الثلاثاء 2024/04/30 الساعة 07:41 AM

قيادة جنونية لطقم سوداني..تركت الطفل "فائز" عالق بين الحياة والموت بعد بتر رجله اليسرى

الأحد, 24 نوفمبر, 2019 - 10:28 صباحاً
قيادة جنونية لطقم سوداني..تركت الطفل "فائز" عالق بين الحياة والموت بعد بتر رجله اليسرى

[ الطفل فائز علي ]

المهرة خبور -  متابعات

لم يكن يدور بخلد الطفل "فائز علي أحمد نعمان فارع" أن يكون مصيره بتلك النهاية المروعة التي أقعدته على سرير أحد المشافي مبتور "رجله اليسرى"  ولديه كسور عدة، بعد تعرضه لحادث مروري مروع نتيجة القيادة الجنونية لأحد الأطقم العسكرية التابعة للتحالف العربي بمدينة المخاء غرب تعز.

 

الطفل "فائز علي" ذو الخمسة عشر ربيعا، ترك مقعده الدراسي في مدرسة "عمر بن الخطاب" بقرية "هجامه" بعزلة "جبل خضراء" بمديرية حبيش شمال محافظة إب "وسط البلاد"، غادر مدرسته بعد أن أجبرته الظروف على تحمل مسؤولية أسرته الفقيرة، والتي تعيش وضع إقتصادي متردي، شأنها شأن غالبية الأسر اليمنية التي ترزح تحت وطأة الفقر والفاقة، بفعل الإنقلاب والحرب التي تشهدها البلاد منذ خمس سنوات.

 

اتجه الطفل "فائز علي أحمد" الأخ الأكبر لأشقائه وعائلهم الوحيد، اتجه صوب مدينة المخاء غرب محافظة تعز، للعمل في بيع "الآيسكريم" والكسب من خلال عائد المبيعات الذي لا يساوي شيئا مقابل الإحتياجات الأسرية لوالدته وشقيقاته في المنزل الكائن بقرية "هجامه" شمال محافظة إب، حيث ترك منزلهم وهو فارغ من تلك الإحتياجات ولا يوجد مع والده ما يسد رمق أسرتهم.

 

وأنت ترى سمات وملامح الطفل القروي القادم من إب المحافظة البعيدة عن الحرب، تجد العزيمة والإصرار والتحدي أبرز السمات التي يتسلح بها "فائز" لمقاومة متاعب الحياة اليومية في اليمن الغارق بالفساد والفوضى والدمار.

 

يعمل "فائز" منذ أشهر عدة في مدينة المخاء ويكسب قليلا من المال العائد من مبيعات "الآيسكريم" في مختلف شوارع المدينة، ليرسله مع نهاية كل شهر إلى أسرته المكونة من سبعة أشخاص "أربع بنات إحداهن مصابة بمرض "الصرع" وطفل صغير وأم وأب"، لشراء بعض إحتياجاتهم الأساسية، فهو يرى وجود بعض الأساسيات والمستلزمات الهامة من الدقيق والسكر والزيت، أفضل بكثير من عدمها وبقائهم عالة على المجتمع وفاعلي الخير.

 

طموح "فائز" كبير مع استمرارية عمله ونمو جسده، إذ يفكر بتوسيع عمله مع قادم السنوات، أو الإنتقال للعمل في مجالات أخرى يستطيع من خلالها توفير مبالغ أفضل لحياة أسعد يسعى إليها، غير أن ذلك الطموح والأحلام لم تصمد كثيرا مع القيادة الجنونية لأحد الجنود السودانيين المنخرطين في إطار التحالف العربي المساند للشرعية اليمينة.

 

تعرض الطفل "فايز علي احمد نعمان" ورفيق ثانٍ كان يعملان معا في بيع "الآيسكريم"، تعرضا مطلع أكتوبر الماضي لعملية "صدم" من طقم يقوده جندي سوداني في مدينة المخاء، فارق على إثرها رفيق "فائز" الحياة على الفور، فيما لاذ قائد الطقم وجنود آخرون كانوا على متنه، لاذوا بالفرار عقب الحادثة دون حسيب أو رقيب أو انسانيه حد قول عدد من شهود العيان بالمدينة.

 

أصيب الطفل "فائز علي" إصابات بالغة جدا وترك دمه ينزف في الأرض و"الآيسكريم" الذي كان يبيعه إختلط بدمه مسفوحا في شوارع المدينة التي تسيطر عليها قوات التحالف العربي.

 

بادر مواطنون ومسعفون محليون بالمدينة لإنقاذ روح الطفل "فائز" وإسعافه، عقب الحادثة وفرار الدورية التابعة للتحالف، ونقل إلى أحد المراكز الطبية التابعة لمنظمة "أطباء بلا حدود" في المدينة، غير أن جراح "فائز" كانت كبيرة وحالته الصحية حرجة للغاية، الأمر الذي استدعى نقله إلى أحد مستشفيات "أطباء بلا حدود" بجولة السفينة بمدينة عدن العاصمة المؤقتة للبلاد.

 

وصل الطفل "فائز" إلى المستشفى ومنه أدخل إلى أحد أسرة العناية المركزة، ومستوى الدم لديه قد تناقص بشكل غير مسبوق نتيجة النزيف المستمر، وتم إعطائه قرب دم لتعويضه الدم النازف والمسفوح في شوارع مدينة المخاء.

 

كان الطفل الغريب عن عدن في حالة غيبوبة وفقدان للوعي وفي ذات الوقت ليس لديه أقارب أو أشخاص من منطقتهم بمدينة المخاء يستطيعون إبلاغ والده بالحادث ليعمل شيئا ما في سبيل إنقاذ ولده ذو الخمسة عشر عاما.

 

أدخل الطفل إلى غرفة العمليات وهناك وجد طبيب العظام الذي كان يحاول جاهد إنقاذ رجله اليسرى، لكن محاولاته باءت بالفشل نتيجة الإصابة الكبيرة لرجل الطفل، واضطر لإجراء عملية بتر للرجل اليسرى بكاملها من منطقة رأس الفخذ وحتى نهايتها، فضلا عن إجراء عمليات أخرى لإصلاح كسور في اليد وكسر آخر في منطقة الحوض.

 

في الوقت الذي لا يزال الطفل "فائز" في غيبوبة وفقدان وعي، كان الجندي السوداني في حالة من فقدان الإنسانية تمارس هواياتها الجنونية في قيادة الدورية دون حسيب أو رقيب.

 

الشاب "مختار الشبيبي" أحد أبناء مديرية حبيش، حيث هو من أبناء المديرية التي ينتمي إليها الطفل، يطالب قيادة التحالف والحكومة اليمنية للتحقيق في الحادثة التي تؤكد إستهتار الجنود المنضوين في إطار التحالف العربي بأبناء اليمن والتعامل معهم بدونية يرافقها موت الضمير وانعدام الإحساس حد قوله.

 

وتابع الشاب الشبيبي قائلا: الطفل فائز خرج ليعول أسرته وكان يعمل بكل تفاني لمساعدة أسرته التي تعاني الفقر، لكن إستهتار الجندي السوداني وقيادته وضعت الطفل بحالة موت سريري وإعاقة دائمة، خصوصا وأن أسرته لا تستطيع تحمل تبعات الحادث المستقبلية.

 

ويختم الشبيبي بالقول: "فائز مستقبله يكاد أن يحكم عليه بالإنتهاء حيث أحلامه الكبيرة تحولت إلى سراب وصار عالة على أسرته التي تعاني تبعات الإنهيار الإقتصادي الذي تشهده البلاد".

*المصدر أونلاين


اقراء ايضاً