سريلانكا.. انتخابات رئاسية للمرة الأولى دون كبار المسؤولين
[ سريلانكا.. انتخابات رئاسية للمرة الأولى دون كبار المسؤولين ]
تشهد سريلانكا في 16 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري انتخابات رئاسية، قد يكون عدم ترشح كبار المسؤولين الحاليين أبرز ما يميزها.
فللمرة الأولى اختفت أسماء الرئيس ورئيس الوزراء وزعيم المعارضة من قائمة المترشحين لثامن انتخابات تجري في البلاد.
في المقابل، تعود أسماء العائلات الحاكمة إلى صدارة المشهد السياسي للمرة الأولى في تاريخ البلاد.
إذ يتنافس غوتابايا شقيق الرئيس السابق ناريندا راجاباغسا مع وزير الإسكان الحالي ساجيت (ابن الرئيس الأسبق راناسينغ بريماداسا)، وفي سابقة تضم قائمة المترشحين للانتخابات الرئاسية 35 شخصا.
أهمية الانتخابات
وتأتي هذه الانتخابات بعد عام من أزمة دستورية خانقة حسمها القضاء بإلغاء إجراءات الرئيس بإقالة الحكومة وحل البرلمان وكل ما ترتب عليها.
إلا أن قرار المحكمة العليا لم ينه الانقسام السياسي في البلاد، ويتطلع السريلانكيون إلى أن تنهي الانتخابات الرئاسية هذا الانقسام.
ويولي السريلانكيون أهمية خاصة لهذه الانتخابات كونها الأولى التي تجرى بعد هجمات عيد الفصح التي وقعت في 21 أبريل/نيسان الماضي، واستهدفت كنائس وفنادق فخمة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 250 شخصا وإصابة المئات، وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية المسؤولية عنها، لكن التحقيقات السريلانكية أظهرت أن التنظيم لم يكن على علم بالهجمات قبل وقوعها.
وكشفت هجمات الفصح عن حجم الأزمة بين مؤسستي الحكم (الرئاسة ورئاسة الوزراء).
ويرى مراقبون أن هذه الانتخابات ستترك أثرا كبيرا على الأمن والسلم الأهليين في سريلانكا، وتمهد للانتخابات البرلمانية المتوقعة بداية العام المقبل.
الأقليات
ويسود اعتقاد واسع بأن الأقليات -التي تشكل نحو 30% من سكان البلاد البالغ عددهم حوالي 22 مليون نسمة- تميل إلى التصويت لساجيث برمياغاسا.
فمن جهة، تنتاب المسلمون مخاوف من تحالف غوتابايا رجاباغسا مع المتطرفين البوذيين والقوميين السنهاليين.
في حين، يستذكر الهندوس التاميل (12%) ما حل بهم من انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان على أيدي القوات السريلانكية بقيادة وزير الدفاع غوتابايا.
ومن المفارقات أن تجمع قضية الحرب على منظمة "نمور تحرير تاميل إيلام" الانفصالية غوتابايا وساجيث.
فقد اغتالت المنظمة الرئيس بريماداسا والد ساجيث عام 1993، وحسمت المعركة ضدها عام 2019 في عهد الرئيس راجاباغسا شقيق غوتابايا، وكان حينها وزيرا للدفاع.
ومن أجل استمالة الناخبين التاميل (المسلمين والهندوس) تعهد بريماداسا بالحفاظ على هويتهم التاميلية وإدراج اللغة التاميلية في المعاملات الرسمية.
غير أن منظمات تاميلية دعت إلى مقاطعة الانتخابات بسبب تاريخ راجاباغسا في حربه مع التاميل وعدم استجابة بريماداسا لثلاثة عشر طلبا قدمتها هذه المنظمات مقابل تأييده.
وعلى الرغم من أن نسبة المسلمين لا تتعدى 10%، فإن ثلاث شخصيات مسلمة تخوض غمار الانتخابات الرئاسية، يحدوهم الأمل في رفع شعبيتهم تمهيدا للانتخابات النيابية المرتقبة في الربع الأول من العام المقبل.
ويستبعد فوز أي من هؤلاء المترشحين في هذه الانتخابات، ولا سيما أن أحزاب المسلمين مرتبطة بتحالفات حزبية، وقد اعتاد المسلمون الترشح ضمن قوائم حزبية.
ويرى مراقبون أن المترشحين المسلمين يهدفون إلى تحسين موقفهم التفاوضي مع الرئيس المقبل.
النظام الانتخابي
شكل ترشح 35 شخصية سياسية لانتخابات الرئاسة سابقة تاريخية في سريلانكا، وهو ما جعل لجنة الانتخابات العامة تعيد النظر في الطريقة التقليدية للانتخاب.
ومن مفارقات النظام الانتخابي السريلانكي حسم المعركة الانتخابية من جولة واحدة وعدم وجود دور ثان، فالناخب يختار رئيسا وخيارين آخرين مفضلين من بين المرشحين.
ويقدر عدد من يحق لهم الاقتراع في هذه الانتخابات بنحو 16 مليون ناخب.
ومع أن حسم المعركة الانتخابية بجولة واحدة ينظر إليه بأنه أحد ميزات النظام الانتخابي لكن قوى سياسية سريلانكية صاعدة ترى فيه تكريسا لنظام الحزبين وحرمانا للأغلبية من فرصة ممارسة حقها السياسي.
وبحسب تصريحات لجنة الانتخابات العامة فإن نحو 150 مراقبا دوليا يشاركون في مراقبة الانتخابات، ويمثلون هيئات سياسية دولية مثل الاتحاد الأوروبي وآسيان وسارك وغيرها.
وكان الرئيس السريلانكي مايثريبالا سيرسينا قد أوعز للجيش بتعزيز إجراءات الأمن إلى أقصى درجة لتأمين الانتخابات الرئاسية.