اقتصادات العالم بمواجهة كورونا.. الخسائر تزحف نحو المنطقة العربية
توقعت الحكومة الصينية أن يظهر أثر تفشي فيروس كورونا على مختلف الصناعات بالبلاد في وقت لاحق من الشهر الجاري، في حين تشير التقديرات إلى تأثر معتبر لاقتصاد كل من دبي وسلطنة عمان.
وقال عضو لجنة الإشراف على الأصول العامة وإدارتها في الصين رين هونغ، إن أكثر من 95% من الشركات المملوكة للدولة تعمل حاليا.
وأشار إلى أن عمليات هذه الشركات تتركز في صناعات رئيسية، مثل تكرير النفط والاتصالات، والكهرباء، والنقل.
من جهتها، قالت هيئة صينية للنهوض بالتجارة اليوم الثلاثاء إن بعض المشترين الخارجيين للمنتجات المعدنية الصينية أوقفوا قبول الشحنات من الصين، على خلفية أزمة ظهور فيروس كورونا، في حين يسعى البعض الآخر للحصول على تعويضات بسبب تأخر تسليم طلبياتهم.
وقال مجلس تجارة المعادن التابع للمجلس الصيني لتشجيع التجارة الدولية في موقعه على الإنترنت، إن شركات في دول -منها روسيا وتركيا- ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أبلغت الموردين الصينيين أنها إما لن تتسلم أو أنها تسعى لتعليق عمليات الشراء.
وأضافت الهيئة التي تدعمها الدولة أن مشترين أجانب آخرين -من بينهم شركات هندية- يسعون لطلب تعويضات على سلع لم يتسلموها في الوقت المحدد، دون أن تشير إلى شركة أو منتجات بعينها.
وتابعت أن انتشار فيروس كورونا، الذي أودى بحياة أكثر من 1800 شخص في الصين، تسبب أيضا في وقف الاتصالات التجارية المباشرة.
وزادت الهيئة "شهر مارس/آذار في الهند بالغ الأهمية لأنه يشهد نهاية السنة المالية هناك، وتعمل فيه الشركات على وضع خططها الشرائية للعام التالي"، مضيفة أن شركات صينية ستخسر أعمالها.
- الأكبر بالعالم
مع أن الصين هي أكبر مستهلك للمعادن في العالم، فإنها تعتبر أيضا أكبر مصدر لبعض المعادن الصناعية كالصلب والألومنيوم.
وصدّرت في 2019 ما تقدر قيمته بنحو 370 مليار يوان صيني (52.8 مليار دولار أميركي) من منتجات الصلب، إلى جانب منتجات ألومنيوم بقيمة 97.4 مليار يوان.
لكن من المنتظر أن ينخفض ناتج البلاد من المعادن انخفاضا حادا مع بقاء العمال في منازلهم التزاما بقرارات الحجر الصحي المفروض.
وتكافح الشركات أيضا لتدبير المواد الخام أو شحن منتجاتها إلى الخارج، وسط قيود مفروضة على وسائل النقل تهدف لوقف انتشار الفيروس.
كما أعلن منظمو معرض بكين للسيارات -الواجهة الأساسية لأكبر سوق للسيارات في العالم- الاثنين أن هذا التجمع الكبير الذي كان يفترض أن ينظم من 21 إلى 30 أبريل/نيسان المقبل، سيتم تأجيله إلى أجل غير مسمى بسبب تفشي فيروس كورونا الجديد.
وفي مواجهة تداعيات فيروس كورونا خفض المصرف المركزي الصيني أمس الاثنين مجددا معدل الفائدة على القروض الموجهة للمؤسسات المالية، في وقت تسعى الصين جاهدة لتحفيز اقتصادها الذي يشله تفشي فيروس كورونا.
ويسمح هذا الإجراء بتقليص كلفة تمويل المصارف التجارية، وهي طريقة لتخفيف الضغط الذي تعاني منه ولتشجيعها على تقديم قروض للشركات بشروط أيسر.
وعرض المصرف المركزي مئتي مليار يوان (26.4 مليار يورو) على البنوك في شكل تسهيلات قروض متوسطة المدى لعام بشروط ميسرة.
ولا تزال عدة شركات صغيرة تعاني لاستئناف أنشطتها وهي مهددة بسبب نقص السيولة، عقب نقص الإمدادات أو العمال أو العملاء.
- الشركات الأميركية
ليست الشركات الصينية وحدها من تعاني، فقد أظهر استطلاع أجرته غرفة التجارة الأميركية في شنغهاي أن نصف الشركات الأميركية في الصين تقول إن أنشطتها العالمية تأثرت من الإغلاقات الناجمة عن تفشي فيروس كورونا.
وقال نحو 78% من المشاركين في الاستطلاع، إن العمالة غير كافية في مصانعهم في الصين لاستئناف الإنتاج بالكامل، إذ إن قيود حماية الصحة العامة تزيد من صعوبة عودة العمال لوظائفهم بعد عطلة طويلة.
- أوروبا
في أوروربا، قال رئيس مجموعة اليورو ماريو سنتينو الاثنين إنه يتوقع تأثيرا مؤقتا لتفشي فيروس كورونا على اقتصاد منطقة اليورو، مضيفا أنه ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يجري أيضا تقييما متأنيا للتطورات في الأجل الطويل.
- روسيا
في روسيا، أعلنت الناقلة الوطنية الروسية إيروفلوت الاثنين تعليق بعض رحلاتها إلى الصين بسبب تراجع الطلب وسط تفشي فيروس كورونا.
وقالت شركة الطيران في موقعها الإلكتروني، إنها ستسير رحلة واحدة يوميا إلى مدينتي بكين وشنغهاي بدلا من رحلتين، بدءا من اليوم الثلاثاء إلى 28 من مارس/آذار المقبل.
- ألمانيا
وفي ألمانيا، أظهر مسح اليوم الثلاثاء أن ثقة المستثمرين في البلاد تراجعت أكثر مما هو متوقع في فبراير/شباط الجاري، بسبب المخاوف من أن يضعف تفشي فيروس كورونا في الصين التجارة العالمية ويعمق ركود القطاع الصناعي بألمانيا.
ويعزز المسح التوقعات بأن يواصل أكبر اقتصاد في أوروبا فقد الزخم في النصف الأول من 2020، إذ يعاني المصنعون من ركود بسبب تراجع الصادرات.
- دول الخليج
ذكر محللون لدى ستاندرد أند بورز غلوبال للتصنيفات الائتمانية الاثنين، أن قطاع الضيافة في دبي هو الأكثر تعرضا للمخاطر بمنطقة الخليج بسبب قيود السفر المرتبطة بتفشي فيروس كورونا.
وقال المحللون إن جميع الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي، مقبلة على أضرار ناجمة عن قيود السفر، لكن دبي -وهي مركز لحركة التجارة- قد يصيبها الضرر الأكبر، في وقت استقبلت دبي نحو مليون زائر من الصين في 2019.
وقالت ستاندرد أند بورز، من المنتظر أن ينخفض أيضا عدد الزائرين المتوقع حضورهم إكسبو دبي 2020، في حين تأمل دبي في جذب 11 مليون زائر أجنبي من أجل المعرض الذي يستمر لستة أشهر.
وعلى الصعيد التجاري، قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي جهاد أزعور، لرويترز أمس إن من السابق لأوانه التنبؤ بتأثير التفشي على النمو الاقتصادي بمنطقة الخليج.
وأضاف "لا نزال بحاجة إلى وقت لتقييم حجم هذه الصدمة وكم سيستغرق الأمر حتى يتسنى للصين علاجها... لا نزال نحتاج أسابيع قليلة للاستيضاح".
بالمقابل، يقول مصرفيون إن الفيروس التاجي لم يؤثر بعد على تدفقات التجارة في منطقة الخليج، لكن الشركات شرعت في تقييم خطط الطوارئ تحسبا لمزيد من التراجع في الصادرات الصينية خلال الأشهر المقبلة.
من جانبها، قالت المحللة في ستاندرد أند بورز ذهبية جوبتا، إن المخاطر الاقتصادية التي تواجهها سلطنة عمان أشد هذا العام بسبب ضعف في الطلب على النفط وانكشافها على الصين.
وذكرت ستاندرد أند بورز أن حوالي 45% من صادرات السلطنة -والتي يشكل النفط معظمها- تتجه للصين، مما يجعلها الدولة الخليجية الأكثر انكشافا على التطورات في ذلك البلد.