عودة الريال اليمني للانهيار في مناطق الحكومة الشرعية يثير مخاوف المواطنيين
عاودت العملة اليمنية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية انهيارها أمام العملات الأجنبية بعد نحو عام ونصف من الاستقرار النسبي، وسط قلق شعبي كبير من موجة غلاء مجنونة تضيف مزيداً من القيود بين ملايين اليمنيين ولقمة عيشهم.
قيمة الريال اليمني تهاوت خلال الأسابيع الأخيرة لتقترب أمس الإثنين من 1400 ريال يمني مقابل الدولار الأمريكي، وهي أكبر انتكاسة يتعرض لها الريال في مناطق الحكومة منذ أواخر نوفمبر 2021، في الوقت الذي تتحدث فيه تقارير عن نفاد احتياطيات البنك المركزي من العملة الصعبة نتيجةً لعجز الحكومة عن تصدير النفط.
ولأن اليمن يستورد أكثر من 90% من احتياجاته الغذائية، فإن أدنى أزمة في العملة الصعبة التي يحتاجها التجار للاستيراد سرعان ما تنعكس بشكل حاد على معيشة المواطنين، وقد خسر الريال اليمني منذ استعار الحرب قبل أكثر من 8 سنوات أضعاف قيمته، وتضاعفت معه الأسعار نحو ست مرات.
كلفة كيس الدقيق عبوة 50 كيلو خلال الأشهر الأولى من العام 2015 كانت تتراوح بين 5-6 آلاف ريال يمني، بينما تتجاوز حالياً 36 ألف، وفي حال استمر الانهيار الحاصل قد ترتفع إلى المستوى القياسي الذي وصلت إليه نهاية العام قبل الماضي عندما وصلت إلى حدود الـ 50 ألف ريال يمني.
فزع شعبي
"وضعنا لا يحتمل أي موجة غلاء جديدة؛ ليس الجوع فقط هو ما يتهددنا في حال تابع الريال الهبوط. سيكون هناك الكثير من الفوضى والمشاكل،" قال فؤاد الشرعبي- وهو صاحب بقالة متواضعة في حي المسبح في مدينة تعز- بنبرة فيها جزَع واضح.
وتذكر الشرعبي المظاهرات الغاضبة التي اجتاحت المحافظات المحررة أواخر العام قبل الماضي، وإضراب الكثير من أفران الخبز في المدن احتجاجاً على جنون أسعار الدقيق، والقلق الذي وسم تلك المرحلة بشكل عام.
وأضاف الشرعبي لـ"المهرية نت": لست مستعداً لعودة العراك اليومي مع الزبائن حول الأسعار. لا أحد يتفهم أن قيمة البضائع تزداد على مدار اليوم،"، محتجاً على ما اعتبره تحاملاً من الناس على "التجار الصغار الذين لا حول لهم ولا قوة وكأنهم سبب المشكلة".
مؤشرات عجز حكومي
الأسواق تفاعلت على الفور مع الانهيار الحاصل ولوحظ ارتفاع في أسعار معظم البضائع خلال الأيام السابقة، خصوصاً أن الخسارات التي سجلها الريال هذه المرة توحي بـ"خروج الأمور عن سيطرة البنك المركزي"، وفقاً للصحفي فتح العيسائي.
"المؤشرات واضحة وكثيرة على أن الحكومة اليمنية تواجه عجزاً خطيراً في توفير العملة الصعبة والتحكم بسوق الصرافة ".
واستشهد العيسائي بتوقف المزادات التي كان المركزي يعلن عنها باستمرار طوال الأشهر الماضية لبيع العملة الصعبة للبنوك والتي كانت توحي بقدرة البنك على توفير احتياجات السوق وتغطية نسبة من العملة الصعبة اللازمة لاستيراد الاحتياجات الأساسية.
وتابع العيسائي لـ"المهرية نت": لجوء رئيس الوزراء قبل يومين لدعوة المجتمع الدولي لدعم الحكومة في مواجهة الحرب الاقتصادية التي يشنها الحوثيون عليها وعلى اليمنيين هو أيضاً مؤشر آخر على حالة طوارئ تعيشها الحكومة في عدن تهدد قدرتها على الالتزام بالحد الأدنى من التزاماتها ".
وكان المركزي اليمني نفى قبل أسبوع عجزه مستنكراً ما وصفها بـ"حملات مسعورة" تدّعي نفاد احتياطاته الأجنبية، مؤكداً على أنه مستمر في المزادات وقادر على تأمين مرتبات الموظفين" بدعم من الأشقاء"، حسب بيان البنك.
حرب اقتصادية
ويلعب الحظر الذي يفرضه الحوثيون على التصدير الحكومي للنفط الدور الأكبر في تدهور قيمة الريال في المحافظات المحررة، لأن عائدات النفط كانت هي الرافد الأكبر لخزينة الدولة بالعملة الصعبة، على الرغم من أن عملية التصدير لم تُستأنف بذات المعدل السابق للحرب.
وبحسب محافظ البنك المركزي اليمني "أحمد غالب المعبقي" فإن الحكومة اليمنية خسرت مليار دولار منذ أكتوبر الماضي عندما بدأ الحوثيون استهداف موانئ تصدير النفط في حضرموت وشبوة بالقصف عبر الطائرات المسيرة، مطالبين بحصة كبيرة من العائدات.
وخلال الأسابيع الماضية صعد الحوثيون من حربهم الاقتصادية ضد الحكومة، وحظروا وصول الغاز المنزلي من مارب إلى الأسواق الخاضعة لسيطرتهم، كما منعوا وصول شحنات المواد الغذائية المصنعة في المحافظات المحررة أو الداخلة إلى البلاد عبر ميناء عدن، ملزمين التجار على التحول إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتهم.