احتجاجات العراق.. السيناريوهات الثلاثة الأكثر احتمالا
قال الكاتب فنار حداد إن التغيير في العراق يبدو حتميا لكنه لن يحدث بين عشية وضحاها، مشيرا إلى ثلاثة سيناريوهات محتملة في البلاد.
وأوضح حداد -في مقال نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني- أن الدولة التي شيدت بعد سنة 2003 لن تستسلم دون قتال، مضيفا أن الاضطرابات المستمرة في العراق تمثل أخطر تحدٍ حتى الآن للنظام السياسي.
وقد سلط رد الحكومة الضوء على أسوأ الجوانب الهيكلية للدولة، منها أن عدم ترابط الدولة العراقية والافتقار إلى المحاسبة التي ميزت الحياة السياسية في العراق جلبا عواقب دموية، مشيرا إلى مصرع أكثر من 250 متظاهرا وإصابة حوالي عشرة آلاف آخرين في الشهر الماضي.
ويعتقد الكاتب أن الخسائر الفادحة تعكس الخوف الذي أثارته الاحتجاجات في الأوساط السياسية، وكذلك انتشار السلطة السياسية والعسكرية والافتقار إلى المركزية في صنع القرار.
كما أن العنف يشير أيضا -وفق حداد- إلى الاستخفاف الروتيني بحقوق الإنسان والقوة المفرطة التي تستخدم، مضيفا أن عدم الترابط في النظام السياسي جلي، فليس جميع أذرع الدولة متورطة بنفس القدر في إراقة الدماء غير المبررة وغير الضرورية.
ويوضح الكاتب أن وجود جهات في الأوساط السياسية والعسكرية تدعم الاحتجاجات وتتضامن معها، يعكس طبيعة النظام السياسي العراقي، إذ إن جميع الحكومات ما بعد 2003 هي "حكومات توافقية" مؤلفة من جميع الأطراف الفاعلة في السياسة رغم التناقضات والعداوة وتقاطع أهدافها.
- استهداف النظام
بعد كل انتخابات يقسم المكتب السياسي بين الأحزاب الرئيسية، في نظام يتسم بالتواطؤ بهدف الاحتفاظ بالسلطة والوصول إلى موارد الدولة التي يتم التلاعب بها عن طريق الفساد ونسج شبكات المحسوبية التي تشمل كل جانب من جوانب الحياة العامة والاقتصادية، وفق كاتب المقال.
وهذا النظام هو المستهدف من قبل السخط العام اليوم، ولا سيما أنه قسم العراقيين بين فئة حاكمة ومن على صلة بهم وبين الأغلبية المهمشة والفقيرة.
ومع ذلك، فإن القصور الهيكلي الأكثر وضوحا بفعل الأزمة الحالية هو انفصال الطبقة الحاكمة عن المزاج العام، ويوضح الكاتب أنه لا يبدو أن الطبقة الحاكمة استوعبت بشكل كافٍ إصرار المحتجين على أن تغيير الوجوه والوعود بالإصلاحات و"الصدقات" ستكون كافية لوضع حد لهذه الاحتجاجات.
- صدام الإرادات
هذا الجيل بدا أقل اهتماما باعتبار الشيعة هم الضحية وبالاستحقاقات، ولكن محور تحركه يأتي سخطا من إخفاقات النظام الذي ميز فترة ما بعد 2003.
وبما أن أكثر من 58% من العراقيين هم أقل من 24 عاما فإن ذلك يحتم على الطبقات السياسية الاستماع لهم واستيعابهم "احترموا شبابكم" نصيحة سليمة للمؤسسة السياسية فكم تمضي؟ كما يقول الكاتب.
ويشير فنار حداد إلى أن الاحتجاجات تهدف إلى إصلاح النظام، في حين أن الطبقات السياسية تريد إنقاذه أو على الأقل نسخة "معدلة" منه.
لكنه يضيف أن جذور المأزق في العراق تكمن في عدم وجود معارضة سياسية رسمية يمكنها أن تأخذ عباءة الإصلاح، وافتقار الطبقات السياسية إلى المصداقية اللازمة لإقناع المحتجين بأنهم سيقومون بتغيير حقيقي، وهذا يترك طرفين متناقضين، أحدهما يسعى إلى الحفاظ على النظام السياسي والآخر لإصلاحه.
- السيناريوهات المحتملة
ويتوقع الكاتب ثلاثة سيناريوهات للأزمة في العراق، أحدها يتمثل في استمرار الاحتجاجات لأشهر مع تشكيل منظمات سياسية تتوسط بين الحكومة والمحتجين.
والسيناريو الثاني أن البلاد قد تشهد مرحلة مطولة من الجدل والاعتراضات بشأن النسخة المعدلة للنظام السياسي، ويؤمل في مثل هذا السيناريو أن يظهر إطار أكثر استجابة وتمثيلا للشعب العراقي.
والبديل لكل ذلك هو انتصار قوى القمع، وهو ما سيؤدي إلى ظهور نظام أكثر دكتاتورية.
أما الشيء الوحيد المؤكد -كما يخلص الكاتب- فهو أنه بغض النظر عن صمود المحتجين فإن المستفيدين والداعمين للدولة لن يحزموا حقائبهم ويغادروا في أي وقت قريب.
ويختم بما نقله عن إحدى الشخصيات العامة المنتمية إلى الحشد الشعبي "هل يعتقدون أننا سنسلم الدولة والاقتصاد، وهو ما بنيناه على مدى 15 عاما؟ هذه دولة بنيت بالدم".