صراع أجنحة واستقالات بالحكومة اليمنية.. أي مستقبل للشرعية؟
تحوم مؤخرا أسئلة كثيرة في أذهان اليمنيين إزاء مستقبل الحكومة الشرعية بعد استقالة ثلاثة من وزرائها احتجاجا على ما وصفوه بممارسات رئيس الحكومة معين عبد الملك واختلال أدائها.
ولم يكن إعلان استقالة وزراء النقل والتأمينات والبيئة صادما بقدر ما جاء ليكشف عن خروج ما سمي بصراع الأجنحة في أروقة الشرعية إلى العلن هذه المرة، ليعبر حسب مراقبين عن ولاءات تلك الأجنحة للجهات التي تعمل في إطارها سواء تلك التي تستمد نفوذها من الرئاسة اليمنية أو التي تعمل وفقا لأجندات غير وطنية ضد جناح ثالث في الشرعية وجد نفسه على خلاف مع الجانبين.
وفي حديث خاص مع الجزيرة نت، قال وزير النقل اليمني صالح الجبواني -هو أول الوزراء الذين أعلنوا استقالتهم- أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي غير راض عما يقوم به رئيس الحكومة، لكنه أصبح محاصرا بين أفعال الانقلابيين في صنعاء وعدن وبين حاجته للتحالف والضغوط التي تمارس عليه من قبل هذا التحالف في الآن ذاته.
وأضاف الجبواني للجزيرة نت "إيقافي من قبل رئيس الحكومة يعتبر إضعافا للشرعية وللرئيس، لأننا كنا نقاتل داخل الشرعية كي لا تسقط نهائيا وتصبح أداة لتشريع التفتيت والتقسيم والبيع للأراضي اليمنية".
وأفاد بأنه عندما تتخلى الشرعية عن قواها الصلبة ستتحول إلى "غطاء شرعي" لأفعال التحالف في اليمن الذي ذهب باتجاه غيّر الأهداف المعلنة وسيكون التقسيم والتفتيت هو سمة المرحلة المقبلة برعاية التحالف وبمشاركة الشرعية التي أصبحت مطواعة رغما عنها في يد التحالف.
وحسب المتحدث، فإن الشرعية مطالبة بتدارك أخطائها بتشكيل حكومة جديدة غير هذه الحكومة التي تحول أعضاؤها إلى أدوات بيد الإمارات والسعودية وأن تتشكل الحكومة الجديدة من شخصيات وطنية صلبة قادرة على رسم إستراتيجية مشتركة مع التحالف يعرف كل طرف فيها واجباته وحدود تحركه.
وحسب مسؤول حكومي طلب عدم ذكر اسمه، فإن أسباب الصراع داخل أجنحة الشرعية تعود لخلافات خفية بدأت منذ أشهر طويلة بين رئيس الحكومة وعدد من الوزراء، في مقدمتهم وزير النقل صالح الجبواني الذي باتت انتقاداته أيضا تشكل مصدر إزعاج للسعودية والإمارات.
- أجنحة متعددة
وعن خروج صراع الأجنحة داخل الحكومة الشرعية إلى العلن، يقول رئيس مركز "يمنيون" للدراسات الدكتور فيصل علي إنه يعود إلى طبيعة الصراع الدائر باليمن والضغوط التي يمارسها ممولو الحرب على منفذي أجندتهم داخل الحكومة، حتى أصبحت النخبة السياسية موزعة كما هي حال النخب الإعلامية والثقافية.
وحسب علي فقد أصبح لكل جناح في الحكومة اليوم توجه مختلف، وجميعها تضع القضية اليمنية في مأزق كبير، إذ بات هناك جناح يعمل لصالح السعودية يقوده رئيس الوزراء معين عبد الملك، وجناح آخر موال للإمارات يقوده وزير الاتصالات لطفي باشريف، كما بات بعض المسؤولين الذين ينتقدون سياسات التحالف السعودي الإماراتي ويمثلون الخيارات الوطنية مثل وزير النقل صالح الجبواني ووزير الداخلية أحمد الميسري يصنفون ضمن جناح ثالث.
في المقابل، يرى الدكتور في العلاقات الدولية عادل المسني أن استقالات الوزراء المعلنة وما سبقها من صراع، مثلت انعكاسا واقعيا لإملاءات اللاعبين الإقليميين في الشأن اليمني، كما عبرت عن الدور الذي يجسده رئيس الوزراء والإيحاء بأنه هو من وجه بإيقاف وزير النقل صالح الجبواني المناهض للتحالف السعودي الإماراتي من تلقاء نفسه ولكن الأمر يبدو عكس ذلك.
ويضيف المسني أن رئيس الوزراء فاقد الصلاحية وليست لديه القدرة والإمكانات لممارسة أي دور، فالرجل يترأس حكومة دون مكاتب أو برامج وهي حكومة تصريف أعمال كما يسمونها، كما أن اختياره كان بدعم سعودي إماراتي بهدف تأسيس مرحلة جديدة بعد المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا.
ويرى المتحدث أن الإطاحة بالوزراء الذين يعارضون السعودية والإمارات تحديدا يعد انقلابا على ما تبقى من دور للشرعية ويستهدف تقليم أظافر الرئيس اليمني وتسليم الدور بالكامل للسعودية، والتي كان الأولى بها -حسب قوله- أن تتوجه للإطاحة بزعماء المجلس الانتقالي الجنوبي الرافض لاتفاق الرياض وليس الذهاب للعكس من ذلك.