لجنة الإنقاذ الدولية: الحرب في اليمن وصلت إلى مفترق طرق
قالت لجنة الإنقاذ الدولية إن الحرب في اليمن وصلت إلى مفترق طرق للمرة الأولى منذ سنوات عدة، وأن على المجتمع الدولي، وخصوصاً أعضاء مجلس الأمن، الاستفادة من الوضع الجديد لإنهاء أكبر أزمة انسانية يشهدها العالم.
وحذرت اللجنة -في تقرير لها صادر اليوم الثلاثاء- من الفشل في استغلال الفرصة السانحة لإحلال السلام في اليمن حالياً، منبّهة من استمرار المجاعة في البلاد لعشرين عاماً أخرى.
وحذّر التقرير في الوقت ذاته من أن الفشل في إنهاء الحرب سيكلّف المانحين 29 مليار دولار من المساعدات الإنسانية، إن استمرت الحرب لخمس سنوات أخرى، وهو ما يتجاوز الميزانية المخصصة للمساعدات الإنسانية عالمياً.
وأشار رئيس لجنة الإنقاذ الدولية ووزير الخارجية البريطاني السابق، ديفيد ميليباند، إلى أن بريطانيا، التي تقود الجهود الدولية في اليمن، قد تضيع الفرصة الحالية بسبب الانقسام الداخلي حول "بريكست" والتبدلات العشوائية في سياستها بالشرق الأوسط.
وقال ميليباند "إن التقديرات الحالكة الحالية، ما هي إلا دليل على الثمن الباهظ في عصر غياب المحاسبة: عندما تجري الحروب في ظل تجاهل تام لحياة المدنيين، وتجاهل الدبلوماسيين المكلفين إنهاء العنف ومحاسبة منتهكي القانون الدولي"، مضيفاً أنّ "الأكثر من ذلك أن الحرب في اليمن قد طالت بفعل الدعم العسكري والدبلوماسي من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا والقوى الغربية، لكن الأخبار الجيدة تأتي من طرف الهيئات الإنسانية، والحكومات المانحة وعمال الإغاثة، الذين أسهموا في التقليل البسيط من مستويات سوء التغذية الفظيعة في اليمن".
وأردف: "إلا أن الأخبار السيئة، أنه في حال الاستمرار بالوضع الحالي، سنحتاج لعشرين عاماً أخرى للوصول إلى مستويات ما قبل الحرب فقط في ما يتعلق بتغذية الأطفال، وذلك ضعف المدة المتفق عليها لإنهاء سوء التغذية حول العالم".
ويشير التقرير إلى وجود فرصة نادرة للدفع نحو السلام في اليمن، في ظل التطورات الأخيرة، منوهاً بوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المعتقلين والدفع الأخير لمفاوضات السلام في القنوات الدبلوماسية الخلفية، إضافة إلى تطبيق بنود اتفاق استوكهولم المقررة في ديسمبر/ كانون الأول 2018، وإن كانت متأخرة.
ويرى التقرير أن اتفاق تقاسم السلطة الموقّع في نوفمبر/ تشرين الثاني بين الحكومة المعترف بها دولياً والمجلس الانتقالي الجنوبي، علامة أخرى على إمكانية تجاوز الانقسامات السياسية في الجنوب والدفع بمباحثات سلام أكثر شمولاً.
ويؤكد التقرير أن النجاح في هذه الجهود لا يزال غير مضمون، إذ إن على الأطراف المنخرطة في الحرب، سواء السعودية والإمارات، أو الحوثيون المدعومون إيرانياً، أن تختار التوجه نحو السلم. أما الدول الفاعلة دولياً، فأمامها خياران: إما الدعم الدبلوماسي الجاد للمفاوضات الأممية وجمع المكونات السياسية اليمنية كافة في مفاوضات السلام، أو مشاهدة اليمن غارقاً في الحاجة للمزيد من المساعدات الإنسانية، وغارقين معه مواطنوه، في دوامة من الاحتياجات الاغاثية.
ولفت التقرير إلى أنه على الرغم من تراجع أعداد الضربات الجوية والهدوء النسبي عام 2019، إلا أن المدنيين لا يزالون مستهدفين، في تجاهل تام للقانون الدولي، حيث دُمِّر 500 منزل في شهر يوليو/ تموز 2019 فقط.
ووجه التقرير الاتهام إلى أطراف الصراع جميعاً بتجويع اليمنيين، من خلال الضربات الجوية والألغام الأرضية المنتشرة في الأراضي الزراعية، مشيراً إلى أن هذه الأفعال انتهاكات للقانون الدولي، وبدلاً من محاسبة مرتكبيها، أصبحت واسعة الانتشار وتواجَه بعدم الاكتراث، بل إن مجموعة الخبراء البارزين، التي تُعد الآلية الوحيدة المخولة من الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في اليمن والتقرير عنها، لا تزال ممنوعة من دخوله بقرار من السعودية.
ودان التقرير التواطؤ البريطاني الأميركي، من خلال ثقة الدولتين في التحقيقات التي تقودها السعودية، وتلك التحقيقات تشوبها "عدم الاستقلالية، وعدم الحياد، وغياب الشفافية والتفاصيل".
ودعا التقرير بريطانيا إلى تكثيف جهودها الدبلوماسية لإحلال السلم في اليمن، التي شتتتها الأوضاع السياسية الداخلية في بريطانيا. وطالب الحكومة البريطانية بمنح الأولوية لليمن بعد الانتخابات العامة المقررة في 12 ديسمبر/ كانون الأول، وجعل إقرار السلم اليمني على رأس سياستها الشرق الأوسطية عام 2020. كذلك يرى في السياسات الأميركية المتقلبة في المنطقة، فرصة أمام بريطانيا لإعادة إثبات نفسها شريكاً يمكن الاعتماد عليه في اليمن ومستقبل الشرق الأوسط.