الإعلام والناس.. العلاقة المتأزمة
خلال دراستي للإعلام في جامعتين مختلفتين ومدينتين متباعدتين ..كانت هناك ردود أفعال دائماً ما أجدها أمامي كل ما فهم الذي يحادثني أنني ادرس في هذا المجال المثير للجدل
وهذه الردود يمكنني أن أصنفها على نوعان، النوع الأول : يتسائل عن جدوى دراسة مثل هذه المجالات الفارغة ويرى بأنها مضيعة للوقت ويستحقر ويستصغر كل الدارسين والعاملين في هذا المجال ويصفهم بالمرتزقة او المطبلين وغيرها من الصفات الدنيئة !
أما النوع الثاني فلديه نظرة عدائية عن الإعلام وكل مايمت له بصلة ولايجد فرصة إلا وحمل الإعلاميين سبب كل هذه المشاكل التي تجري على هذا الكوكب ، حتى أنني صادفت من يشتكي بأن الإعلام هو المتسبب في انقطاع الماء فجأة عن منزله !! .
ردود الأفعال هذه كنت ولازلت وسأبقى أتقبلها بصدر رحب فالناس مستويات في الإدراك والوعي ، ومن الجيد أن تستمع إلى وجهات النظر المختلفة دائماً مهما كانت قاسية في بعض الأوقات ، وأن تحاول أن تتفهمها وتدرس أسبابها لعلك تساهم في علاجها
سبب المشكلة وسوء الفهم الحاصل لدى النوع الأول من الناس أن الكثير منهم لايدركون تأثير الإعلام وأهميته على حياتهم اليومية، فبإمكان الإعلام النزيه القوي ان يجعلهم يعيشون في حياة كريمة رغيدة متنعمين بكافة حقوقهم ، ولديهم مايكفيهم من الحرية لقول أو فعل ماتريد في حدود الدستور والقانون
فهذا الإعلام القوي والمستقل سيكون سداً منيعاً أمام أي قوة خارجية أو داخلية تريد أن تعبث بأمن وكرامة وموارد بلادهم ، وسيكون حجر عثرة أمام أي مسؤول يفكر أن يستغل منصبه ليحرمهم من حقوقهم أو يتعدى عليها حتى لو كانت صغيرة
حتى على مستوى الحرية والتعبير عن الرأي سنجد أن أكثر الدول حرية وديمقراطية ، لديها إعلام حر ومستقل هو من أوصلها بشكل أو بآخر إلى هذه الدرجة من الرفاهية .
أما النوع الثاني من الناس الذين لديهم نظرة عدائية تجاه الإعلام ، وهم في حالة هجوم مستمرة ضد كل مايتصل بالإعلام ، فهم يخيل لهم أن الإعلام هي تلك القناة التي تبث أخبار مضللة عن تيارهم السياسي ، أو تلك الصحيفة التي لاتتناول في مواضيعها مظاهراتهم واحتجاجاتهم ، أو ذلك الصحفي الذي لايتفاعل مع قضيتهم ،
وهم بذلك حجموا الإعلام في مجال السياسة فقط ، وأخطأو كثيراً عندما عمموا هذه العينات على أداء الإعلام بشكل عام ، وعلى هذا الأساس المتهالك الضعيف وبما أن هذا الإعلام لايتوافق مع مواقفهم السياسية فيجب محاربته
وجهلوا أو تجاهلوا أن للإعلام مجالات عديدة متنوعة منها على سبيل المثال لا الحصر الإعلام الاجتماعي والبيئي والرياضي والتنموي والثقافي والاقتصادي وغيرها من المجالات ، ولدينا اليوم عدد مهول من المحطات التلفزيونية والصحف والإذاعات التي لاتختص بالسياسة إطلاقا وليست من اهتماماتها ، كما أن لدينا عشرات الآلاف على أقل تقدير من الصحفيين الذين لاتستهويهم السياسة بل يقومون بأعمال إعلامية في مجالات أخرى كثيرة ومتنوعة ، منها تلك الأعمال العظيمة التي تبذل من أجل حماية كوكبنا والحفاظ على الكائنات التي تعيش فيه وفي مقدمتهم الإنسان ، فلماذا نتجاهلهم ونستصغر جهودهم الجبارة وننظر إلى النقطة أو النقاط السوداء القليلة ونتجاهل البياض الساطع !!
يجب علينا أن نتخلى عن نظرتنا القاصرة للإعلام ونطمس الصورة النمطية المشوهة التي كانت نتاج قلة وعي وفهم لماهية الإعلام ووظيفته ، ونتعامل مع الإعلام بإيجابية أكثر من أجل واقع أفضل تسوده العدالة والحرية والكرامة.
*من صفحة الكاتب على الفيس بوك