مراقبون: الحكومة اليمنية المنتظرة لم تُشكل بإرادة وطنية
فتحت تصريحات رئيس الوزراء اليمني السابق، أحمد بن دغر، بشأن الآلية غير العادلة في توزيع الحقائب الوزارية في الحكومة المنبثقة عن اتفاق الرياض، فضلا عن التدخلات من بعض السفراء، الباب واسعا أمام أسئلة عدة حول دلالاتها.
ويرى مراقبون أن ما كشفه ابن دغر، المستشار الرئاسي والقيادي بحزب المؤتمر، يؤكد أن الحكومة المرتقب الإعلان عنها مناصفة بين الشمال والجنوب، لم تشكل بإرادة يمنية، بدءا بتعيين رئيسها والتوزيع الوزاري لها، وصولا إلى تسمية وزراء الحقائب السيادية التي كلف الرئيس باختيارهم.
"ضغوط مزدوجة"
وفي هذا السياق، يقول الكاتب والمحلل والسياسي اليمني، محمد الغابري؛ إن "الموضوع يكتنفه قدر كبير من الغموض"، مضيفا أن ما ظهر للسطح يظهر أن تشكيل الحكومة قد تم ولم يبق إلا الإعلان عنها.
وتابع في حديثه الخاص لـ"عربي21": ربما يقصد ابن دغر أن حصة حزب "المؤتمر" من الحقائب، كما جاء في أخبار متداولة، يجعله متساويا مع ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم من الإمارات، أو أن "هناك محافظات فاعلة مغيبة.. ما يعني أن الاعتراض قد يكون سياسيا وقد يكون جغرافيا".
وبحسب الغابري، فإن "ضغوطا مزدوجة تمارس على السلطة الشرعية، أغلب الظن أنها من السفير السعودي، محمد آل جابر، باتجاه محاولات إجراء تعديل على اتفاق الرياض، ومن جهة أخرى يقوم بها السفير البريطاني "مايكل آرون"، باتجاه القبول بإعلان مشترك مع الحوثيين".
فضلا عن ذلك، توجد "ضغوط تتعلق بتسمية وزراء الوزارات السيادية الأربع التي أسندت للرئيس هادي"، بحسب تعبيره.
وأوضح أن أقوى الضغوط تنصب على أن تتنازل السلطة الشرعية عن شرطها في تنفيذ الشقين العسكري والأمني، وتأجيلهما إلى ما بعد إعلان تشكيل الحكومة، محذرا من أي تساهل في هذا الأمر، كونه تمهيدا لصناعة أزمة أخرى.
وأردف قائلا: "قبول السلطة الشرعية بذلك، سيجعل من الحكومة المقبلة حكومتين، ومن ثم اندلاع الحرب وانقلابات أخرى.
ووفقا للكاتب اليمني، فإن تدخل السفيرين السعودي والبريطاني يضعف السلطة أكثر إن هي رضخت لتدخلهما، مبينا أن العملية ستكون برمتها عبارة عن سلام هش ومؤقت، ونهاية للسلطة، وتفرد الحوثي والانتقالي بالبلاد وصناعة مليشيات وفصائل أخرى.
ويلفت الغابري إلى أن السيناريو المرتقب وفقا لذلك، هو "الانتقال من حالة حرب بين سلطة وتمرد إلى حرب أهلية شاملة بين فصائل ومليشيات متعددة".
من جانبه، رأى القيادي بحزب المؤتمر، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، عادل الشجاع أن "توزيع الحقائب الوزارية بهذه الطريقة تنم عن محاصصة تقدم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة".
"مسعى للتخلص من الشرعية"
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أنها "آلية تحول الصراع من صراع مشاريع إلى صراع حصص، ويجعل الحكومة تتشكل من تناقضات قابلة للانفجار في أي لحظة.
وقال الشجاع: "كان من الواضح أن الذين يمتلكون مليشيات مسلحة اختاروا لأنفسهم الوزارات التي تحقق لهم إيرادات وتحفظ مصالح وكلائهم، وفرضوا ذلك بالقوة وتركوا للأحزاب المدنية التي لا تمتلك مليشيات مسلحة الوزارات الهامشية".
وأكد القيادي بحزب المؤتمر، أن تشكيل الحكومة قد تعثر أكثر من مرة بسبب تدخل سفراء بعض الدول في فرض الحصص واختيار الوزارات، مشيرا إلى أن هذه التدخلات لاشك أنها تعطل دور الحكومة، بل وتجعلها حكومة تابعة موجهة ضد الشرعية وليس معها.
واستطرد بالقول: "هناك دول تسعى إلى التخلص من الشرعية نهائيا، وإفساح المجال أمام الفوضى لكي يتسنى لها البقاء في اليمن فترة أطول".
وكان مستشار الرئيس اليمني، ابن دغر، قد كشف الخميس، عن تدخلات من بعض السفراء في تشكيل الحكومة المنبثقة عن اتفاق الرياض وآلية تسريعه، محذرا من مرحلة صعبة تعيشها الشرعية في البلاد.
ويوم الاثنين الماضي، كشف مصدر مسؤول في الرئاسة اليمنية لـ"عربي21"، أن إعلان الحكومة اليمنية الجديدة سيكون بعد إنجاز الملفين الأمني والعسكري.