"الحكم الذاتي" في جنوب اليمن.. ماذا وراء الإعلان المفاجئ؟
أعلنت عدد من المحافظات اليمنية الجنوبية رفضها القاطع لبيان المجلس الانتقالي، الذي أعلن فيه حالة الطوارئ والحكم الذاتي للجنوب.
ووصفت الحكومة الشرعية هذا التطور بالانقلاب، في حين قال التحالف السعودي الإماراتي إنه أمر مستغرب، داعيا إلى تنفيذ اتفاق الرياض، وتحدثت الإمارات عن معارضتها إعلان المجلس الانتقالي الذي تتواجد قياداته في أبو ظبي، وتمده بالدعم المالي والعسكري.
ولم يمض الكثير من الوقت على بيان المجلس الانتقالي حتى أعلنت السلطات الرسمية لأبرز المدن الجنوبية (حضرموت وشبوة والمهرة وسقطرى وأبين) رفضها تلك الخطوة، التي وصفتها بالانقلاب، وأكدت في بيانات رسمية منفصلة تمسكها بالحكومة الشرعية.
وبينما شرعت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في محاولاتها السيطرة على البنك المركزي في عدن التي يتحكم فيها أمنيا، إضافة إلى محافظة الضالع، بدت الصورة مختلفة تماما في بقية المدن الجنوبية الأخرى، التي فشل الانتقالي في فرض سطوته عليها أو السيطرة على المقرات الحكومية فيها.
وقال مدير ميناء محافظة سقطرى رياض السقطري إن إعلان الانتقالي يعد باطلا شرعا وقانونا ولا قيمة له، معتبرا أن السلطات المحلية في محافظة سقطرى تعبر بوضوح عن موقفها الرافض لذلك الأمر.
وأكد السقطري في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت أن الحكومة الشرعية لا تزال تسيطر على الميناء وبقية مؤسسات الدولة في المحافظة، والأمور تجري كعادتها، مضيفا أن التحالف بقيادة السعودية قام مساء أمس بتسيير أكثر من 15 مدرعة عسكرية صوب ميناء الجزيرة لتأمينه.
وأفاد بأنهم يعملون تحت لواء الحكومة الشرعية، ولا يعترفون بغير سلطة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وأنه لا يمكن أن تحل المليشيا مكان الدولة.
- رفض كلي
بدوره، قال مسؤول التواصل الخارجي لاعتصام أبناء محافظة المهرة أحمد بلحاف إنهم يرفضون كليا بيان المجلس الانتقالي، إلى جانب الأحزاب السياسية والسلطات المحلية بالمحافظة.
وأضاف للجزيرة نت أن موقف الأحزاب منطقي لأن المجلس الانتقالي غير مخول باتخاذ قرارات تتعلق بالمحافظات الجنوبية، خاصة بعد أن بات معروفا بأنه يعمل لمصالح الإمارات، على حد تعبيره.
وأكد بلحاف أنهم في المحافظة يؤمنون جيدا بعدالة القضية الجنوبية وحلها سياسيا، وما يفترض أن يتشكل قرار المجلس الانتقالي من الداخل وفق أطر وآليات تحافظ على البيت اليمني الواحد وليس من خلال تنفيذ أجندة خارجية.
من جهته، قال محافظ شبوة محمد صالح بن عديو إن سلطاته وكافة القوى الأمنية والشعبية والسياسية بالمدينة تقف في الصف الوطني، الذي يقوده الرئيس اليمني الشرعي وترفض الانقلاب والتمرد عليه.
- مناورات للاستهلاك
وعن مصداقية التحالف في الموقف الذي أعلنه، وكذلك تصريحات وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش، التي عبر فيها عن معارضة بلاده إعلان المجلس الانتقالي؛ قال المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي إن كلا منهما لا يتمتعان بالجدية السياسية الكافية.
وأضاف التميمي للجزيرة نت أن مثل هذه المواقف الاستهلاكية تأتي في إطار المناورة السياسية للتحالف، وتحديدا الإمارات، التي تحاول إظهار انسجام موقفها مع الرياض، وكذلك البيان الذي يفترض أنه صدر عن التحالف الذي لا تزال الإمارات حتى الآن جزءا منه.
وحسب المتحدث، فكان بإمكان الإمارات أن تمنع المجلس الانتقالي من الإقدام على تلك الخطوة، خاصة أن رئيسه عيدروس الزبيدي ونائبه هاني بن بريك يتواجدان في أبو ظبي.
كما كان بإمكان السعودية أن تضغط باتجاه تنفيذ اتفاق الرياض، وتعمل على تجريد الانتقالي من القوة العسكرية التي يستند إليها في الإقدام على خطوات تصعيدية وخطيرة من ذلك النوع، وفقا للتميمي.
وتابع المحلل السياسي "في تقديري، إن الأمر برمته يأتي ضمن مخطط متفق عليه بين الرياض وأبو ظبي، وهدفه خلق واقع سياسي جديد ومقبول لكونه لا يزال تحت مظلة الدولة اليمنية التي تتحكم الرياض في رأسها بشكل كامل، وتتحكم في قرارات سلطتها وحكومتها، وهذا يتيح تحقيق هدف تفكيك الدولة اليمنية بإمضاء قيادتها وبضعفها وخوارها وردودها المتضعضعة.
وحسب محللين سياسيين تحدثت إليهم الجزيرة نت، فإن تصعيد المجلس الانتقالي قد يدفع بصراع النفوذ والمصالح بين السعودية والإمارات إلى العلن هذه المرة، كما أنه قد يعري المجلس الانتقالي أمام ما تبقى لديه من شعبية جماهيرية ضيقة، عندما يعجز عن توفير الخدمات والإيفاء بالالتزامات للمواطنين في عدن، وهي نفسها الأسباب التي اتخذها مبررا لتمرده على الحكومة.