عودة المزروعي لسقطرى تمهيد لانقلاب إماراتي في الجزيرة
[ المزروعي بدأ بتحريض السقطريين ضد السلطات الحكومية ]
بعد أقل من شهر من دعمها انقلاب المجلس الانتقالي الجنوبي على الحكومة في العاصمة المؤقتة عدن بدأت ملامح انقلاب جديد للإمارات في جزيرة سقطرى.
وبدأت الأحداث مع انقطاع التيار الكهربائي عن الجزيرة إثر توقف إمداد الوقود عن محطات التوليد، كما أن مسلحين يقودهم مسؤولون في "الانتقالي الجنوبي" سحبوا مولدات توليد التيار من مقر مؤسسة الكهرباء.
ويوم الجمعة الماضي، حاولت السلطة المحلية إيصال شحنة من الوقود محطة كهرباء قلنسية في جزيرة سقطرى، لكن قوات الحزام الأمني اعترضتها ومنعت وصولها، في تعمد واضح على إبقاء الجزيرة في ظلام دامس.
ويقع أرخبيل سقطرى المكون من أربع جزر في المحيط الهندي قبالة سواحل القرن الأفريقي بالقرب من خليج عدن على بعد 350 كيلومترا جنوبي شبه الجزيرة العربية، ويتمتع بموقع إستراتيجي بحري غاية في الأهمية.
ويقول محمد سالم -وهو مسؤول محلي في سقطرى- إن الإمارات بعد أن فشلت خلال الأيام الأخيرة في السيطرة على الجزيرة من خلال القوة العسكرية اتجهت إلى تأزيم الأوضاع وخنق المحافظة بالخدمات الأساسية مستغلة ضعف السلطات المحلية.
- وصول المزروعي
ويضيف سالم للجزيرة نت أن وصول خلفان المزروعي إلى الجزيرة الأسبوع الماضي كان الشرارة التي أشعلت الأوضاع في المنطقة، إذ بدأ بتحريض السقطريين ضد السلطات الحكومية، في حين بدأت تحركات أتباع المجلس الانتقالي الجنوبي.
والمزروعي هو ضابط إماراتي يدعى في سقطرى بـ"أبو مبارك"، وجاء إلى الجزيرة في مناسبات متكررة بصفته مندوبا لمؤسسة خليفة بن زايد الإنسانية.
وأشار سالم إلى أن أول توجيه للمزروعي كان بنهب مولدات الكهرباء من المؤسسة العامة بدعوى أن تلك المولدات كانت قد قدمتها الإمارات للسلطة المحلية، مضيفا أن "ما حدث كان تعديا على مؤسسات الدولة دون وجه حق".
وكانت مؤسسة الكهرباء في سقطرى قالت في بيان لها إن يحيى مبارك سعيد (قائد قوات الحزام الأمني) والعميد أحمد عيسى (في قوات الحزام) ومسلحين آخرين اقتحموا مقر المؤسسة بعد أن اعتدوا على الحراسة والموظفين، ونهبوا مولدا كهربائيا واثنين من المحولات الكهربائية.
- قوات الانتقالي
وقبل وصول المزروعي بأيام كانت الإمارات قد دفعت بعدد من قوات الحزام الأمني إلى جزيرة سقطرى تعزيزا لأكثر من ثلاثمئة جندي كانوا قد وصلوا إليها في مطلع مايو/أيار الماضي، بعد أن تلقوا تدريبات على يد الإماراتيين في عدن.
ووفق مصدر أمني في سقطرى، فإن الإمارات تريد السيطرة على الجزيرة وفرض الأمر الواقع، في تكرار للأحداث بمدينة عدن، بعد أن سيطرت القوات المدعومة منها على المدينة عقب الانقلاب على الحكومة في العاشر من أغسطس/آب الماضي.
وأشار إلى أن الإماراتيين يظهرون أكثر تحديا هذه المرة ربما قد يصل إلى مواجهات ضد القوات الموالية للحكومة، بعد أن فشلت محاولة قوات الحزام الأمني المدعومة منها في السيطرة على ميناء سقطرى في منتصف يونيو/حزيران الماضي.
ووفق المصدر الأمني، فإن تحركات المزروعي منذ أن وصل للجزيرة تتلخص في لقاء قادة قوات الحزام الأمن والانتقالي الجنوبي، ومن بينهم مدير عام حديبوه سابقا سالم داهق، ورئيس ما يسمى المجلس الانتقالي فرع سقطرى يحيى مبارك، ووكيل المحافظة صالح السقطري.
وأشار إلى أن هدف الاجتماعات هو تنفيذ انقلاب على سلطات المحافظ رمزي محروس رغم وجود القوات السعودية التي تدخلت في سقطرى، لكبح جماح الإماراتيين إبان الأزمة التي اندلعت بين الحكومة والإماراتيين في مايو/أيار 2018.
وقال إن "القوات السعودية عددها قليل وتتخذ موقف الحياد، ولم تتمكن الجمعة من فتح الطريق لشاحنة الوقود التي كانت في طريقها إلى محطة الكهرباء، في تكرار ينسخ الأحداث بعدن".
- مغازلة السقطريين
ووفق المصدر الأمني، فإن الإماراتيين بدؤوا بنشر نقاط لقوات الحزام وتشكيل سلطة موازية في الجزيرة، مع حشد الموالين لهم للخروج في مسيرات منددة بالحكومة ورافضة للسلطات الشرعية.
كما تحاول الإمارات هذه المرة أن تنجح فيما فشلت فيه بالسابق، إذ بدأت بتدليك الأعصاب المتصلبة للمجتمع السقطري الرافض للوجود الإماراتي، الأمر الذي كان يرجح كل مرة كفة المحافظ رمزي محروس.
ووفق سكان محليين تحدثوا في إفادات متطابقة للجزيرة نت، فإن الإماراتيين يحرصون على دعم القبائل وإنشاء مشاريع تنموية صغيرة في المجتمعات المحلية الموالية لهم، وفي المقابل يضيقون الخناق على الرافضين لهم، كأحد أساليب الضغط.
وأعاد الإماراتيون تحسين الكهرباء لدى بعض القبائل، وبدؤوا بتسيير رحلات جوية للسقطريين إلى مطار الريان في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت الخاضع لسيطرتهم أيضا، وأعيد للخدمة دون التنسيق مع وزارة النقل بالحكومة حسبما صرح الوزير صالح الجبواني.
ويستبعد عبد الله بدأهن -وهو ناشط سياسي وأحد سكان الجزيرة-وصول التوتر في سقطرى إلى حد المواجهات بين السلطات والإماراتيين، إذ يرى أن هؤلاء سيعملون على إضعاف دور السلطات المحلية من خلال السطو على المؤسسات وإنشاء كيان إداري موازٍ لكيان الدولة.
وأضاف "من الجانب العسكري سيستغل الإماراتيون الأحداث لصالحهم في تسليح وتقوية الحزام الأمني بحجة حماية ممتلكات عامة من الإصلاح والإخوان تماما كما هو الحال في عدن".