الغارديان: سياسة الأرض المحروقة في اليمن لم تضع نهاية للحرب
نشرت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية تقريراً عن زيارة مراسلها إلى المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي في شمالي اليمن. وكشف التقرير عن صورة قاتمة للأوضاع الإنسانية التي يعيشها اليمنيون بعد أربع سنوات من القصف الجوي للتحالف الذي تقوده السعودية.
وبالرغم من سوء الأوضاع المعيشية في اليمن بشكل عام، ترى الصحيفة البريطانية أن المرتفعات الشمالية الخاضعة للحوثيين تعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم في ظل انتشار الجوع والكوليرا والقصف السعودي.
وتشير الغارديان إلى الغارة السعودية على ذمار في محافظة صعدة بداية سبتمبر على أنهأ الأكثر دموية هذه السنة، وفقاً لـ"مشروع بيانات اليمن". ووفقاً لشهود عيان، فإن سبع غارات جوية هزت المنطقة وذهبت بأرواح 100 شخص، استغرق استخراج جثثهم خمسة أيام كاملة.
وبينما تقول السعودية إنها استهدفت موقعاً عسكرياً يستخدمه الحوثيون لتخزين الصواريخ والطائرات المسيرة عن بعد، يقول الحوثيون إن المبنى المستهدف مدرسة تم تحويلها إلى مركز اعتقال غير رسمي نحو نصف المعتقلين فيه من مقاتلي الحكومة اليمنية برئاسة عبد ربه منصور هادي، بينما النصف الآخر من المدنيين.
وتنقل الصحيفة عن علي أحمد العباسي، أحد الناجين، قوله "لقد زارنا الصليب الأحمر قبل ثلاثة أشهر، ومن المستحيل ألا يكون التحالف على علم بما يوجد هنا".
وتقول الغارديان إن مثل هذه الهجمات تعد جرائم حرب تضرب شمال اليمن باضطراد مقلق، وتصب معظمها في صعدة، ولكن سياسة الأرض المحروقة التي تتبعها السعودية لم تأتِ بأي نهاية مرئية للحرب التي أطلقها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، والذي كان حينها وزيراً للدفاع، بعدما استولى الحوثيون على صنعاء.
ويتفاقم الوضع سوءاً للسعودية مع تنامي قدرات الحوثيين العسكرية بدعم من إيران، التي زودت الميليشات المتمرسة في حرب العصابات بالأسلحة المتطورة مثل الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيرة عن بعد، والتي تستهدف الأراضي السعودية بين الفينة والأخرى.
ويصور البعض اليمن على أنه فيتنام السعودية، لكن الصحيفة ترى أنه لولا الدعم الغربي للحرب السعودية، لكان الوضع أسوأ بكثير، فالسعودية تحصل بشكل مستمر على أسلحة من بريطانيا والولايات المتحدة وغيرهما من الدول الغربية، ويمكن تتبع مصادر هذه الأسلحة بكل سهولة من أرقام تسجيلها التي يعرضها الحوثيون في وكالة إزالة الألغام والمتفجرات في صنعاء، وتشمل هذه الأسلحة أنواعاً محرمة وفقاً للقانون الدولي.
وبالرغم من القصف الجوي والحملة العسكرية، فإن الحياة في مدينة صنعاء المطرزة بمبانيها العتيقة تبدو طبيعية، على السطح على الأقل، فالهدوء النسبي الذي تعيشه العاصمة اليمنية سببه حملة القمع التي يمارسها الحوثيون بحق معارضيهم، وفقاً لـ"مواطنة"، وهي المجموعة الوحيدة المتبقية لمراقبة انتهاكات حقوق الإنسان في المدينة. وتسجل "مواطنة" أيضاً اضطهاد الحوثيين لأقلية البهائيين، والذين تعاملهم على أنهم جواسيس لإسرائيل.
أما الحصار البري والجوي والبحري المفروض على اليمن، فيبقي الشمال اليمني على حافة الانفجار، وذلك رغم أن القيادة الحوثية تضمن استمرار خط إمداداتها في صنعاء عبر طريق بري قادم من سلطة عمان المجاورة، نقلاً عن مصدر دبلوماسي، إلا أن اليمنيين أنفسهم يعيشون محنة لا مثيل لها. وبالرغم من توفر المواد الغذائية في أسواق العاصمة، ادى انهيار الاقتصاد بسبب الحرب إلى تضاعف أسعار المواد الغذائية والمحروقات.
ويعتمد نحو 80% من سكان اليمن البالغ عددهم 24 مليوناً على المساعدات، ونصف ذلك العدد على وشك المجاعة. وتحذر الأمم المتحدة من أنه مع نهاية العام الحالي ستكون أعداد الضحايا من المرض والجوع والحرب قريبة من 230 ألف شخص، أي 8 من كل ألف من سكان البلاد.
وتشير الغارديان إلى أن مشافي العاصمة تغص بمرضى الكوليرا وسوء التغذية من سكان المحافظات المجاورة، بينما ترى نعوات مقاتلي الحوثيين منتشرة على جدران المدينة مزينة باللون الأخضر والورود على شاكلة نظيرتها الخاصة بـحزب الله اللبناني. وترى بجوارها ما يسمى بـ"الصرخة" مكتوب فيها "الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، والنصر للإسلام".