"المركزي التركي" يخفض سعر الفائدة للمرة الخامسة.. هل نجحت حرب أردوغان؟
بعد استمرار التعافي المعتدل في النشاط الاقتصادي لتركيا، خفّض البنك المركزي التركي سعر الفائدة من 12% إلى 11.25%، في إجراء هو الخامس منذ يوليو/تموز الماضي.
وبحسب بيان نشره المركزي التركي على موقعه الرسمي، فإن القرار جاء بعد اجتماع عقده البنك بوجود رئيسه مراد أويصال، وتم خلاله خفض سعر الفائدة 75 نقطة.
ويأتي الخفض المتتالي لأسعار الفائدة استجابة لمطالب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي أعلن نفسه عدوا للفائدة، واعتبر أن ارتفاعها يؤدي إلى زيادة التضخم.
ويدفع الرئيس التركي نحو هذه السياسة، مشيرا إلى أنه يأمل في مزيد من التسهيلات النقدية المقدمة من البنك المركزي، حيال تخفيض سعر الفائدة.
- رحلة الخفض
وبالنظر إلى نسبة تخفيض سعر الفائدة، فقد تدرجت منذ أن خفض البنك المركزي التركي سعر الفائدة في 26 يوليو/تموز الماضي من نسبة 24% التي حافظ عليها البنك المركزي لمدة عام، إلى نسبة 19.75%، أي بنسبة 4.25%.
ثم خفض سعر الفائدة من 19.75% إلى 16.5%، أي بنسبة 3.25% في 12 سبتمبر/أيلول الماضي، كما خفضه في 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 14% أي بنسبة 2.5%.
وللمرة الرابعة، تم خفض سعر الفائدة من 14% إلى 12%، أي بنسبة 2% يوم الخميس 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأخيرا ليس آخرا خفض المركزي التركي سعر الفائدة من 12% إلى 11.25%، بنسبة 0.75% في إجراء هو الخامس منذ يوليو/تموز 2019، أي خلال نصف عام.
ويتوقع مصرفيون خفضا جديدا لأسعار الفائدة في أي وقت ينحسر فيه الضغط على الليرة، علما بأن سعر صرف الدولار يبلغ حاليا 5.75 ليرات تركية.
سلسلة التخفيضات في نسبة الفائدة جاءت عقب صدور مرسوم حكومي في 7 يوليو/تموز 2019، قضى بإقالة محافظ البنك المركزي مراد تشيتينكايا، وتعيين نائبه مراد أويصال بدلا منه.
وبرر المرسوم إقالة محافظ المصرف المركزي بتطبيق أدوات السياسة المالية الرامية لتحقيق استقرار الأسعار، على خلفية تضارب في وجهات النظر بين حاكم المصرف المركزي في الاحتفاظ بسعر الفائدة عند 24% ورؤية الحكومة تخفيض الفائدة.
يذكر أن سعر الفائدة في البنوك التركية وصل إلى 24% بعد اتخاذ أربعة قرارات رفع خلالها البنك المركزي سعرها، كان آخرها في سبتمبر/أيلول 2018، في محاولة لإنقاذ الليرة التركية التي وصلت قيمتها مقابل الدولار حينها إلى 7.22 ليرات.
- انعكاس على المواطن
في السياق، ذكر أستاذ الاقتصاد والتمويل في جامعة "أرتوكلو" متين أيرول أن خفض نسبة الفائدة ينعكس على المواطنين الأتراك المقترضين من البنوك، ويتيح لهم الحصول على قروض بنسب فائدة منخفضة، مما يعزز حركة البيع والشراء.
وقال أيرول للجزيرة نت "يمكن للمواطنين الأتراك الحصول على قروض مالية طويلة الأمد، من الممكن أن تتراوح نسبة الفائدة عليها حاليا بين 0.98% و1.69%".
ولفت أستاذ الاقتصاد والتمويل إلى أن بعض المنصات توفر حساب نسبة الفائدة بخيارات عديدة، مثل قرض الحصول على سيارة أو شقة.
وأرجع سبب خفض سعر الفائدة لاستمرار التعافي المعتدل في النشاط الاقتصادي لدى تركيا، حيث إن التحسن في سعر صرف العملة بعد الانخفاض الذي تعرضت له الأسبوع الماضي شجع البنك على اتخاذ القرار.
وزاد أيرول أنه "بالرغم من التحسن في النشاط الاقتصادي، فإن الاستثمارات ما زالت ضعيفة ويبدو أن التخفيض جاء لدفع عجلة الاستثمار".
وتزامن خفض سعر الفائدة سابقا مع نشاط في بيع العقارات في سبتمبر/أيلول وأغسطس/آب الماضيين، وتراجع في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وشهد سبتمبر/أيلول الماضي ارتفاعا في بيع العقارات بنسبة 15.4% مقارنة بالوضع قبل عام، إذ بيع حينها أكثر من 146 ألف عقار، بحسب ما ذكرته بيانات معهد الإحصاء التركي، ولكن حركة البيع انخفضت بنسبة 2.5% في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
- التضخم
وقال البنك المركزي التركي إن التضخم سينخفض قليلا خلال 2020. ودفع هذا الخفض الخامس على التوالي لسعر الفائدة في تركيا أسعار الفائدة الفعلية إلى أقل من الصفر للمحليين من حائزي الودائع بالليرة، نظرا لزيادة التضخم على أساس سنوي إلى 11.84% في ديسمبر/كانون الأول.
ووصف البنك -في بيان له- خفض سعر الفائدة "بالمدروس"، وقال إن التضخم "يتفق بشكل كبير" مع توقعات سابقة له بأن يسجل 8.2% بحلول نهاية العام.
وأضاف أن "وضع السياسة النقدية الراهن لا يزال متسقا مع المسار المحدد لخفض التضخم".
وارتفعت الليرة التركية مقابل الدولار إلى 5.8600 بعد إعلان البنك خفض الفائدة، مقارنة مع 5.8775 في وقت سابق.
كما حقق المؤشر الرئيسي لبورصة إسطنبول (BIST 100) رقما قياسيا جديدا في تاريخه خلال التعاملات المبكرة الخميس الماضي، بوصوله إلى 122482.43 نقطة.
وارتفع المؤشر 1192.03 نقطة بحلول الساعة الواحدة ظهرا بالتوقيت المحلي مقارنة بالإغلاق السابق، إلى 122130.81 نقطة.
وبلغ إجمالي حجم التعاملات في النصف الأول من يوم الخميس، 7.6 مليارات ليرة تركية (1.30 مليار دولار).
وأكد تقرير الاستقرار المالي للبنك المركزي أنه تم تعديل توقعات النمو العالمية نحو الانخفاض، مع ظهور عوامل الخطر، موضحا أن تقلبات سعر صرف العملات الأجنبية أمام الليرة في تركيا، انخفضت مع تراجع أسعار الفائدة بشكل ملحوظ.
وشدد التقرير على أن النظام المصرفي يحافظ على مرونته ضد المخاطر بفضل قوة رأس المال وبنية السيولة.