إستجابة واسعة لدعوات الإضراب في العراق "ماكو وطن ماكو دوام"
[ بدت أحياء ومناطق كاملة في بغداد خالية ]
بدت أحياء ومناطق كاملة في العاصمة العراقية بغداد، وعدد من المحافظات الجنوبية والوسطى، اليوم الأحد، شبه خالية، بعدما استجاب الأهالي لدعوة الإضراب العام التي أطلقها المتظاهرون، وسط انتشار أمني مكثّف وحالة من الترقب تسود المشهد.
ويأتي الإضراب بعدما تصاعدت دعوات لناشطين، مساء أمس السبت، والتي تفاعلت بشكل متسارع عبر منشورات وبيانات بالشوارع والتجمعات العامة، رافقتها دعوات في عدد من المساجد عبر مكبرات الصوت، للتعبير عن التضامن مع المتظاهرين المطالبين بإقالة الحكومة.
وبدت غالبية الجامعات العراقية والمدارس في بغداد والبصرة وميسان وكربلاء والنجف وذي قار والقادسية وبابل شبه مشلولة مع بداية الدوام الرسمي، وسط قطع للطرق المؤدية إلى بعض الدوائر الخدمية في البصرة وذي قار، وإضراب شهدته بعض المنشآت النفطية أيضاً في البصرة وميسان.
ورفع المتظاهرون عبارة "ماكو وطن ماكو دوام"، وأخرى "إضراب لحين عودة الوطن لأهله"، و"ما خرجنا إلا لطلب الإصلاح"، في إشارة إلى عبارة الإمام الحسين بن علي الشهيرة في العراق.
وصباح اليوم الأحد، بدت حركة السير في شوارع بغداد في منطقة الكرادة القريبة من ساحة التظاهرات والمنصور والأعظمية والعلاوي ضعيفة جداً، إذ لم يخرج غالبية الطلاب والموظفين إلى الدوام الرسمي، بينما أغلق الأهالي عدداً من الطرق الرئيسة، ومنها طريق الشعب والحسينية والبياع، وسط انتشار عسكري واضح في غالبية شوارع العاصمة.
ووفقاً لشهود عيان في عدد من الدوائر والجامعات، فإن "غالبية مؤسسات الدولة معطلة تماماً، إلا من بعض الموظفين والحراس الذين قضوا ليلتهم في دوائرهم تنفيذاً لواجبات مكلفين بها منذ الأمس"، مبينين لـ"العربي الجديد"، أن "الموظفين متضامنون مع الدعوات بتنفيذ الإضراب".
من جهته، أكد الناشط المدني طالب السهلاني، لـ"العربي الجديد"، أن "دعوة الإضراب لاقت قبولاً واسعاً في الشارع العراقي، وأن الدوائر والشوارع خالية إلا من التحركات الضرورية والطارئة للمواطنين"، مبيناً أن "هذا الإضراب أثبت للحكومة مدى تلاحم الشعب مع دعوات المتظاهرين، وأنهم صوت واحد ضد الفساد وحكومات المحاصصة".
وأشار إلى أن "المتظاهرين في ساحة التحرير يرددون شعارات الآن ضد الحكومة والفساد، ونطالب بإقالتها".
وبادرت الحكومات المحلية في عدد من المحافظات الجنوبية إلى تأييد دعوة الإضراب، وإعلان عطلة رسمية لدوائرها، إذ عطلت إدارة محافظة واسط الدوام الرسمي، اليوم الأحد، تنفيذاً للإضراب العام، وقال محافظ واسط محمد جميل المياحي، في بيان، إن "تعطيل الدوام يأتي لفتح المجال لكل من يرغب بالمشاركة في الإضراب بشكل طوعي".
كما أعلنت محافظات بابل وذي قار وميسان أيضاً تعطيل الدوام ببيانات ومواقف رسمية لحكوماتها المحلية.
ووفقاً، لشهود عيان في تلك المحافظات، فإنّ الحياة معطلة فيها، في ظل استجابة واسعة من قبل الأهالي لتنفيذ الإضراب، بينما قام الأهالي، في وقت مبكر من صباح اليوم الأحد، بقطع أغلب شوارع تلك المحافظات الرئيسة، بإطارات وبراميل فارغة كتب عليها عبارات مختلفة، منها "أغلقت تنفيذاً للإضراب العام".
وفي البصرة، خلت الشوارع الرئيسة في المحافظة تماماً من الحركة، وأغلق الأهالي طريق الزبير– الشعيبة، وشارع بغداد، وطريق المطار، بينما نصب المعتصمون سرادقات لهم أمام بوابة دائرة تربية محافظة البصرة، تنفيذا للإضراب.
وحاولت بعض الحكومات المحلية والمؤسسات التحايل على الإضراب من خلال بيانات تحذيرية أطلقتها للموظفين والطلاب، إلا أنها لم تلق استجابة.
ودعت وزارة التعليم العالي، في وقت متأخر من ليل أمس، الطلاب إلى "ضرورة مباشرة الدوام الرسمي يوم الأحد، في جميع الكليات والمعاهد الحكومية والأهلية الصباحية والمسائية، عدا المحافظات التي أعلن فيها تعطيل الدوام رسمياً من قبل حكوماتها المحلية"، محذرة في بيان رسمي الطلاب الجدد من أن "الأحد سيكون آخر موعد لتسجيل الطلبة المقبولين في الجامعات".
ويرى مراقبون أن الاستجابة الواسعة من الشعب لدعوة الإضراب وضعت الحكومة بموقف لا تحسد عليه، وقال الخبير في الشأن السياسي العراقي، إسماعيل العنبكي، إنّ "هناك استجابة غير متوقعة في غالبية المحافظات العراقية لدعوة الإضراب، والتي عكست توافقاً في الرأي بين الشعب والمتظاهرين".
وأكد لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة كانت تقول إن مطالب القلة (تعني المتظاهرين) لا يمكن أن تمرر على الكثرة"، مبيناً أن "استجابة تنفيذ الإضراب أثبتت للحكومة والرأي العام، وحدة الشعب مع أبنائه المتظاهرين، وأن هذه الاستجابة ستضعف الإرادة الحكومية، حتى من جانب قمعها للتظاهرات، بعدما أدركت أن الشعب قد يثور كله بوجهها في أي لحظة".
في الأثناء، جدّد الحزب الشيوعي العراقي دعوته إلى إقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة، استجابة لدعوات المتظاهرين.
وأكد، في بيان، أن التظاهرات "بمثابة استفتاء شعبي عارم لا نظير له"، مشدداً على ضرورة "استقالة الحكومة وفقاً للسياقات الدستورية، وتشكيل حكومة جديدة من عناصر وطنية ذات كفاءة ونزيهة وفعالة، بعيداً عن مبدأ المحاصصة ومنظومة الفساد".