إب في زمن الانقلاب.. حوادث قتل يومية تسجَّل ضد مجهولين
[ موسى الدغمري قتيل في إب برصاص الفوضى الأمنية ]
لا تزال محافظة إب اليمنية "وسط اليمن" تعاني من التوسع والانتشار الكبير والمخيف لجرائم القتل والاغتيال والتصفية الجسدية، في وقت يزداد فيه أيضاً عدد القتلى وبشكل يومي، نتيجة الفوضى الأمنية غير المسبوقة التي تشهدها المحافظة القابعة تحت قبضة الميليشيات الحوثية الانقلابية منذ 2014.
وشكا سكان محليون في المحافظة لـ«الشرق الأوسط»، من فوضى أمنية عارمة تجتاح محافظتهم ومدنها في الوقت الحالي يرافقها أيضاً انتشار واسع للعصابات المسلحة ومافيا الاغتيالات والقتل والسرقة والنهب والتقطع.
وقال السكان في أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط»، إن محافظتهم، التي كثيراً ما أُطلق عليها في السابق «محافظة الخير والسلام وجنة اليمن الخضراء» تحولت اليوم وفي زمن الميليشيات الانقلابية وعلى غير عادتها إلى أرض خصبة وساحة كبيرة لتصفية الحسابات والثارات والقتل والسطو.
وأشار السكان المحليون إلى الانتشار الكبير لجرائم القتل والتصفيات الجسدية التي تقف وراءها قيادات الميليشيات في أكثر من منطقة ومكان في المحافظة.
وأكد السكان في ذات الوقت ضلوع قادة نافذين في جماعة الحوثي بالمحافظة ووقوفهم الواضح وراء انتشار جرائم القتل والتصفية والنهب في إب وبقية مديرياتها. وقالوا إن «نسب جرائم القتل ومختلف الجرائم والحوادث الأخرى لم ترتفع إلى أعلى مستوياتها ولم تسجل أرقاماً قياسية في المحافظة إلا في زمن وعهد وحكم وسيطرة الميليشيات الحوثية».
وأوضحوا أن ذلك يعد دليلاً واضحاً يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك وقوف الميليشيات الإرهابية وراء تلك الجرائم وجرائم أخرى، حيث تعمل على دعمها وانتشارها وتوسعها.
وارتفعت وتيرة الجرائم الجنائية بما فيها جرائم القتل في عدد من مديريات وقرى محافظة إب، وذلك مع انتشار السلاح، وتدهور الحالة الأمنية بفعل الانقلاب الحوثي واجتياح ميليشياته للمحافظة وممارستها لكل أساليب وسياسات العبث والنهب والسطو والتدمير الممنهج لكل مقومات الدولة.
وحسب تقارير محلية عدة، فقد شهدت محافظة إب ومديرياتها انتشاراً واسعاً لجرائم القتل منذ مطلع العام الحالي 2019، حيث سجلت أكبر نسبة من بين المحافظات اليمنية فيما يتعلق بأحداث القتل والاغتيالات والتصفيات الجسدية.
وكشفت التقارير عن سقوط نحو 20 قتيلاً خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فقط، برصاص مجهولين، ولم تتم معرفة الجناة، فيما لا تزال قضاياهم مفتوحة في أقسام الشرطة دون إحراز أي تقدم فيها.
وخلال الأسبوع الماضي فقط، قُتل أكثر من 7 أشخاص بحوادث جنائية متفرقة وقعت في 4 مديريات تتبع محافظة إب، وجميعها على أيدي مسلحين مجهولين، وفق ما صرحت به جهات أمنية لوسائل إعلام حوثية في المحافظة.
وفي مديرية فرع العدين (غرب مدينة إب على بعد نحو 45 كم)، قُتل شخصان برصاص مسلحين خلال نفس الفترة، فيما قُتل 4 مواطنين بمديريتي الظهار والرضمة، ولقي مواطن آخر مصرعه بمنطقة المشنة إحدى مديريات إب. في حين اكتفت إدارات الأمن الواقعة في تلك المناطق الخاضعة لقبضة الميليشيات الانقلابية، بتسجيل معظم تلك الجرائم ضد مجهولين.
وذكرت تقارير أمنية صادرة عن الشرطة الخاضعة للميليشيات في المحافظة أن إجمالي الجرائم الواقعة في إب خلال العام الماضي 2018 بلغت أكثر من 3073 جريمة متنوعة.
وأفاد التقرير بأن الجرائم الجنائية التي شهدتها المحافظة خلال تلك الفترة، بلغت نحو 2785، في حين بلغ عدد الحوادث غير الجنائية 165 حادثاً، بالإضافة تسجيل 132 حادثاً مرورياً.
وبلغت جرائم القتل وحدها 247 جريمة توزعت بين 205 جرائم قتل عمد، و35 جريمة قتل عن غير عمد، و5 جرائم للاعتداء المفضي إلى الموت، في حين بلغت جرائم الشروع في القتل عن 444 جريمة و191 جريمة للاعتداء العمد و69 جريمة إصابة بالخطأ.
وأغفل تقرير الشرطة الخاضعة للحوثيين الجرائم التي ارتكبتها الجماعة والتي تعدّ بالآلاف خلال العام الماضي، متوزعة بين جرائم قتل ونهب وسطو منظم على ممتلكات المواطنين الخاصة والممتلكات العامة للدولة وأراضي الأوقاف وجرائم ضد حقوق الإنسان، وذلك في محاولة لتغييب تلك الجرائم والتهرب من العدالة.
في سياق متصل، نظم عشرات المواطنين في إب قبل أيام، مسيرة غاضبة ووقفة احتجاجية أمام مبنى ديوان المحافظة للمطالبة بمحاسبة قاتل عاقل إحدى الحارات شمال مدينة إب مؤخراً بعد خلافات حول مادة الغاز المنزلي. وأكد أحد المشاركين من أبناء حي «أبلان» في الوقفة الاحتجاجية، لـ«الشرق الأوسط»، أنهم يطالبون بسرعة إجراء تنفيذ العقوبة بحق القاتل، ووضع حد لجرائم القتل والجرائم الأخرى التي تتوسع يوماً بعد آخر في المحافظة.
ولاقت الحادثة التي حدثت نهاية الأسبوع المنصرم استنكاراً كبيراً ورفضاً شعبياً، في حين ضجت منصات التواصل الاجتماعي بالحادثة، وطالب معظم التغريدات المنشورة بمحاسبة الجاني وإنزال أقصى العقاب بحقه.
وفي حادثة أخرى تضاف إلى سجل جرائم الميليشيات وانتهاكاتها بحق أبناء محافظة إب، أقدم قيادي حوثي بارز، قبل أيام، على قتل عنصرين من أبناء منطقة القفر التابعة لمحافظة إب، في نقيل «خشبة» الواقع بين محافظتي إب والضالع.
وأفادت مصادر محلية بأن قيادياً بارزاً لدى ميليشيات الحوثي في قطاع نقيل «خشبة»، ينحدر من محافظة صعدة، أطلق النار على عنصرين من أبناء منطقة القفر بمحافظة إب، رداً على رفضهما التقدم نحو جبهات الفاخر، ما تسبب بوفاتهما على الفور.
وأوضحت المصادر أن القتيلين كانا قد أكدا أنهما لن يتحركا إلى أيٍّ من جبهات منطقة الفاخر غرب محافظة الضالع، إلا إذا انضم إليهما القيادي الحوثي المنحدر من محافظة صعدة، وهو ما لم يَرُق لذلك القيادي.
وكشفت المصادر عن أن القيادي الحوثي يعامل أبناء مديرية القفر بمناطقية ويدفع بهم إلى خط النار، وكثيراً ما يستخدمهم دروعاً بشرية، بينما يحتمي خلفهم بعض عناصر الحوثي التي تنتمي إلى صعدة، حال مشاركتهم، ناهيك بتنفيذ عمليات تصفية لكل من يحاول الانسحاب في أثناء المواجهة.
المصادر أكدت أيضاً أن موجة انسحابات جاءت رداً على العملية، ما رفع درجة التوتر بين عناصر الميليشيات وقيادتها في إب، وإصدار الأخيرة توجيهات بمنع مغادرة أي فرد ونصب عدد من النقاط على طول الطريق الرابط بين نقيل خشبة ومحافظة إب، وشن حملة اعتقالات لجميع أبناء القفر المنسحبين.