تصدوا للقوات السعودية وأجبروها على التراجع، بعد تبادل عنيف لإطلاق النار بين الطرفين.
وذكرت المصادر أن أكثر من عشرين عربة عسكرية على متنها جنود سعوديون ومسلحون من مليشيات تتبع محافظ المهرة راجح باكريت اقتحموا المعبر الواقع على الحدود مع سلطنة عمان.
وأضافت أن سخطا عارما يسود الأوساط القبلية الشعبية في محافظة المهرة بسبب ذلك.
واقتحمت القوات السعودية والموالون لها المعبر بعد انسحاب القبائل من المنفذ فجر اليوم بناء على وساطات قبلية وتوجيهات رئاسية، على أن يظل الوضع في المنفذ تحت حماية المؤسسات الأمنية والعسكرية التابعة للحكومة الشرعية.
وأظهرت برقية سرية نشرها موقع الجزيرة نت توجيهات من نائب الرئيس اليمني إلى محافظ المهرة وقائد محور الغيضة بالمحافظة بسرعة التنسيق والتعاون مع القوة السعودية، و"التعامل بحزم مع المخربين والمهربين"، وفرض النظام والقانون، وذلك استنادا إلى توجيهات الرئيس اليمني.
وكان مصدر قبلي أفاد بأن القوات السعودية حاولت أمس الاثنين اقتحام مفرق فوجيت الفاصل بين مديريتي حات وشحن بقوة السلاح، وسط إطلاق نار كثيف أدى إلى إصابة شخصين.
وأكد المصدر قصف طائرات أباتشي سعودية محيط مفرق فوجيت في محاولة لفتح الطريق أمام مدرعات القوات السعودية للعبور إلى معبر شحن واقتحامه، إلا أن مسلحي القبائل رفضوا عبور هذه القوات.
بدورها، أعربت لجنة الاعتصام السلمي الرافض للوجود السعودي في محافظة المهرة عن إدانتها محاولة الاقتحام، وقالت إن الاحتلال السعودي ومليشياته اعتدوا على مواطني وأبناء قبائل مديرية شحن.
وأضافت -في بيان لها- أن وجود قوات الاحتلال السعودي ومليشياتها في محافظة المهرة مخالف للقوانين الدولية، ودعت قبائل المحافظة إلى الوحدة لمنع إفراغ مؤسسات الدولة الشرعية في اليمن من مهامها.
وطالبت لجنة اعتصام المهرة القيادة السياسية الشرعية بالخروج عن صمتها إزاء الاحتلال السعودي الإماراتي الذي اتهمته بالتخطيط لتقسيم اليمن إلى كيانات متصارعة.
وتعليقا على الأحداث التي شهدتها مديرية شحن بالمهرة، قال الكاتب والمحلل السياسي علي ناصر الدين إن محافظة المهرة تمثل بعدا إستراتيجيا للسعودية.
وأضاف ناصر الدين في لقاء مع الجزيرة أن السعودية تسعى لتأمين حدودها من ناحية المهرة، مشيرا إلى أن ذلك يجري بالتنسيق مع الشرعية.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، سلط تحقيق بثته الجزيرة الضوء على خطط سعودية أعدت منذ عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز للاستحواذ على محافظة المهرة، بهدف تأمين منفذ للسعودية على بحر العرب.
وكشف الوثائقي -الذي حمل عنوان "المهرة.. النوايا المبيتة"- خلفيات سيطرة التحالف السعودي الإماراتي على المحافظة تحت شعار استعادة الشرعية في اليمن.
كما كشف التحقيق عن اتهامات للسفير السعودي في اليمن محمد آل جابر ومحافظ المهرة راجح باكريت بالمسؤولية عن قتل محتجين أثناء اعتصام رافض للوجود السعودي هناك.
والمهرة هي المحافظة الثانية من حيث المساحة في اليمن، وتكتسي أهمية جغرافية واقتصادية بالغة، فضلا عن احتوائها على أطول شريط ساحلي ومنفذين حدوديين هما صرفيت وشحن، وهو ما جعلها -حسب خبراء- هدفا إستراتيجيا للسعودية.
وتقول مصادر إن إصرار الرياض على دخول المهرة يكشف في طياته رغبة في إحياء طموحاتها ومساعيها منذ ثمانينيات القرن الماضي لبناء خط أنابيب نفطي يشق المحافظة إلى بحر العرب، مما قد يمنح المملكة فرصة لنقل نفطها بشكل آمن وبتكاليف أقل ماديا عبر تجنيب ناقلاتها عبور مضيق هرمز.