الأحد 2024/09/22 الساعة 02:11 AM

خبير في الأحياء البحرية: التنوع البيولوجي الفريد في البحر الأحمر مهدد بسبب خزان "صافر" النفطي

الإثنين, 07 سبتمبر, 2020 - 05:35 مساءً
خبير في الأحياء البحرية: التنوع البيولوجي الفريد في البحر الأحمر مهدد بسبب خزان "صافر" النفطي
المهرة خبور -  شينخوا

قال خبير وأكاديمي في الأحياء البحرية إن أي تسرب للنفط أو انفجار في خزان "صافر" العائم، سيوقف موانئ الحديدة ويدمر التنوع البيولوجي الفريد في البحر الأحمر، ويؤثر على حركة الملاحة الدولية في باب المندب.

وأضاف الدكتور عبد السلام الكوري، أستاذ الأحياء البحرية المشارك في جامعة الحديدة، في مقابلة مع وكالة "شينخوا" الصينية، إن المخاوف من انفجار "خزان صافر النفطي" حقيقية، فالناقلة تحتاج إلى صيانة دورية لكنها بقيت قرابة خمس سنوات بدون صيانة.

ويقع خزان صافر في منطقة "رأس عيسى" قبالة محافظة الحديدة في البحر الأحمر غربي اليمن، وهو عبارة عن باخرة عائمة تستخدم لتفريغ النفط الخام القادم من حقول صافر النفطية في محافظة مأرب الواقعة على بعد (170 كلم شرق صنعاء).

وتوقفت عملية ضخ وتفريغ النفط من وإلى الخزان مع بداية الحرب في اليمن في أواخر 2014، إذ يحتوي في الوقت الحالي على نحو مليون و278 ألف برميل من النفط الخام.

وأوضح الكوري أن "محافظة الحديدة تتميز بطقس حار ومعدل رطوبة مرتفع وملوحة عالية في البحر الأحمر"، مشيرا إلى أن "كل هذه العوامل تجعل هيكل السفينة أكثر عرضة للتآكل، وتزيد من خطر تصدعها وتسرب النفط الخام".

ومنذ عام 2015 أوقف الحوثيون عملية الصيانة الدورية للسفينة، ما تسبب بتآكل جسم الخزان.

وقد سُجلت حالتا تسرب مياه من جسم الخزان، إحداها في يونيو الماضي والثانية في نهاية أغسطس المنصرم، وتمكنت فرق هندسية محلية من وضع حلول ترقيعية مؤقتة.

وحذر الخبير من أنه في حال حدوث تسرب سيتوقف ميناء الحديدة، أكبر ميناء والشريان الرئيسي للإمدادات الأساسية في اليمن، وميناء الصليف لفترة عن العمل بسبب قربهما من موقع الناقلة.

وتابع " كذلك بسبب قرب مضيق باب المندب من مكان رسو الناقلة ستطال أيضا الآثار حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر ..كما ستطال آثار التلوث النفطي قطاع الصيد في اليمن".

وأشار إلى أن أكثر "من 100 ألف صياد يمني سيتوقفون عن العمل.. ما يعني أن قرابة 100 ألف أسرة ستتأثر بشكل مباشر وستفقد مصدر عيشها الوحيد".

ونظرا لاحتواء خزان صافر على كمية كبيرة من النفط الخام، رأى الكوري أن تأثير هذه الكمية في حال حدوث تسرب سيطال كل الدول المشاطئة للبحر الأحمر، ولكن ستختلف درجة التأثير بحسب قرب الدولة من الناقلة واتجاه وقوة الرياح والتيارات المائية.

وأردف قائلا "هناك تيارات سطحية تأتي من خليج عدن وتمر عبر باب المندب إلى أقصى شمال البحر الأحمر والعكس، هذه التيارات ستساهم في نقل الملوثات النفطية (..) وفي زيادة انتشار البقع النفطية والملوثات الأخرى، التي قد تتسرب من الناقلة".

ولفت الخبير إلى أن "البحر الأحمر شبه مغلق، وعملية التنظيف الطبيعية للبحر في حال التسرب ستستمر لفترة أطول مقارنة بالمحيطات والبحار المفتوحة".

وعن التنوع البيولوجي في البحر الأحمر، قال الأكاديمي بجامعة الحديدة، إن البحر الأحمر يتميز بتنوع بيولوجي فريد كونه يحتوي على موائل طبيعية تعتبر أهم مناطق الحضانة والتكاثر لمختلف الأحياء البحرية، ومنها غابات المانجروف والشعاب المرجانية والحشائش البحرية.

وتابع: هذه الموائل تعتبر بيئات حساسة جدا وتعرضها لأي تلوث سيدمرها تماما، وبالتالي قتل كل الأحياء البحرية، محذرا من أن أغلب هذه الموائل الطبيعية تتواجد في المناطق القريبة من الناقلة.

وقال الكوري إن "كل الجزر اليمنية في البحر الأحمر ستتأثر، وبفعل الرياح والأمواج والمد والجزر ستصل بقع النفط إلى حواف الجزر".

وأضاف "ستكون جزيرة كمران، الأجمل في البحر الأحمر ذات التنوع الحيوي الكبير والفريد، هي الأكثر تأثرا بسبب قرب موقع الناقلة من الجزيرة".

وتزدهر سواحل هذه الجزيرة بغابات المانجروف، التي تعتبر مناطق حضانة وتكاثر لآلاف الأنواع من الأحياء البحرية، ويتركز في جزيرة كمران والصليف أغلب إنتاج اليمن من الجمبري، بحسب الكوري.

وما يضاعف المشكلة أن بيئات المانجروف أكثر الموائل الساحلية حساسية لتأثيرات تسرب النفط.. فهي بطيئة النمو وصعبة التنظيف كونها بيئات منخفضة الطاقة، حيث تقل فيها حركة المد والجزر بشكل كبير، وبالتالي يمكن أن يستمر فيها النفط المتسرب لسنوات، على حد وصف الخبير اليمني.

كما تعتبر الشعاب المرجانية، وهي مناطق مأوى وحضانة لآلاف الأنواع من الأحياء البحرية، من البيئات البحرية الحساسة جدا، والتي لا تعيش إلا في ظروف بيئية مناسبة.

وذكر الكوري أنه في حال حدوث أي تسرب نفطي فإن النظام البيئي للشعاب المرجانية سيعاني بأكمله من هذا التلوث، وسيؤثر على كل أنواع الحياة في هذه البيئات من الأسماك والفقاريات واللافقاريات البحرية الأخرى، ولن تعود الحياة إليها إلا بعد أن يتعافى النظام البيئي.

وأكد أن تعافي الشعاب المرجانية، التي تتعرض للدمار يحتاج من 9 إلى 12 عاما وأكثر في حال أصبحت الظروف طبيعية ومناسبة جدا.

وحذر الخبير من "هجرة أحياء بحرية فريدة" من البحر الأحمر في حال حدوث أي تسرب نفطي، مشيرا إلى أن البحر الأحمر يضم خمسة أنواع من السلاحف من أصل سبعة أنواع على مستوى العالم وكذلك أنواع من الأسماك والدلافين.

كما حذر من تأثير أي تلوث نفطي محتمل "على كل الأحياء في السلسلة الغذائية، حيث ستستمر التأثيرات وعلى المدى البعيد بسبب تراكم السموم الناتجة من المواد النفطية ومن المواد الكيميائية الأخرى، التي قد توجد في الناقلة في أنسجة الكائنات الحية وانتقالها عبر السلسلة الغذائية من كائن إلى آخر".

وأكد أن "الفاتورة الاقتصادية للتسرب ستكون باهظة جدا، وسيحتاج اليمن لسنوات إن لم يكن لعقود حتى يتمكن من معالجة آثار هذه الكارثة.. بطريقة أخرى ستكون الحاجة لسنوات تعادل تلك التي يحتاجها النظام البيئي للتعافي".

وقال الخبير للوكالة الصينية، إن معالجة وضع "خزان صافر" تكمن في عملية تفريغ النفط وجميع المواد الكيميائية الأخرى، ومن ثم نقله إلى مكان آمن لصيانته.

ومنتصف يوليو الماضي، استبقت مليشيا الحوثيين، جلسة خاصة لمجلس الأمن بشأن سفينة صافر، بإعلان موافقتها على منح مفتشين أممين الضوء الأخضر لتفقد الناقلة وتقييم وضعها، قبل أن تتراجع لاحقاًـ وتطالب على لسان عضو ما يعرف بالمجلس السياسي محمد الحوثي "بتدخل طرف دولي ثالث لحل الأزمة".

وتتهم الحكومة اليمنية مليشيا الحوثيين باستخدام السفينة كورقة ضغط وابتزاز وسلاح، دون أي اعتبار للمخاطر المترتبة على تأخر تقييم وتحييد خطر تسرب النفط.

وتقول الأمم المتحدة إن الحوثيين رفضوا طوال السنوات الماضية السماح لفريق الأمم المتحدة بصيانة السفينة واتخاذ تدابير للحيلولة دون حدوث أكبر كارثة بيئية للحياة البحرية في البحر الاحمر.

وكان الحوثيون اتهموا الأمم المتحدة في اغسطس الماضي، بالمماطلة في صيانة السفينة، والفصل بين عملية التقييم والصيانة، فيما قال المتحدث باسم الأمين العام، أن الأمم المتحدة تدرس مجموعة من الطلبات التي ارسلها الحوثيون مع تصاريح مشروطة لعدد من خبراء الأمم المتحدة.


اقراء ايضاً