نصفها ذكر والآخر أنثى.. العثور على أول نحلة مزدوجة الجنس
تميل الحيوانات بشكل عام إلى أن تكون ثنائية الجنس، فكلا النوعين -الذكور بأمشاجها الصغيرة والإناث بأمشاجها الكبيرة- ضروري للتكاثر الجنسي.
ورغم ذلك نجد أحيانا كائنات تجمع الجنسين جنبا إلى جنب، وتعرف باسم الكائنات المزدوجة الجنس "الخنثية" (gynandromorphism).
- لأول مرة
عثر علماء من جامعة كورنيل الأميركية على أول نحلة مزدوجة الجنس. ففي غابة "نيوتروبيك" بجزيرة "بارو كولورادو" في بنما، فقست نحلة غير عادية، نصفها ذكر ونصفها الآخر أنثى.
كانت النحلة المكتشفة من نوع "ميغالوبتا آميني" (Megalopta amoenae) وهي من النحل الليلي الذي يسكن أميركا الوسطى والجنوبية. ونشرت الدراسة الجديدة في "جورنال أوف هيمنوبترا ريسيرش" يوم 27 فبراير/شباط الماضي.
من الناحية الفسيولوجية، كان نصف النحلة الأيسر ذكرا، وبه فك سفلي صغير وقرون استشعار طويلة وساق خلفية ضعيفة ذات شعيرات أقل، بينما كان نصفها الأيمن أنثويا، وبه قرون استشعار قصيرة وفك سفلي مسنن وقوي وساق خلفية كثيفة وسميكة الشعر.
- اكتشاف وليد الصدفة
تم اكتشاف العديد من الأنواع الخُنثِية من قبل، بينها 140 نوعا في النحل على الأقل، وكذلك في الفراشات والطيور والقشريات. إلا أنه لم ترصد هذه الظاهرة في نحلة واحدة وهي على قيد الحياة، فكل ما تم اكتشافه كان لخناث ميتة.
تعرف العلماء -بقيادة عالمة الحشرات إرين كريتشيلسكي في معهد سميثسونيان للبحوث الاستوائية بجامعة كورنيل- على النحلة المزدوجة الجنس أثناء دراستهم لإيقاع الساعة البيولوجية لهذا النوع من النحل.
وكان ذلك بمثابة ضربة حظ للفريق البحثي، إذ قد يساعد العثور على نحلة مزدوجة الجنس وهي حية، على فهم الكثير عن هذه الحشرات الرائعة.
- أهمية الاكتشاف
يعتبر تحديد الجنس لرتب الحشرات الغشائية الأجنحة -والتي تشمل النحل والنمل والفراشات- أمرا عجيبا، فبينما تأتي الإناث من البويضات المخصبة، تنتج الذكور من البويضات غير المخصبة.
هذا بالإضافة إلى أنه إذا خصبت بويضة -قد سبق تخصيبها من قبل لتنتج أنثى- بحيوان منوي من ذكر ثان أو ثالث، فإنها تنقسم إلى أنسجة ذكورية منتجة نوعا "مزدوج الجنس" في النهاية.
وقد وصف الباحثون أهمية هذه الظاهرة فيما نقله موقع "ساينس أليرت" قائلين إنها "تقدم نظرة جوهرية قد تفيد في دراسة تطور السمات الشكلية المتخصصة، مثل التشكل الذكوري لإناث سلالات النحل المتطفلات الأعشاش، والتشكل المعدل لطبقات الحشرات الاجتماعية، والطرق الجديدة للتكاثر".
- سلوك النحل المزدوج الجنس
ركزت الدراسات السابقة على معرفة أنماط مختلفة من سلوك النحل المزدوج الجنس، مثل سلوك التعشيش والمغازلة.
لذا قرر الفريق البحثي دراسة إيقاع الساعة البيولوجية التي تربط بين سلوك الأنواع وتفاعلها مع بيئاتها الخارجية، وهل تختلف في النحل المزدوج الجنس عن الأحادي؟
بتتبع سلوك النحل لأربعة أيام، وجد الفريق أن النحل المزدوج الجنس يميل إلى الاستيقاظ مبكرا عن النحل الأحادي الجنس، سواء أكان ذكرا أم أنثى. كما أنهم وجدوا أن الفترات التي يزداد فيها نشاط النحل المزدوج الجنس تشبه إلى حد كبير سلوك إناث النحل.
وتعتبر هذه النتائج مؤشرا أوليا، إذ جاءت من عينة واحدة فقط. لذا لا يمكن اعتبار أن هذه الفروق تعني الكثير، فقد يمكن القول إن أدمغة النحل المزدوج الجنس تحوي إشارات مختلطة خاصة بالجنسين، أو أنها غير قادرة على احتواء الجنسين معا، أو قد تكون النحلة معبرة عن جنس واحد بغض النظر عن شكلها المزدوج الجنس.
لهذا يشير الباحثون إلى أننا ما زلنا بحاجة إلى "إجراء المزيد من الدراسات للوصول إلى فهم أمثل عما إذا كانت اختلافات الساعة البيولوجية مرتبطة باختلاف الجنس في هذا النوع من النحل، وأيضا لفهم السبب وراء اختلال إيقاع نشاط النحل المزدوج الجنس".