وثقت انتهاكات جسيمة ضد السكان... منظمة سام تدعو إلى وقف الهجمات العشوائية ضد قرية الزوب بمحافظة البيضاء
قالت منظمة سام للحقوق والحريات في بيان لها اليوم الثلاثاء 14 سبتمبر 2020، إن جماعة الحوثي تمارس جرائم حرب ضد المدنيين في منطقة الزوب التابعه لمحافظة البيضاء، بإستخدامها مختلف القذائف والأسلحة الثقيلة بما فيها راجمات الصواريخ والدبابات والمدفعية الثقيلة العشوائية على منازل المدنيين الآهلة بالسكان في القرية، مما تسبب في قتل وجرح عدد كبير منهم، بينهم أطفال ونساء ، وأُجبر أخرون على ترك منازلهم تحت ضغط هذا القصف.
وأكدت المنظمة أنها رصدت مئات الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها جماعة الحوثي والقوات المتحالفة معها ضد المدنيين في قرية الزوب منطقة قيفة خلال السنوات الماضية تنوع بين القتل والاعتقالات التعسفية والاختطافات وتفجير واستهداف المنازل وإحراق وتدمير آبار لمياه الشرب ومرافق صحية وتعليمية ومحطة وقود واستهداف دور العبادة وإتلاف ونهب ممتلكات خاصة وعامة ونزوح مئات الأسر وتعطيل تام للحياة .
وقالت المنظمة أنها رصدت مقتل أكثر من (40) مدنياً بينهم نساء وأطفال، وإصابة ما لا يقل عن (60) بينهم نساء وأطفال، لا يزال بعضهم يعاني من الإصابة نظراً لعدم توفر الرعاية الصحية الكاملة، واعتقال أكثر من (150) مدنياً منها (48) حالة لعمال وافدين يعملون في مزارع القات. بالقرية بينهم أفارقه.
كما أضافت أن جماعة الحوثي فجرت (8) منازل بشكل كلي (2) منها أثناء حملتها العسكرية الأخيرة في الأيام الماضية، وأحرقت (22) منزلاً، فيما تسببت القذائف التي تُطلقها بشكل مستمر إلى تدمير جزئي لـ (200) منزل وتضرر عشرات المنازل الآخرى بأضرار متفاوتة جراء الاستهداف المتعمد بالقذائف المختلفة، كما شمل الاستهداف (3) منشأت تعليمية، واحدة منها دُمرت بصورة كلية ما أدى الى حرمان أكثر من (600) طالب وطالبة من حقهم في التعليم.
المنظمة أشارت في بيانها إلى أن استمرار هذا القصف فاقم من الوضع الانساني في القرية ودفع أكثر من (450) أسرة خلال الحروب السابقة الى النزوح إلى القرى المجاورة منها قرى العجمة والنظيم وبقرات، فيما نزح البعض الأخر نحو مدينة رداع هرباً من جحيم الحصار والقصف، ووثقت المنظمة إجهاض امرأتين من النساء الحوامل جراء استهداف منازلهن بصواريخ الكاتيوشا وقذائف المدفعية والدبابات وحالة وفاة لجنين في إحدى نقاط التفتيش، بعد منع عناصر الجماعة أحد المدنيين من إسعاف زوجته الحامل والتي كانت على وشك الولادة قبل عدة أيام.
قال توفيق الحميدي رئيس منظمة سام: "تعمد جماعة الحوثي على اجتثاث كل مقومات الحياة والبقاء، انتقاماً من المدنيين وعقاباً لهم، حيث وثقت المنظمة تدمير(7) آبار لمياه الشرب، وإحراق محطة للوقود وقاطرة نفط، ونهب (11) منزلاً بشكل كامل و(3) محلات تجارية وتضرر (6) سيارات، ونهب (37) سيارة وناقلة، واحتلال ونهب أحد المستشفيات الخاصة، واستهداف شبكات الاتصالات الأرضية وخطوط الكهرباء وخزانات مياة الشرب في أسطح المنازل، وإتلاف مزارع القات ونهبها وتعطيل العمل فيها، بعضها لا يزال تالفاً حتى اليوم وتقدر خسائرها بمئات الملايين، جميعها لأهالي قرية الزوب.
*نماذج من الإنتهاكات*
يروي التاجر علي عباد الزوبة أحد أبناء القبيلة لسام ما تعرضوا له من جرائم وانتهاكات دفعتهم إلى أن يهجروا القرية بعد أن جُرِدوا من جميع أملاكهم في الحروب السابقة، ويقول أن مليشيا الحوثي والمخلوع فجروا خمسة منازل تابعة له ولإخوانه، منزل علي عباد عبدالله الزوبة، منزلين لأحمد عباد عبدالله الزوبة، منزل محمد عباد عبدالله الزوبة، ومنزل مقبل عباد عبدالله الزوبة، في ديسمبر من العام 2015 بعدما نهبوا كل ما فيها بتواطؤ وتعاون مشائخ وأعيان وشخصيات حزبية من قيفة – رداع "سماهم بعينهم". كما أحرقوا محطة الوقود التابعة له في المنطقة وأحرقوا ناقلتي نفط، و بئري مياه شرب، كما أتلفوا مزارع قات خاصة بهم تقدر قيمتها بمئات الملايين، ونهبوا سيارة نوع شاص موديل 2011، واحتلوا المستشفى الوحيد في قيفة التابع له، ونهبوا كل ما فيه من معدات طبية وتقدر بما قيمته أكثر من 30 مليون ريال يمني في ذلك الوقت، كما نهبوا كل الأدوية في صيدلية المستشفى وتقدر قيمتها بأكثر من 10 مليون ريال يمني.
*مشاهد مؤلمة*
في مشهد مؤلم يقول أحد الشهود لسام "الذي أخفينا اسمه لأجل سلامته": "في 9 مارس من العام 2016 وخلال الحرب الثالثة، أصيب الطفل دحان محمد الدعور الزوبة، 11 عاماً برصاص قناص من المليشيات أثناء ما كان يلعب أمام منزلهم بالقرية. لم يستطع أحد منا إسعافه بسبب القنص وبسبب حصار الحوثيين للقرية وعدم وجود حتى الإسعافات الأولية، وظل ينزف لساعات حتى مات بين أحضان أمه، وأضاف شهود العيان أن الأم كانت تحتضن طفلها المصاب وهي تبكي وتصرخ في حين كان الطفل يواسي أمه قائلاً: (لا تبكي أنا شهيد يا أمي)".
وفي عصر اليوم الثاني 10 مارس 2016، قُتل الحاج عباد محمد علي الزوبة، 75 عاماً، أمام منزله، على أطراف القرية، بعد أن رفض السماح للمليشيا الحوثية وقوات الرئيس المخلوع صالح بالتمركز داخل منزله لقتال أبناء القبيلة، وحينما حاولت المليشيا إقتحام منزله بالقوة تصدى لهم رغم كِبر سنه، فقامت المليشيا بقصف المنزل بالدبابة وأطلقت عليه الرصاص من الأسلحة الرشاشة حتى أردته قتيلاً أمام منزله وأسرته تنظر إليه.
وخلال الحرب الأخيرة بداية شهر سبتمبر الحالي من العام 2020، أصيب المواطن علي صالح القفيلي البالغ من العمر حوالي 50 عاماً بطلقة قناص اخترقت نافذة المنزل وأصابته في ظهره ولم تسمح المليشيات لأحد بإسعافه على الرغم من أنه ليس من أبناء قرية الزوب وإنما انتقل إلى القرية قبل سنوات طويلة من قرية المناسح، على خلفية قضية ثأر قبلي، ولا علاقة له بالحرب الدائرة في قبيلة الزوب؛ وظل ينزف أمام زوجته وبناته من صلاة العصر حتى فارق الحياة وقت المغرب.
في العام 2018 تعرضت زوجة المواطن "محمد ناجي الحبيشي" الذي انتقل مع أسرته من محافظة إب للعمل في مزارع القات، بطلقة قناص جوار المنزل الذي يسكنوه قرب المزرعة التي يعمل بها، وحينما هُرع زوجها لإسعافها أطلق عليه قناص حوثي رصاصة أردته قتيلاً على الفور، وظلت جثته مرمية بجوار زوجته المصابة، التي كانت تنزف بجواره، بينما أطفالهم يبكون حولهم لأكثر من ثلاث ساعات في مشهد إنساني مؤلم دون أن يتمكن أحد من الوصول إليهم لإسعافهم، حتى تدخلت وساطة قبلية وقامت بإخراجهم، لتصاب الزوجه بعد ذلك بشلل كامل جراء الإصابة.
قالت المنظمة إن مقاتلي الحوثي مسؤولون عن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني في قرية الزوب، من خلال شن هجمات عشوائية أدت إلى مقتل أو إصابة المدنيين، ودمير العشرات من المنازل وأجبرت المئات من الأسر على النزوح، وهي أعمال قد تؤدي إلى مسؤولية جنائية فردية عن جرائم حرب.
وأكد البيان أن الهجمات العشوائية هي تلك التي لا تفرق بين الأهداف العسكرية وكذلك المدنيين أو الأهداف المدنية، ولم تتوخى الحذر الدائم لتجنيب السكان المدنيين والأعيان المدنية، مما أدى إلى وفاة أو إصابة المدنيين، إضافة إلى أن هذه القذائف يرافقها توقع كبير في تسببها في خسائر أو إصابات أو أضرار عرضية مفرطة في المدنيين.
وطالبت "سام" كافة الأطراف المتحاربة في اليمن والمجتمع الدولي بضرورة تنفيذ الإتفاقيات والمعاهدات الدولية والإنسانية الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب، لا سيما الأطفال والنساء منهم، وتحمل المسؤولية الإنسانية والقانونية تجاه المدنيين، والعمل الجاد على وقف الحرب واستهداف المدنيين.