خسر مدنا إستراتيجية.. ماذا وراء "السقوط المدوي" لحفتر غربي ليبيا؟
[ قوات من حكومة الوفاق تحتفل باستعادة السيطرة على مدينة صبراتة غربي ليبيا (الأناضول) ]
أعلنت قوات حكومة الوفاق الوطني ملاحقة فلول قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر الهاربة بعد السيطرة الكاملة على مدن مختلفة في الساحل الغربي.
وأفادت القوات الحكومية بأنها سيطرت على مدن صبراتة وصرمان والعجيلات وزلطن والجميل ورقدالين، بعد طرد قوات حفتر منها.
وأكدت غرفة العمليات المشتركة برئاسة الأركان العامة في حكومة الوفاق أن الهدف من العملية العسكرية طرد المجرمين وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، محذرة من "استغلال تضحيات الأبطال للقيام بأي أفعال انتقامية".
وأكد المتحدث باسم الجيش الليبي محمد قنونو أن قوات الوفاق تواصل تقدمها وفق الخطة التي أعدتها غرفة العمليات في إطار عملية "عاصفة السلام"، ردا على القصف المتكرر لأحياء العاصمة طرابلس و"تأديبا لمليشيات المرتزقة".
وأظهرت صور وفيديوهات نشرت على منصات التواصل الاجتماعي كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والعربات المسلحة -بينها مدرعات إماراتية- حصلت عليها قوات حكومة الوفاق أثناء سيطرتها على مدينة صبراتة غربي ليبيا.
التوقيت المناسب
وقال وكيل وزارة الدفاع بحكومة الوفاق صلاح النمروش إن عملية السيطرة على مدن في الغرب الليبي لم تكن مفاجئة، وإنما خطط لها مسبقا وتم اختيار التوقيت المناسب لتنفيذها بحرفية عالية من قبل الجيش الليبي والوحدات المساندة له.
وأضاف النمروش للجزيرة نت "وجدنا كميات كبيرة جدا من الذخائر والأسلحة والآليات التي تثبت الدعم اللامحدود المقدم لمجرم الحرب حفتر من بعض الدول المساندة لجرائمه".
واعتبر النمروش أن من أسباب السقوط السريع لمسلحي حفتر في المناطق الغربية هو إرادة الليبيين الذين يرفضون حكم العسكر الدكتاتوري ويريدون العيش بحرية وديمقراطية في دولة مدنية.
وأثنى على ترحيب أهالي مدن صرمان وصبراتة وزلطن والعجيلات ورقدالين والجميل والعسة، مشيرا إلى أن وزارة الدفاع ستكلف فورا إحدى الوحدات العسكرية بحكومة الوفاق لتأمين المناطق عبر الدوريات الأمنية والعسكرية والقبض على جميع المجرمين وتقديمهم للعدالة.
ضربات دقيقة
واعتبر المتحدث باسم عملية "بركان الغضب" مصطفى المجعي أن السيطرة على مدن الغرب الليبي جاءت بعد إطلاق عملية "عاصفة السلام" والتهيئة من قبل القوات الجوية بحكومة الوفاق، لتنفيذ ضربات دقيقة على غرف العمليات وقطع خطوط الإمداد واستهداف العديد من العربات المسلحة ومواقع مليشيات حفتر.
وقال المجعي في حديثه للجزيرة نت إن "قواتنا الجوية استهدفت مواقع مليشيات حفتر بنحو 16 غارة دقيقة في مدينتي صرمان وصبراتة، ثم تقدمت القوات البرية للسيطرة على المواقع".
وأفاد بأن حفتر لا يمتلك حاضنة شعبية في مدن صرمان وصبراتة وزلطن ورقدالين والجميل، مشيرا إلى أن دخول هذه المدن جاء عبر شبابها الذين نزحوا وهجرتهم مليشيات حفتر.
وأوضح المجعي أن الدور الكبير الآن على مديريات الأمن بوزارة الداخلية لبسط الاستقرار ومنع أي خروقات أمنية في هذه المناطق، إلى حين عودة الحياة إلى طبيعتها بتفعيل جميع مؤسسات الدولة.
مدن إستراتيجية
وصرح الخبير العسكري عادل عبد الكافي بأن أهمية مناطق صرمان وصبراتة وصولا إلى زلطن والجميل ورقدالين تكمن في كونها مدنا إستراتيجية على الساحل الليبي لقربها من العاصمة طرابلس، إضافة إلى أن حفتر كان يستخدم هذه المدن رأس حربة للهجوم على طرابلس مطلع أبريل/نيسان من العام الماضي، كما اتخذ قاعدة "الوطية" الجوية قاعدة خلفية لحماية قواته.
وأضاف عبد الكافي في حديثه للجزيرة نت أن "دخول قوات الجيش الليبي والوحدات المساندة له إلى مدن المنطقة الغربية، أثبت مدى هشاشة وضعف مليشيات حفتر وعدم قدرتها على وضع أي خطة دفاعية، وفشلها في التصدي لضربات الجيش الليبي بحكومة الوفاق".
واعتبر أن حفتر سيطر على بعض هذه المدن من خلال ولاء عناصر من التيار المدخلي له في ظل وجود المرتزقة والمليشيات، مشيرا إلى أن حفتر تلقى صفعة موجعة بخسارة هذه المدن الإستراتيجية.
وأكد عبد الكافي أن سلاح الجو الليبي نجح الاثنين في إنجاز نحو 70% من العملية العسكرية، بعد تمهيد جوي أمام تقدم القوات البرية، مما انعكس إيجابيا على سقوط المدن الواحدة تلو الأخرى.
وتابع "الآن من المهم أن تسقط قوات حكومة الوفاق الوطني مدينة ترهونة، وتحيّد قاعدة الجفرة العسكرية لتعزيز محاصرة حفتر في شرقي ليبيا".
وأشار الخبير العسكري إلى أن سقوط مدن كان حفتر يسيطر عليها، يثبت فشل حملته العسكرية بعد عام كامل من الحرب التي حاول من خلالها السيطرة على العاصمة طرابلس.