كورونا يقطّع أكثر أوصال اليمن
[ كورونا يقطّع أكثر أوصال اليمن ]
كأنّما الحرب الدائرة في اليمن منذ خمسة أعوام ليست كافية لتقطيع أوصال البلاد، فيأتي فيروس كورونا الجديد ليفاقم هذه الحال وإن لم تسجَّل حتى الساعة أيّ إصابات به. وتتّخذ السلطات المعنية في عدن كما في صنعاء إجراءات مشدّدة في هذا السياق، في محاولة لاحتواء أيّ ظهور وانتشار محتملَين.
وفي المنطقة الخاضعة للحوثيين، تحديداً في مديرية رداع التابعة لمحافظة البيضاء الواقعة إلى جنوب شرق صنعاء، ثمّة ثلاثة آلاف يمني يخضعون لحجر صحي منذ ستّة أيام في منشآت تعليمية. فالسلطات في صنعاء كانت قد أقرّت، قبل أكثر من أسبوع وقف التنقل عبر المنافذ الداخلية لمدّة أسبوعَين.
يقول مصدر حقوقي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الموجودين اليوم في كلية التربية في رداع، هم من سكان صنعاء، وكانوا في المملكة العربية السعودية لأداء العمرة، أو في مصر والأدرن في رحلات علاجية، وثمّة مئات من النساء والأطفال بينهم". ويشير المصدر نفسه إلى أنّ "أماكن الحجز التي يعتمدها الحوثيون مهدّدة بتفشي أمراض عدّة غير العدوى بكورونا، لافتقارها إلى أبسط الخدمات الصحية أو وسائل العزل، فيما تنعدم خدمات النظافة".
من جهته، يقول منصور التام وهو مسافر في حجر صحي في البيضاء، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العشرات نُقلوا إلى مستشفى رداع بطريقة تعسفية ويتمّ التعامل معهم على أنّهم حالات مؤكدة إصابتها بالفيروس، على الرغم من السماح لهم بالاختلاط خصوصاً عند توزيع وجبات الغذاء". لكنّه يلفت إلى أنّ "ثمّة أشخاصاً تمكّنوا من العبور إلى صنعاء من دون الخضوع إلى أيّ كشف والتأكد من سلامتهم، وذلك في مقابل مبالغ مالية".
وفي هذا السياق، انتقد عشرات اليمنيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، القائمين على مراكز العزل الحوثية وقد شبّهوهم بـ"السماسرة"، لا سيّما أنّ ثمّة مسافرين عائدين من السعودية دفعوا مبالغ تصل إلى 400 ريال سعودي (نحو 105 دولارات أميركية) فسُمح لهم بالمرور عبر طرقات تهريب جبلية انطلاقاً من منطقة عفار في البيضاء.
تجدر الإشارة إلى أنّ مسؤولين حوثيين كانوا قد ندّدوا بمضاعفة الخطوط الجوية اليمنية رحلاتها قبل دخول قرار تعليق الرحلات الجوية حيّز التنفيذ، فجر الأربعاء الماضي، محمّلين الحكومة الشرعية والسعودية مسؤولية وصول حالات محتملة إصابتها بفيروس كورونا إلى مناطق سيطرتهم. ومن أجل ذلك مُنع دخول إلى مناطق سيطرتهم. يُذكر أنّ مطار سيئون ومنفذ الوديعة في محافظة حضرموت يُعدّان المعبرَين الجوي والبري الأكثر أهمية واللذَين يصل عبرهما الوافدون من الخارج، ويضطر التالي أبناء المحافظات الشمالية إلى التنقّل عبر محافظتَي مأرب والبيضاء قبل الوصول إلى صنعاء.
وكانت وزارة الصحة الحوثية قد أعلنت، في بيان صحافي، أنّ المحتجزين في مراكز رداع سوف يتمّمون مدّة العزل التي تُحدَّد بـ 14 يوماً قبل السماح لهم بالمغادرة، لافتة إلى أنّ تخصيص مستشفى رداع ومستشفى الثورة العام في البيضاء من أجل عزل المصابين والوافدين من الخارج.
ولا تقتصر هذه الإجراءات على الوافدين في رداع - البيضاء فحسب، ففي محافظة تعز تقوم السلطات الأمنية الحوثية بمنع اليمنيين المتوجهين إلى مناطق سيطرتهم عبر منفذ الأقروض للأسبوع الثاني على التوالي، فيما يُسمح للراغبين في العودة إلى المناطق الخاضعة للشرعية بالعبور.
وقد قوبلت الإجراءات الحوثية بتنديد من قبل الحكومة الشرعية التي أشارت إلى أنّ مئات المسافرين يعانون نتيجة بقائهم في العراء من دون مأوى، في حين لا يُفصل بين الأطفال والمسنين والنساء، مع غياب أبسط المستلزمات الضرورية للحياة. ورأت أنّ الحالة التي وُضع فيها هؤلاء المسافرون تمثّل خطراً على حياتهم.
من جهتها، أعلنت الحكومة اليمنية الشرعية، مساء السبت، تعليق إقامة صلاة الجمعة والجماعة بالمساجد وحلقات الدروس حتى إشعار آخر، وذلك كإجراء احترازي لمواجهة فيروس كورونا المستجد، ولم تسجل السلطات اليمنية، ومنظمة الصحة العالمية، حتى الآن، أي إصابات مؤكدة بفيروس كورونا، رغم فحص عدد من حالات الاشتباه في صنعاء وتعز وعدن.
وقالت وزارة الأوقاف اليمنية، إنها أقرت أيضاً، إيقاف جميع حلقات التحفيظ، ومدارس ودور تحفيظ القرآن الكريم، ومنع إقامة أية محاضرات أو دروس أو حلقات علمية في المساجد أو خارج المساجد حفاظاً على المجتمع من تداعيات فيروس كورونا.
ودعت الوزارة، في بيان صحافي، المواطنين لأداء صلاة الجمعة والجماعة في بيوتهم، وقالت إن الشريعة الإسلامية تدعو للحفاظ على أرواح الناس ودفع أي خطر عنها بأي وسيلة، كما دعت الأوقاف اليمنية، إلى إتباع وسائل وإجراءات السلامة والبقاء في البيوت، والتقيد بتوجيهات الأطباء المختصين، وتعليمات وزارة الصحة العامة، ومنظمة الصحة العالمية لما فيه من مصلحة الجميع.
وسيكون القرار الجديد قابلاً للتطبيق في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، فيما لم تعلن وزارة الأوقاف الخاضعة للحوثيين أي إجراءات مماثلة حتى مساء السبت، وكانت الحكومة الشرعية قد اتخذت عدد من الإجراءات لمواجهة كورونا، وعلى رأسها وقف الرحلات من وإلى جميع المطارات اليمنية لمدة أسبوعين، وكذلك المنافذ البرية.